شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
هَذهِ الدُّروسُ ـ الحِوَارُ!!
بقلم الكاتب الكبير الأستاذ: عبد الله الجفري
لم أحاول أن أفسر إصرار صديقي عاشق اللغة ((محمد إسماعيل جوهرجي)) على كتابة مقدمة لهذه الحوارات بينه هو ((الشيخ)) وتلميذه الفتى.. إلاّ من جانب واحد فقط أعرفه عن هذا الشيخ اللغوي منذ كنا فتياناً وتلامذة في المدرسة الرحمانية بمكة المكرمة.. وكان هو يومها: الفتى محمد، الذي عشق اللغة، وانطلق في تجميع كتبها، والجلوس إلى أساتذتها، وطَرْح الأسئلة عليهم.. حتى تميَّز بيننا وفينا بهذا التخصص في دراسة اللغة، وقواعدها، ونحوها، وصرفها، وجمالياتها.. وكنا نرجع إليه كلما أشكل علينا إعراب أو تصريف في اللغة، ولعلَّني ما زلت أستعين به إلى اليوم، رغم أنه يشهد لي بـ.. قلة الأخطاء!!
ذلك جانب هام في نشوء الدارس، العاشق للغة، المتميز في تصريفها/ محمد إسماعيل جوهرجي... منذ نشأت بيننا صداقة العمر عبر بوابة الزمالة في المدرسة وحتى صار لكل منا أحفاد نحبهم كأنهم يُشكِّلون لنا: لغة أخرى عن المستقبل.
أما الجانب الآخر، فيتمثل في صقل ذلك الطموح، واكتشاف الموهبة في كل واحد منا.. فكنت بين زملائي في المدرسة، ومن خلال النشاط المدرسي وصحف الحائط: أميل إلى كتابة القصة القصيرة بإمكانات موهبتي المحدودة في ذلك العمر.
وكان ((محمد إسماعيل جوهرجي)): يميل إلى كتابة الشعر الذي يصرُّ على نسجه: موزوناً، مقفَى.. حتى يُظهر لنا من خلال القصيدة التي ينظمها: قدراته اللغوية، وبراعته في استيعاب بحور الشعر، والعروض، والقافية، والموسيقى.
يومها.. أجمعنا أن نطلق عليه اسماً كالصفة، أعجبه.. فاستمر يوقع قصائده الشعرية بذلك الإسم: (موهوب) طوال سنوات الدراسة حتى النضج.
وهكذا.. صار له إسمان: سيبويه في عشقه للغة، وبخاصة النحو وتميُّزه بيننا بدراسته وسعة إطلاعه في هذا المجال.. وموهوب في ميله إلى الشعر، و (تجليسنا) أمامه ليقرأ علينا قصيدته الجديدة في كل مرة.
* * *
وفي هذه المقدمة القصيرة لكتاب هام ومتخصص في علمه.. يهمنا أن نتوقف أمام المؤلف عاشق النحو، أو ((السيبويهي))، وقد سبق للأستاذ ((محمد إسماعيل جوهرجي)) أن أصدر كتابه: (الموجز في النحو)، واستطاع أن يقدم لطالب العلم عاشق اللغة: تلخيصاً، أو موجزاً شاملاً متكاملاً في النحو.. مما يؤهل هذا الكتاب لاعتماده مقرراً في مناهج التعليم.
أما هذا الكتاب الجديد: ((قال الفتى)).. فكأنَّ المؤلف أراد أن يحتفي من خلاله بعلم الكلام أو البيان، والتركيبات الأساسية لهذا العلم، والتعرف على: علامات الفعل الأصلية التي تدل عليه.
ولهذا الكتاب قصة:
كتب الأستاذ ((محمد إسماعيل جوهرجي)) الحَلْقَةُ الأولى دون أن يخطر في باله ولا في خطته أن تكون هذه الحَلْقَةُ خميرة لكتاب.. لكنَّ الإقبال على ما أعقب الحَلْقَةُ الأولى، كان حافزاً له على الاستمرار، خاصة بعد أن تبلورت فكرة استكمال العمل من الأستاذ ((علي حسون مدير تحرير صحيفة البلاد آنذاك التي كانت تنشر له هذه الحلقات.. إذ اقترح أن تتبنى مؤسسة البلاد طباعة هذا الكتاب المتميِّز في طرحه السهل ليستفيد القارىء والدارس.. بل لتستفيد مجموعات كبيرة من العاملين في الحقل الصحافي، بعد أن صرنا نلاحظ كثرة الأخطاء اللغوية حتى في العناوين الكبيرة))!
