| ما ارتِماضي من نَاقدٍ وانتقادِ |
| طَالما كنتُ مُخلصاً لِبلادي |
| إنّ قلبي الشَتيتَ فيها مُلقّىً |
| وهي أن ظلَّ كلُّ غَاو رشادي |
| ولها صَبوتي وفيها حَنيني |
| وبها مَوتتي ومنها مَعادي |
| وإليها أبثُّ أشجانَ نَفسي |
| كُلَّما مُحضتْ صَريحَ وِدادي |
| فإِذا ما تذكرتُ شرَقْتُ بِدمعتي |
| وإذا استنفرتْ شَرعتُ معادي |
| * * * |
| خلَّ عني الكُنى ودَعني أُصرِّحْ |
| باسمِها شادياً على الأَشهادِ |
| لستُ منها وليستِ الدهرَ مني |
| إنْ اخترتُ دونَها إِسعادي |
| فَيَّأتْني ظِلالَها وغَذَتْني |
| بِجَناهَا ومَلَّكتني قِيادي |
| أثُراها تَمحلت لي عُذراً |
| عن قُصورٍ وسوَّغتْ إِنشادي |
| تلك أمنيةٌ حرَصتُ عَليها |
| وعلى تَخَيُّلِهَا أطَلتُ سُهادي |
| وما تخوَّنتْهَا العُهودُ ولكن |
| رُبَّ ظَامٍ في المَوردِ العذبِ صَادِ |
| ولعلي فنيتُ فيها ولمَّا |
| هي تدري مَواقفي وذِيادي |
| غير أني ما زلت فيها المُعنَّى |
| أتقي سُخطَها وأرضى اجتهادي |
| ولئن كنتُ واجِفاً (من بَنيها) |
| فبنوها الآسادُ ملءَ النِّجادِ |
| وهُمُ ذخرٌ إذا ما استُضِيمتْ |
| ومغاويرُها غَداةَ الجِلادِ |
| كلُّهُمْ دُونَها فِداءٌ وجندٌ |
| وسيوفٌ مضيئةُ الأَغمادِ |
| وقلوبٌ تجيشُ بالعَزمِ لَولا |
| أنَّ في الرَّيثِ مُعظمُ الأمدادِ |
| أمةٌ تقهرُ الطغاةَ وتبني |
| كبِنَاءِ الأُبوةِ الأمجادِ |
| جثمتْ فكرةٌ وثارتْ أُسودٌ |
| ومشتْ وحدةٌ على استعدادِ |
| وتلاقتْ جُهودُها في وِثامٍ |
| وتَجلى نُهوضُها في اتِّحادِ |
| فهي تخطو على هُدّى وثَباتٍ |
| وهي تَمضي بقوَّةٍ وسَدادِ |
| ما بُكائي على الطُّلولِ بنجدٍ |
| ربما أعي بالمُجيبِ المُنادي |
| فابغني السعيَ ناصحاً واستبِقني |
| فالمجيدُ المُجِدُّ يومَ الجهادِ |
| سنةُ اللَّهِ في الذين تَقَضُّوا |
| وهي من بعدُ لم تَزلْ في اطرَادِ |
| فالتفتْ هل ترى غيرَ كَدحٍ |
| في شعوبٍ تمورُ مَورَ الجرَّادِ |
| سخَّرتْ قوةَ (الطبيعةِ) قَسراً |
| وأباحتْ أعماقَ مرّ الجمادِ |
| فإذا الخلقُ حولَها في اندهاشٍ |
| وإذا الجاهِلونَ في الأضدادِ |
| تلك إن شئتَ عبرةٌ ليس تَرقى |
| وهي في الحقِّ حَسرةُ المُتمادي |
| * * * |
| يا بلادي وأُمَّتي وهَنائي |
| وعَزائي، وقِبلتي، واعتقادي |
| انظري الناسَ كيف كانوا حَيارى |
| حينما كنتِ كوثرَ الورادِ |
| وانظري اليومَ كيف أصبحتِ منهم |
| أتعجلتِ أم عدتْكِ العَوادي |
| ويلٌ لشعبٍ في عصرنا راحَ يَهذي |
| يالأماني وباتَ خُلو العَتادِ |
| ذلك الشعبُ ما لَه من بَقاءٍ |
| وهو إن عاشَ للفنا والحَصادِ |
| رُبَّ بعثٍ قد كانَ بعدَ مماتٍ |
| وانتفاضٍ قد راعَ رُقادِ |
| وطموحاً أراه يبدو حَثيثاً |
| وجنوحاً إلى العُلى واعتمادِ |
| يهزمُ اليأسَ في عُتُوِّ ورفقٍ |
| ويقينا تفتّت الأكبادِ |
| طمئنوني عن الفنون فإني |
| لأرى الفنَّ مصدرَ الإرشادِ |
| وذَروا اللَّغو إِنْ أَردتُمْ سُموّاً |
| وابتغوا العِلمَ في أقاصي البِلادِ |
| واحفظوا (الدينَ) والعقائدَ حتى |
| يقضيَ اللَّهُ أمرَه ي العِبادِ |
| وأنيبوا للَّهِ في الحقِّ مهما |
| جَعجعَ المُبطِلونَ بالإِلحادِ |
| وأقيموا (الأخلاقِ) صَرحاً مَنيعاً |
| فهي ذُخرُ الجُدودِ والأحفادِ |
| واتقوا فتنةَ الشِقاق إذا ما |
| أرَّثتْه ضغائنُ الأَحقادِ |
| أثرُ القَطرِ نافعٌ في التئامٍ |
| وانسجامٍ وعاجز في انفرادِ |
| وقُوى الفردِ بالجماعةِ تنمو |
| وحِجى الرأي حِليةُ الأندادِ |
| إنّما هذه الحياةُ عُبورٌ |
| والجزاءُ الوِفاقُ يوم المِعَادِ |
| إيهِ (صوتَ الحجازِ) يهنيكَ عامٌ |
| عُجتَ فيه بسادسِ الأعيادِ |