شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ عبد الله بغدادي ))
ثم أعطيت الكلمة للأستاذ عبد الله عبد المجيد بغدادي، فقال:
- "الاثنينية": "حَلْبة بيان لفَرَس رِهان".. وقد سابق في مثلها من قبل "شوقي" أمير الشعر العربي ورسم لها صورة رائعة في يوم تكريمه، فقال:
إنَّمَا أَنْتَ حَلْبَةٌ لَمْ يُسَخَّر
مِثْلُهَا لِلكَلاَمِ يَوْمَ رِهَانهِ
تَتَبَارَى أَصَائِلُ الشَّامِ فِيهَا
وَالْمَذاكي العِتَاقُ مِنْ لُبْنَانِهِ
وَتَرٌ في اللَّهَاةِ (1) ، مَا لِلمُغَنّي
مِن يَدٍ في صَفَائِه وَلِيَانِهِ
رُبّ سَامي الْبَيَان نَبَّهَ شَأنِي
أَنَا أسْمُو إلَى نَبَاهةِ شَانِهِ
موكب الشعر حَرَّكَ المتنبي
في ثراه، وهَزَّ من حسّانه
 
- وفارس حلبة الاثنينية وأديبُها المُجَلِّي "عبد المقصود خوجه"، وقد ضربَ قُبَّتَها على رَبوة من جمَال، وتلة من جَلال في ظِلال الوادي، ريَّانة الجنباتِ بالوُّرَّاد من رموز العِلم وشُخوص الأدب.
- وحَيث يتم تكريم النبغَة منهُم لِسَانهم ينفثُ الدّر وتحفة طبقة عميقة الثقافة، ذهنية الرؤى، ويموج بجَمهرة من رجال الفكر والأدب، ويتواصل اللقاء بهم فوق أرضية خصبة لحوار ممتع متنوع بين الأجيال والأفكار..
- "والاثنينية" دليلُ عشقه الموروث للأدب؛ فقد عايش الهَوادي، وسامر الطلائع، وناقش الصّفوة منذ كان بُرعَم ورد، وفتىً طري عمر ونضير شباب؛ فتربت فيه مَاسِيّةٌ أدبية مبكرة، فامتهن السمر في صالونه الأدبي الاثنيني، وتصدّر هالة مجلسه.
- وقد صار شيخاً وقوراً ويأخذُ المِخْصَرة بيدِه، يجلسُ تحت قُبة من جَمال فوق ربوة من جلال، عند قصره المنيف عليه تحيةٌ وسلامٌ خلعت عليه جلالها الأيام؛ فقد عشقها وأحبها كما يحب الحب قربُه ووصاله وقلبُه وفؤاده، وأعطاها عمراً وشباباً كَلَّل هامة الأدب بالحب لديوان العرب؛ وعن حبه ووفائه الخَلاّب تجلو الليلة صورة ريانة طرزها الحب، وعَلاَ فيها الوفاء لخدنه ورفيق صباه، وسِمْط دهره، وصنو عمره.. الأديب الكاتب، الجهبذ، والإعلامي الباهر: "عبد الكريم نيازي"..صاحب قَلَم برائع الكلم وبديع النغم..، ريشته من ذهب إبْرِيز، ونثرٍ وإبداع مُثقِل بالجَنْي..، سنبلته تطيب وغلالته من سندس قشيب، ما خَطّ به إلاَّ وفاء وما قَطَر مدادُه إلا حُبّاً. يسكب الكلمة على الطَّرْسِ فيحيلها إلى نغمٍ وجرس، كأنه ذراع العاشق تلف الأمل الحاني وغمَّة القلب، وتذيب ليالي الوَجَع.. إلى طيبات وطيبات، من سوانح تحرك الياسمين، وتكُبُّ الشّذا في العقول؛ عاشقُ متطلع إلى حسن، غامسٌ قلمه بعطر من حقول الورد والزهر، ومن ممرات الياسمين، وقلائد الفل والزنبق ينمو باقة حب وسوسن وسلسل.
- صحبت "النيازي" زمناً، وترافقنا طريق العلم والمعرفة منذ مطلع شبابه، وشرخ صباه.. يوم كان يطلب المعرفة الوثيقة، في مدرسة تحضير البعثات..، وكنت على دَسْتِ هذه المدرسة العريقة والمؤثرة في النهضة المعاصرة؛ وبين أهل العلم نسب متصل، والتقيت به أخرى في أكثر من موقع؛ وبعد صولة وجولة له في دنيا الإعلام أبدع فيها إبداعة الجُلوة المتأنقة، وتَنَدّب منه حسناوات جياد سابغات رافلات، فكان الوفي والندي والخُلة وصاحبها..، ولألاء من الذكر، وجمرة من نهار، ووهج من الحب.. يرخي الضحى عليه إزاراً.
- وقد فزعت وجزعت إثر حادث أليم وقع له وآلمني أشد ما يؤلمه.. فلما انتهى ألمه صحا قلمه، وعاد للقلب نبضه وللقلم عافيته..، فقلمه المبدع لن يكف عن الدفق والإبداع..، يَخْلعُ على اللفظة حُباً جديداً، فيخلقها خَلقاً جديداً..، تأتيه شيقةٌ حواها شَيّق، ثم يمضي بها صوبَ صَيْرورَتِها دنيا من زَهرٍ وقَوْلة حق؛ يطوع الكلمة بقلمه لتلمع خلية نابضة؛ حديثه دائماً من خطرات العقل لا يمجه السمع، وترتاح له النفس، ويطرب له القلب..، متمثلاً بمقولة فيلسوف الأدباء "أبو حيّان التوحيدي":
- "لفظٌ عذبٌ، ومأخذٌ سهل، ومعرفة بالوصل والقطع، ووفاء بالنثر والسجع، وتباعد من التكلف الجَافي، وتقارب من التلطف الخافي..، ينشر الحكمة (كما في كتابه: "قضايا فكرية").
- ويشرّف الهِمة، ويزيد في الفهم والأدب، ويُنفِّقُ بضاعة أهل العلم في السوق الكاسدة، ويوقظ العيون الناعسة، ويَبُلُّ الشّنّ المتَغَضّف، ويندي الطين المترشف، ويذلّلُ قَعُود الصبر، ويُجم راحلة الأمل، ويُحْلي مرَّ اليأس".
- وأخيراً.. وليس آخراً: "فالنيازي الأديب" حُلو الجَنَى، عليه مسوح النور الجابر والضوء الهادي، والشعاع الحافي..، رائقٌ كبسمة تتهادى على غدير عُذْرِيّ الماء، بِكر الموجة، صَبْئِيُّ الشطآن، علوي الينابيع، مبحرٌ في زورقه الفضي المثقل بالجنى العنبر، نحو شطآن الغد المشرق، وطلعة الأمل البسَّام.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :855  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 15 من 171
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.