بسم الله الرحمن الرحيم |
مقدمة الناشر |
"الجبل الذي صار سهلاً" يسعدنا أن يكون بداية لمرحلة من مراحل نمو تهامة، ويسعدنا أيضاً أن يكون عنوانه عنواناً لتجربة قررنا أن نخوضها.. فعلى الرغم من أن أديبنا الراحل الأستاذ أحمد قنديل يصوّر فيه تجربة ذاتية عميقة تنطلق من واقع الانتماء وتبرز في جلال محلق صورة من صور الإنجازات الكبيرة، إلا أننا أردنا أن نخوض به تجربة مماثلة.. ولكن في ميدان النشر. |
إننا ندخل هذا الميدان لا لمجرّد نزوة عارضة.. وإنما لرغبة عارمة تولَّدت عن قناعة أملتها ظروف ومتطلبات التنمية البشرية في هذا الوطن الغالي، وتستمد هذه التجربة أهدافها من حقيقتين رئيسيتين: |
أولاهما: أننا أمّة حضارية تمتلك رصيداً ضخماً من التراث الإسلامي في مختلف المجالات، وأن علينا أن نستحدث ما أمكن من القنوات المختلفة للعمل على تحقيقه ونشره وتداوله في أرجاء الأرض. |
وثانيهما: أن واقعنا المعاصر يتطلّب عناية فائقة في الاهتمام ببناء الإنسان.. وأن متطلبات التنمية البشرية تحتاج إلى كل الوسائل الناجحة لبناء الإنسان المسلم بناء يستمد أصوله من المبادئ الخلقية والإنسانية لعقيدته الإسلامية. |
وفضلاً عن ذلك، فإن القناعة بضرورة نشر المعرفة، وإتاحة الفرصة لرجال الفكر لنشر أعمالهم من خلال مؤسسة وطنية كانا من أهم الدوافع للتفكير في ارتياد هذا الميدان. |
ولقد استلزم الأمر في البداية أن نفكر في مفهوم النشر من خلال تعريفاته المقننة، فوجدناه لا يقتصر على تأليف الكتاب أو تصنيعه أو تسويقه، بل يجمع كل هذه الأطراف الثلاثة معاً، وأن هذه العناصر الثلاثة مجتمعة تمثل حجر زاوية في الحكم على الملامح الثقافية في أي مجتمع من المجتمعات. |
ومن هنا كان علينا أن ندرس حركات النشر في مختلف دول العالم، ما هي ظروف نشأتها؟ وما الذي وصلت إليه؟ وما الذي تمثِّله اقتصاديات الكتاب في كلِّ ثقافة من الثقافات المختلفة؟ |
وعند دراسة واقعنا المعاصر في مجال النشر في المملكة العربية السعودية كانت تسيّطر علينا حقائق كثيرة أهمها: |
1 ـ أن التنمية البشرية والاجتماعية تعدان من أهم الأولويات في خطط الدولة، وأن ترجمة هذه الأولويات يتطلب إسهاماً فكرياً من قبل المفكر السعودي. |
2 ـ أن فلسفة التعليم العام بمراحله المختلفة سواء المدرسي أو العالي أو المهني تقوم على مبادئ دينية وأخلاقية إسلامية.. وأن من الضروري متابعة تطبيق تلك الفلسفة وبلورتها في الأدوات التعليمية والتثقيفية وأهمها الكتاب المدرسي والكتاب الجامعي. |
3 ـ أن الدولة تستثمر كل جهودها في إعداد الكفاءات والكوادر العلمية المؤهلة تأهيلاً عالياً كي تضطلع بأدوار التوجيه أولاً، ثم بأدوار المتابعة والتطوير عن طريق البحث العلمي، وأن من الضروري أن تقوم مؤسسات متخصصة للنشر تعمل جنباً إلى جنب مع المؤسسات العلمية لتنشيط حركة البحث العلمي وتطويره. |
4 ـ أن كثيراً من المفكرين المعاصرين يواجهون صعوبات جمّة في تمويل ونشر أعمالهم الفكرية، وأن المؤسسات الوطنية القائمة ليست كافية لاستقطاب هذه الأعمال. |
5 ـ أن رأس المال السعودي الذي استثمر في مجالات شتى، عليه أن يساهم في مجالات النشر ويشارك في المجالات التي تعمل على بناء الملامح الحضارية لهذه الأمة. |
6 ـ أن الدور الريادي الحالي للملكة العربية السعودية، وخاصة في ظلِّ ظروفٍ دولية متغايرة ومتفاوتة يتطلّب بذل جهود كبيرة لتأكيد الملامح الخاصة لمجتمعنا المسلم.. وأن أوعية الفكر وأهمها الكتاب يمكنها أن تبلور تلك الملامح. |
7 ـ أن الاقتصاديات الحالية للكتاب السعودي لا تتناسب وأهمية الدور الذي تلعبه المملكة على المستوى الدولي في مختلف المجالات. |
ومن هنا كان علينا أن نخوض هذه التجربة.. نخوضها لأننا على يقين من أهميتها.. كما نخوضها لأننا نؤمن أن من واجبنا كمؤسسة وطنية أن تساهم مع الدولة في كل ما من شأنه رفعة وتقدم هذه البلاد.. وسنجد في سبيل ذلك كل دعم وتأييد بإذن الله. وسنخوض التجربة في مجالات عديدة. |
في مجال المعرفة العامة، ستتولى تهامة للنشر إصدار عدد من السلاسل كسلسلة الأعمال الأدبية السعودية، وسلسلة الدراسات التاريخية، وسلسلة الدراسات الاقتصادية، وسلسلة الدراسات الاجتماعية وغيرها. |
وفي مجال المؤلّفات الجامعية ستستقطب تهامة للنشر جهود أعضاء هيئات التدريس من السعوديين عن طريق نشر مؤلفاتهم وتسويقها. |
وفي مجال البحوث العلمية ستتولى تهامة للنشر إصدار سلسلة الرسائل العلمية، كما ستقوم بنشر البحوث العلمية التي يعدها الباحثون في المملكة العربية السعودية. |
وفي مجال المؤلفات الخاصة للأطفال، فإن تهامة للنشر ستعمل على نشر سلسلة للأطفال تستمد أصولها من واقع البيئة السعودية وتقوم على المبادئ الخلقية والإنسانية للدين الإسلامي. |
وبالإضافة إلى ذلك، فإن التراث المخطوط سينال العناية الخاصة، وسوف تستثمر المؤسسة جهودها في سبيل تحقيقه ونشره. |
وحتى لا نكون مغالين في تصوّرنا، فإن إنجاز مثل هذا المشروع يتطلّب جهداً ووقتاً كبيرين، لا سيما وأن الكثير من التجهيزات الأساسية كالمطابع والعمالة وقنوات التوزيع الداخلي والخارجي ليست بصورة متكاملة، وحسبنا أن نبدأ بداية جيدة، ونخطو خطوتنا الأولى، فطريق الألف ميل يبدأ بالخطوة الأولى.. |
وإذا كانت تلك آمالنا، فإن تحقيقها يعتمد بالدرجة الأولى على التعاون الصادق الذي يمكن أن يتم فيما بين المؤلّف الجيد والقارئ المناسب والناشر الكفؤ. |
وإلى "الجبل الذي صار سهلاً" . . . |
تهامة
|
|