| أذكرُ.. أَنَّ لِيَ امرأةً | 
| يَتَفَيَّا الليلُ بِظِلِّ جدائِلِها | 
| والصبحُ يَسيلُ على الْخَدَّينْ | 
| تَتَحَلَّى بالدُّمْلُجِ والخَلْخالُ | 
| وتُغازِلُ سِرْبَ فَراشاتٍ بِغناءِ الْقُرْطَينْ | 
| يَتوَثَّبُ في عَيْنَيْها الشِّعْرُ | 
| قِطافاً مِنْ عَسَلٍ بَرِّيٍّ ثم يَذوبُ على الشَّفَتَيْن | 
| لا تَشْكو ضيقَ الصَّدرِ ولا تَعْرِفُ شُحَّ الْعَينْ | 
| ولها أَحْبابٌ في الشامِ وصَنْعاءَ ومَكَّةَ والأَنْبارِ | 
| وطَنْجَةَ والْبَحْرَيْنْ | 
| مِنْ مَكَّةَ طَيرُ حَمامْ | 
| ومِنَ الطائِفِ نَحْلَهْ | 
| وفِراخُ حُبارى مِنْ نَجْدٍ | 
| ومِنَ الْغوطَةِ فُلَّهْ | 
| وعَصافيرٌ مِنْ طَنْجَةَ ومِنَ الْبَصْرَةِ نَخْلَهْ | 
| أذكُرُ.. أني كنتُ أُسافِرُ في عَيْنَيْها لَيْلاً | 
| وبعَيْنَيْها بَحْرٌ مَنْسِيُّ الشَّطَّينْ | 
| وأَعودُ إلى الدنيا صُبْحاً | 
| أتأَمَّلُ وَجْهَ اللهِ بهذا الْكَونْ | 
| ومَعي مِنْ ثَمَرِ الْعشقِ سِلالْ | 
| ومِنْ الأَمْنِ سِلالْ | 
| ومِنْ الشِّعْرِ أَكاليلٌ لم تُضْفَرْ | 
| أوقِظُها مِنْ فَرَحي.. وأُسائِلُها | 
| : يا امرأةً | 
| أَأَنا سافرتُ بعَيْنَيْكِ إلى الْبَحْرِ الأَخْضَرْ | 
| أمْ كنتُ الضَّيْفَ على الْقَيْسَينْ | 
| أَتَنَقَّلُ في وادي عَبْقَرْ؟ | 
| كانَتْ تضحَكُ.. تَضْحَكُ تلكَ الْحُلْوَهْ | 
| حتى تَشْرُقَ باللَّذَّةِ أَوْ تَغْرقَ بالنَّشْوَهْ | 
| وأَحارُ أنا | 
| أَأُسافِرُ في عَيْنيها ثانيةً | 
| أمْ أَغْمُرها بالْهُدبَيْنْ؟ | 
| *   *   * | 
| لكنَّ امرأتي ضاعَتْ مِنْ أَلْفِ سَنَهْ | 
| إنْ يَقْتَربِ الْعَصْرُ سَنَهْ | 
| تَبْعُدْ تلكَ الحُلْوَةُ عَنْ عَيْنَيَّ سَنَهْ | 
| فإذا عادَتْ هل تَعْرِفُني؟ | 
| وأنا مَنْفوشُ الشَّعْرِ ومَجْروحُ الْقَلْبِ واِسْمي | 
| ما عادَ بذاكِرَتي | 
| لا أذكُرُ.. مُنْذُ متى أَوْ أَيْنْ | 
| غَنَّيْتُ لِمَنْ أَخَذَتْ قلبي وارْتَحَلَتْ | 
| في الْحُلْمِ أَوِ الْيَقْظَةِ أَوْ ما بينَ الْبَينْ | 
| يا سامِعَ الصَّوْتِ ضَيَّعْتُ الْحَبيبَ هُنا | 
| فهل تَراني؟ أَتَدْري مَن أَكونُ أَنا؟ | 
| راعي مَنامٍ.. عَبَرْتُ الْعُمْرَ أَحْرُسُهُ | 
| مِنْ الضَّياعِ ولم أُنْشِئْ لَهُ سَكَنا | 
| فضاعَ اِسمي، وشُلَّتْ عَنْهُ ذاكِرَتي | 
| وجئْتُ أَسْأَلُ عَنْهُ الأَهْلَ والْوَطَنا | 
| تَدورُ أَشْرِعَتي مثلي، ومِلْءُ فَمي | 
| بَعْضُ الذي فاضَ مِنْ بَعْضِ الذي كَمُنا | 
| أدميتُ كَفَّيَّ والأَبْوابُ مُغَلَقَةٌ | 
| عني جَميعاً.. فَقولوا مَن أَكونُ أَنا؟ | 
| *   *   * |