| قد كنتَ تُوعِدُني بقربِ لِقائك |
| فزلَّفتَ للأُخرى وخابَ رجائي |
| ودوى بِنعيِكَ في الأثيرِ مُهدجٌ |
| هَمَرَ الشؤونَ وعجَّ بالأَرزاءِ |
| بَغَتَ القلوبَ كصعقةٍ مُنقضَّةٍ |
| كادتْ تكونُ كَدِيمةٍ و طْفاءِ |
| كادتْ تكون كديمةٍ مُنهلَّةٍ |
| لو رحتَ تخطرُ في ربى البَطحاءِ |
| وقطعتَ شوطَكَ في الوُجودِ مُجاهداً |
| ومُناشداً في العِزَّةِ القَعسَاءِ |
| وسكبتَ قلبَكَ داعياً ومُهللاً |
| ومُبشراً بالدينِ والإِهدَاءِ |
| ولَكمْ تهللتِ المنابرُ بهجةً |
| بالمُصقِعِ المُتلوِّم البكَّاءِ |
| فتحولتْ بأساً مُمِضاً حَائراً |
| مُنِيَتْ بهِ روحي وأَعجَلَ دائي |
| * * * |
| لم ترض أنْ ترقى السماءَ وتنتمي |
| فعرجتَ للفِردَوسِ دونَ عَنَاءِ |
| ومَضيتَ لا تخشى الحياةَ وأهلَهَا |
| وتمُتُّ بالحسناتِ في الأصداءِ |
| وقضيتَ عُمرَكَ طاعةً ومبَرَّةً |
| في اللَّهِ والفُرقانِ والأسماءِ |
| ولَطالمَا صَغَتِ المَسامعُ والنُّهى |
| فيما تَصوغُ لمُلهِمَ الحُكماءِ |
| ولئن نسيتُ فما نَسيتُ مواقفاً |
| أوتيتَ فيها رُقيةَ الشُعراءِ |
| إذ أنت تَهزِجُ في حَماسةِ مُغرَمٍ |
| بالشرقِ والإسلامِ والعَرباءِ |
| وتُثيرُ في أعماقِ كُلِّ مُوحِّدٍ |
| شجواً يُنهنِهُ فتكةَ الأَدواءِ |
| والناسُ حولَكَ خُشَّعٌ فكأنهم |
| تِلقَاءَ فَرضٍ قائمٍ وأداءِ |
| يُوحي إليك بما تقولُ كأنما |
| هو وَمضةُ (القبساتِ) في الظَّلماءِ |
| وتطلُ بالآمالِ في أُفُقِ المنى |
| حتى كأنَّك بسمةُ الأرجاءِ |
| فإذا بكيتُك في الصَّميمِ فإنما |
| أبكي كُمياً مَالَ في الهَيجاءِ |
| * * * |
| أ (محمدٌ) حسبي بذِكرِكَ حسرةً |
| غربتْ بها في الحُزنِ شمسُ هنائي |
| أ (محمدٌ) من للقُلوبِ مذكرٍ |
| بالأجرِ والحسناتِ والآلاء |
| ذهبَ (الغُنيمي) في الجهادِ ضحيةٌ |
| وأراقُ ما استصفاهُ حسنَ ولائي |
| * * * |
| من للواعظِ والجوامعِ والتُّقى |
| في مِصرَ وهي (كِنانةُ) الأبناءِ |
| من للمَجامعِ والمطامِحِ والعُلى |
| والمجدِ والتحبيذِ والإغراءِ |
| كنتَ المُوفقُ في سبيلِك صادقاً |
| في النُّصح والإخلاصِ والإِبلاءِ |
| فغدوتَ ذكرى للعبادِ وعبرةً |
| بالموتِ تُخرِسُ أَلسُنَ الأَحياءِ |
| اللَّهُ أكبرُ خَطْبُ موتِكَ صَارمٌ |
| متغلغلٌ في الرُّوحِ والأحْشَاءِ |
| ذهبتْ به الألبابُ فهي سليبةٌ |
| لا تسريحُ إِلى حِجًى وعَزاءِ |
| فلو انتظمتُ لك الدُّموعَ مراثياً |
| ما كنتُ فيك أفيكُ بَرَحَ رِثائي |
| * * * |
| إِني وَمَن آمنتُ أنَّك خَلْقَهُ |
| لأَحُسُّ آلاماً تَدُكُّ بِنَائي |
| وأعودُ أدَّكِرُ الفَنَاءَ ومن مضى |
| فألوذُ بالترجيعِ والإفضاءِ |
| وأُريقُ من دَمعي المُعذبِ دَمعةً |
| تَهمي عليك مُفيضَةً بذِمائي |
| لو أمَّلَتْ لك قَبلَ موتِكَ خِلتَهَا |
| نجماً تهاوى صَارِخاً كَنِدائي |
| أني لأُغبِطُكَ (النعيمَ) ومثلَهُ |
| هذا (الخلودَ) وفضلَكَ المترائي |
| فسقى الحَيا جدثاً ثويتَ بلحدِهِ |
| ما ردَّدَ التاريخُ صوتَ بُكائي |