شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 1 ـ
(موسيقى خفيفة تتخللها همسات وأصوات تعلو وتنخفض مما يدل على اجتماع نسمع بعده صوت هذال يقول).
هذال: يا بني أنصار لعلَّكم سمعتم بالدين الجديد الذي جاء به محمد القرشي..
أصوات: بلى.. بلى..
هذال: وقد جاءكم أيضاً أن وفود القبائل تزحف أفواجاً أفواجاً إلى يثرب لتدخل في هذا الدين..
أصوات: بلى.. بلى..
هذال: فما رأيكم في الدخول فيما تدخل فيه هذه القبائل.. وأبو عمرو يرى في هذا الدين الخير والنفع لقومنا..
أصوات: إذا كان هذا رأي أبي عمرو فنحن معه..
هذال: إنه دين يدعو إلى الهدى والرشاد، إلى المحبة والإخاء.. والمساواة بين جموع من دخلوا فيه لا فرق بين غنيهم وفقيرهم وأميرهم وحقيرهم إنه دين يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر..
أصوات: هيا بنا نذهب مع أبي عمرو إلى يثرب..
هذال: سينتخب أبو عمرو من بيننا وفداً يصاحبه إلى يثرب..
أصوات: إنه لها.. إنه لها..
(موسيقى تختلط برغاء الإبل وصهيل الخيل وأصوات مبهمه وضجيج مما يدل على زجاج نسمع بعده صوت رباح يقول):
رباح: ما رأيت مثل هذا الحشد الكبير بيثرب هذا العام يا صفوان..
صفوان: إنه عام الوفود..
رباح: فقد شرح الله صدورهم وقلوبهم للإسلام فهرعوا للدخول فيه..
صفوان: لقد امتلأت منازل المدينة وأزقتها وحواريها بجموع الوافدين من كل حدب ينسلون..
صوت صادر من مكان بعيد: إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ. وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً. صدق الله العظيم (سورة النصر: 1 - 3) .
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مزنة تقول):
مزنه: ما بك يا صفية - أراك تلهثين وكأنك قادمة من مكان بعيد..
صفية: أنت تعرفين أين أسكن يا مزنه..
مزنه: بلى.. بلى.. أنك تقطنين قريباً من دارنا فماذا أصابك..؟
صفية: جموع الوافدين.. غيرت اتجاه سيري إليك عدة مرات وأنا أشق طريقي إلى منزلك فكم صدمني جمل ولكزني حمار بالإضافة إلى كلام الناس، إلى أين يا أمة الله في هذه الزحمة..
مزنه: لقد جئت في الوقت المناسب يا صفية..
صفية: ماذا عندك؟
مزنه: لقد جاء والدي صفوان هنا قبل قدومك ليخبرني أن بعض الوفود سينزلون عندنا..
صفية: وأين هذا الوفد؟
مزنه: لقد ذهبوا مع والدي للسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وللدخول في الإسلام..
صفية: وأنا جئت إليك لأطلب منك إعارتي بعض الوسائد والمفارش لضيوفنا من تميم، وأراني سأعود بخفى حنين أو بدون خف..
مزنه: لا عليك يا صفية.. فحاجتك مقضية بإذن الله وسأرسلها مع أخوتي حين يحضرون والآن خذي راحتك فآثار التعب بادية على محياك..
صفية: لا عدمتك يا مزنه.. بورك فيك..
مزنه: نسأل الله أن يديم علينا نعمة الإسلام فقد أعزنا الله به فارتفع بنا من مهاوي الذل والعبودية إلى قمة المجد والكرامة..
صفية: صدقت يا مزنه.. هل تحلم المدينة بهذه المكانة وبهذا السؤدد لولا الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم..
مزنه: أجل.. وإني لأدعو الله أن يمتد بي العمر فأرى شمس هذا الدين تضيء العالمين..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عامر يقول):
عامر: هل تجلى لكم يا قوم صدق ما كان يحدثنا أبو عمرو عن هذا النبي الكريم ونحن في طريقنا إليه..
أحدهم: إنه لم يقل إلا قطرة من بحر إذ أنه من المستحيل أن يحيط المرء بشمائله عليه الصلاة والسلام..
عامر: صدقت.. إننا في كل لقاء به نستكشف جوانب مشرقة تبهر الأبصار وتأخذ بمجامع القلوب..
أحدهم: قل لي يا عامر..
عامر: ماذا؟
أحدهم: سمعنا أن النبي صلى الله عليه وسلم سيسير أبا عمرو لهدم صنم ((الخلصة)).
عامر: بلى.. بلى..
أحدهم: ولكنها مهمة دقيقة وشائكة فصنم ((ذي الخلصة)) له منزلة كبيرة عند مدينة بني أمامة وخشعم وأزد السراة..