وواكبْتُ هذا الحماس الذي ((اندلع)) في همة الصديق ((محمد إسماعيل جوهرجي))، وهو يستمزج الكتابة بهذا الأسلوب المبسط لشرح قضايا هامة في اللغة وقواعدها.
وإذا كانت مؤسسة ((البلاد)) لم تف بوعدها في طباعة الكتاب.. فإن الفكرة قد نضجت وتفاعلت في عزيمة المؤلف، ويكفي الأستاذ ((علي حسون)) أن كان المُحَرِّضَ على مواصلة المؤلف للكتابة حتى بلغ عدد الحلقات (73) حلقة.
* * *
ـ وحرص المؤلف في هذا الحوار اللغوي النحوي بين الفتى وشيخه أو معلمه.. أن يشرح لبنات هذا البناء/ قواعده وأسسه.. ومن الأمثلة التي شرحها في هذا الحوار:
ـ قبول الفعل لـ ((تاء)) الفاعل، وهي التاء المبسوطة التي تلحق بالفعل.
ـ تقسيم الفعل من حيث زمنه.. وهل للفعل أزمنة تخص كل نوع منها؟!
كيف جاءت لفظة ((سنين)) جمعاً في الآية الكريمة: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ (الكهف: 25)، مع أن القاعدة تقول: يجيء التمييز بعد لفظة مئة وألف مفرداً مجروراً لا غير!
ـ إن النحو في الكلام: أصل للمعنى.. فإذا استقام المعنى استجاب له النحو، وقديماً قالت العرب: النحو في الكلام كالملح في الطعام من حيث ضبطه ومعناه.
الاختصاص: وفيه يجيء الاسم منصوباً بعد فعل مقدر بـ ((أخصّ وأعنى))، ولا بد أن يكون بعد ضمير منفصل.. كأن نقول مثلاً: نحن، لنا، أنتم، هم.
وفي كل درس من هذه الدروس النحوية.. يسأل الفتى، ويجيب الشيخ مبسطاً الإجابة لسرعة الفهم.
وكأنَّ المؤلف.. قد حرص في دروسه الخلاصة هذه أن يطوف بأمهات كتب اللغة، وبكثير من مباحثها.. ليقدم خلاصة شاملة لهذا العلم الشاسع، ويعيدنا إلى الفطاحل في اللغة بعد سيبويه، ومنهم: ابن جني في ((الخصائص، وسر صناعة الإعراب))، وابن فارس في كتابه: ((الصاحبي))، والثعالبي ـ جاحظ نيسابور ـ في ((فقه اللغة وسر العربية))، والسيوطي في كتابه ((المزهر في علوم العربية وأنواعها)).
ولكنَّ المؤلف في كتابه هذا.. لم ينهج ـ أكاديميًّا ـ إلى البحث اللغوي.. ولكنه كتب دروساً نحوية، راعى فيها: التبسيط، والتيسير.. كما جاء في الأثر: ((زكاة العلم: تيسيره))!
ـ وأراد المؤلف أن يقدم خدمة للأجيال الصاعدة بهذا التبسيط في الطرح لتعليم النحو أو فقه اللغة، وصناعة الإعراب.
ويمكن لكاتب سيناريو جيد أن يفيد الشباب عبر برنامج تلفازي بهذه الدروس النحوية التي تُحوّل إلى حلقات، شبيهة ببرنامج عن تعليم اللغة، كانت تعرضه تلفازات أقطار الخليج العربي.
إن هذا الكتاب المتخصص في دروس النحو بأسلوب جذاب وبسيط، وبعرض مشرق يقوم على الحوار لكسر الملل أثناء القراءة.. إنما يأتي إضافة (حديثة) لكتاب نرشحه أن يكون ضمن المقرر الدراسي.. لأنه قريب جِدًّا من فهم الدارس، وحَفِيٌ بلغتنا الجميلة.. خاصة في هذا الجيل الذي ركض وراء اللغة الثانية، وأهمل لغته الأم.. وانعكس هذا الإهمال على الذين يحملون المؤهلات الجامعية ويخطئون في اللغة، و.. حتى في الإملاء!
إنها لغة الضاد.. اللغة الشاعرة.. اللغة الكريمة التي نزل بها القرآن!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1141  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 3 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج