| لا (الشرقُ شرقٌ) إذا ما ثارتِ الهِممُ |
| كلا ولا (الغربُ غربٌ) يومَ يصطدمُ |
| لكِنَّها (سَننُ التكوينِ) ثَابتةٌ |
| على العُصورِ فلم تَحفظ لَها ذِمَمُ |
| أجلْ تقهقرَ هذا الشَّرقُ فانغمزتْ |
| قناتُهُ بعدَ أن طالتْ بِها الأُممُ |
| واندكَّ (مَجدُ بنيِهِ) مُنذُ أن غَفِلوا |
| عن (الحَياةِ) وزلَّت مِنهُمُ القَدَمُ |
| تقاصَروا عن طِلابِ المَجدِ في زمنٍ |
| أولى بهم فيه أن يجري لهم نَسَمُ |
| وخالفوا فِطرةَ (الخَلاَّقِ) وافْتَرقوا |
| فسَامَهُمْ كلَّ خسفٍ من رَقى بِهِمُ |
| فَشا بهمْ من (خُرافاتِ) الأُولى نَقِموا |
| عليهمُ الجدَّ أوهامٌ هي الوَهَمُ |
| واسترسَلوا في غَطيطِ النومِ فاندحروا |
| مُنذُ استوى فِيهمُ الأحياءُ والرِّمَمُ |
| حَادتْ عن (المُثلِ العُليا) جَماهِرُهُمْ |
| حتى تشكَّى الوَنى من صَدِّها السَّأمُ |
| تسمَّمَ (الشرقُ) بالأَدواءِ فاتكةً |
| بجسمهِ واعتراهُ الجَهْلُ والعَدْمُ |
| ما كانَ أخلقَهُ والقَاطنينَ بِهِ |
| أن لا تَحُلَّ بهمْ مِن رَبِّهمْ نِقَمُ |
| تدثَّروا الخَّزَ لا أيديهُمُ نسجتْ |
| وحاولوا العِزَّ لا سَيْفٌ ولا قَلَمُ |
| بينا نرى (الغرب) قد جاشتْ (مصَانِعُهُ) |
| واكتظَّ بالقومِ ضمَّتْ شملَهُم نُظُمُ |
| تَرشُفُ العِلمَ أحقاباً مُسلسلةً |
| يدُ صُنَّاعٍ وفكرٌ ناضجٌ وفَمُ |
| قد زاحمَ (الطيرَ) في أجوائِها سَنحا |
| فلا البَزاةُ تعنيهِ ولا الرَّخَمُ |
| تعلو المناطيدُ بالرُّكَّابِ حَافِلةً |
| (متنَ السَّحابِ) وتدنو حيثُ تَرتَسِمُ |
| ما هَالَها "المَوجُ" في الأذى مُصطخباً |
| ولا التَّدهورُ في الهوى ولا العصمُ |
| وفي "البِحارِ" أساطيلٌ لها زَبَدٌ |
| يُعبَّسُ اليَمُّ منها وهي تَبتَسِمُ |
| وفي "الجِبالِ" من الأَنفاقِ زَمجرةٌ |
| إذا "القِطارُ" تَولى وهو يَضطَّرمُ |
| يُخاطبُ (الغربُ) أقصى الشرقِ في سَعَةٍ |
| بنِصفٍ ثانيةٍ هذا هُوَ الحُلُمُ |
| * * * |
| يا (شَرقُ) أين عُهودٌ فيك زَاهِرةٌ |
| (الصينُ) جادَ بها والهِندُ والهَرَمُ |
| أينَ (المَفاخرُ) في مَغناكَ شيَّدَها |
| أبناؤكَ العُربُ الأَمجادُ والعَجَمُ |
| ماذا استضامَكَ بعدَ التِيهِ فانقلبتْ |
| بك الدُّهورُ وأبلى مجدَكَ القِدَمُ |
| ألمْ تكُنْ مَصِدرَ الأنوارِ مُشرِقَها |
| شَرعٌ وعِلمٌ وأَخلاقٌ لها دُعَمُ |
| هل خَانَكَ الجّدُّ حتى بِتَّ ذا غُصَصٍ |
| أو غَالَكَ الجّدُّ أو غَاضتْ بكَ الأكَمُ |
| فيك (الحَضَاراتُ) قد شَابَتْ ذوائِبُهَا |
| وفي ذُراكَ استقامَ العَدلُ والكَرَمُ |
| وقد خَلعتَ عَلى (الأكوانِ) بُردَتَهَا |
| أيامَ تُنهِكُهَا الغَاراتُ والظُلَمُ |
| فكيفَ يَمَّمْتَ شَطرَ الجَّهلِ مُعتَسِفاً |
| ضَنكَ الخُطُوبِ وأينَ العِلمُ والعَلَمُ |
| -وكيف أصبحتَ في (ضَيْمٍ) وفي (ضَعَةٍ) |
| تَرعى الوَبَالَ وفي أشداقِكَ اللُّجُمُ |
| ألم تَكنْ صاحبَ (التثقيفِ) في أُممٍ |
| ظَلَّتْ بسعْيِكَ في الآفاقِ تَحتَكِمُ |
| لمْ تَرعْ فيكَ عهُودَ الفَضلِ واستبقتْ |
| إِليكَ (تَحصِدُ) ما شاءتْ وتقْتَسِمُ |
| ولا تَذكرُ للشرقِ المُديلِ يداً |
| وإنَّمَا هو (إِهراءٌ) ومُغْتَنَمُ |
| * * * |
| يا شَرقُ حَسبُكَ ما لاقيتَ من عَنَتٍ |
| أَفِقْ فإنَّكَ بعدَ اليومِ مُقتَحِمُ |
| شمِّرْ ذُيولَكَ وانهضْ لا تَكُنْ خُولاً |
| ولا يَصدّك عن دَركِ العُلى حممُ |
| وواصلِ السَّعيَ في التَّعليمِ مُقتبساً |
| خيرَ الفُنونِ وإلا مَضَّكَ الألمُ |
| واخْتَرْ لأهليكَ ما تُرجى منافِعُهُ |
| فأنت بالدِينِ (والتَمدينِ) تُحترمُ |
| وقُل (لكبلنغَ) إما جَاءَ مُعتذراً |
| هذا هو الشرقُ لا ما قلتَ أو زَعموا |
| وارهِفْ عزائمَ مِن أبنائك اتكأوا |
| على الأرائكِ يَعلو فَوقَهَا القَتَمُ |
| واشدُدْ أواخيهم واسلُكْ بهم جُدَداً |
| فَثمَّ يَرويكَ فيها البَارِدُ الشَّبِمُ |
| واجلبْ بخيلِكَ ارعد كلمَّا نَجمت |
| قرونُ شرٍ طَواها سَيلُكَ العَرِمُ |