عامر: لا تخف.. فقوة الإسلام ستحطم الأصنام وستطهر هذه الجزيرة من رجسها وأدرانها ولن يعبد بعد اليوم إلاّ إله واحد لا شريك له..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت صفية تقول):
صفية: ما بك يا مزنه.. أراك ساهمة واجمة.. كلما حدثتك عن شيء شرد تفكيرك إلى جهة أخرى.. أأطلت حديثي ومقامي.. أم أنك تشكين من علة..
مزنه: لا أشكو من علة يا صفية ولا أطلت حديثك ومقامك فمجيئك قد سرّى عني بعض ما أشكو..
صفية: وتشكين من أي شيء يا مزنه..
مزنه: لا شيء.. لا شيء..
صفية: لا شيء.. وأسارير وجهك تكاد تنطق بما يعتلج في نفسك.. ألعلّك..
مزنه: ألعلي ماذا؟
صفية: ألعلّك وقعت في..
مزنه: (مقاطعة) كيف عرفت؟
صفية: أمائره لا تخفى على من جربه وذاق لوعته وأشجانه..
مزنه: أهذه الأمائر ظاهرة على محياي؟
صفية: كل الظهور..
مزنه: ولكني لا أراها..
صفية: ولكنك تحسين بها، وتحاولين كتمانها غير أن أسارير وجهك وحركاتك وسكناتك تفضح ذلك.. يلوح لي..
مزنه: يلوح لك ماذا؟
صفية: يلوح لي أنه شيء كبير وأنك غارقة فيه إلى أذنيك وأن هنالك ظروفاً تمنعك من البوح به.. أليس كذلك؟
وتحاول مزنه جاهدة أن تكتم ما بنفسها ولكنها لم تستطع فإذا بها تنفجر باكية فتقول لها صفية:
ابك.. ابك فالبكاء نفثة المكلوم ومتنفس المحزون والمهموم، ابك ولكن قولي..
مزنه: أقول ماذا؟
صفية: قولي من الذي أبكاك..
مزنه: أعفي يا صفية..
صفية: أأقوله أنا يا مزنه؟
مزنه: قليه..
صفية: إنه يوسف هذه الأمة..
مزنه: (مندهشة) تقولين إنه يوسف هذه الأمة.. من أين عرفت ذلك..
صفية: من عمر بن الخطاب الذي كان يقول كلما رآه: ((هذا يوسف هذه الأمة)).
مزنه: صدق عمر بن الخطاب. لقد أوتي جمال يوسف عليه السلام..
صفية: ولكن لم تبكين؟ وقد خطبك ولم يبق إلا زفافك إليه..
مزنه: أبكي لأني أخشى عليه..
صفية: تخشين عليه ماذا.. ها.. ها.. تذكرت.. تخشين عليه أن يستشهد..
مزنه: لا يا أختاه فالشهادة هي منتهى أمل كل مسلم.. ولكن..
صفية: ولكن ماذا؟
مزنه: لا تحرجيني يا صفية..
صفية: فهمت.. فهمت إن شاء الله سيعود إليك سالماً غانماً بإذن الله..
مزنه: يا رب.. يا رب..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت رباح يقول):
رباح: أرى الفرحة تشيع في محياك يا صفوان..
صفوان: ولم لا أفرح وقد عاد يوسف هذه الأمة من حملته سالماً بعد أن هدم صنم (ذي الخلصة) وبيت السدنة وأحرقهما..
رباح: من حقك أن تطير فرحاً يا صفوان ولا سيما وقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن قضى على الحشود التي تجمعت لصده عن هدم صنم ذي الخلصة. ولكن..
صفوان: ولكن ماذا؟
رباح: قل لي يا صفوان كيف استطاع صاحبنا أن يهزم تلك الجموع الغفيرة وهو على رأس مائة وخمسين فارساً..
صفوان: لقد أوهم أعداءه أنه يريد غزو قوم غيرهم حتى أن من كانوا معه من أصحابه حين رأوه يعدل عن مهاجمة الحشود المجتمعة حول صنم ((ذي الخلصة)) رموه بالجبن والخوف..
رباح: ثم ماذا؟
صفوان: ولم يجادلهم صاحبنا بل تحمل لومهم وتهمهم وعندما علم من عيونه أن جموع صنم ((ذي الخلصة)) قد تفرقوا.. عطف عليهم بخيله فأخذهم بغتة وهدم الصنم وبيته وأحرقهما..
رباح: إذن فالإيمان.. ثم السرية التامة.. ثم المباغتة هي سر نجاح يوسف هذه الأمة فمن هو يا ترى؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1374  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 26 من 83
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج