| وما كنتُ أَقْرَأُ في صُحُفِ الْغَيْبِ |
| ما يَخْتَفي في عَمائِمِ أَهْلي |
| ولا أَنْبَأَتْني طُيورُ قُرَيْش |
| بأني سَأُطْرَحُ في الْجُبِّ حتى يَمُرَّ بِيَ الْغُرَباءْ |
| فآكُلَ في الْعَتمِ كِسْرَةَ خُبْزٍ وأَبْلَعَ صَمْتي |
| إذا هَبَطَ الدَّرْبُ فينا |
| وغاصَتْ قوائِمُ مُهْري برَمْلِ ثَنِيَّهْ |
| وما كنتُ أَعْلَمُ |
| كيفَ يُبَدِّلُ أَبْناءُ عَمِّي قِبْلَتَهُمْ فَجْأَةً في الصَّلاةْ |
| وكيفَ يُفَسِّرُ شَيْخُ الْقَبيلَةِ قُرْآنَهُ |
| مثْلَما تَدْفَعُ الريحُ هَوْدَجَهُ |
| لتَظَلَّ الْغَنائِمُ دَفَّاقَةً مِنْ جَميعِ الْجِهاتْ |
| * * * |
| وفاطِمُ فَرْخُ حُبارى |
| تَزُفُّ الْقُرُنْفُلَ حَوْلي |
| وتَسْقي الْبَنَفْسَجَ دَمْعَ الْفَرَحْ |
| * * * |
| وناديتُ: فاطِمةٌ |
| أَبْعِدي الْمُهْرَ عَنْ زَلَّةٍ في الْفَلاةْ |
| وأَقيمي الصَّلاةْ |
| إنَّها وَجْهُنا إنْ تَهُبَّ رِياحَ الشَّتاتْ |
| اِحْذَري.. إنَّهُ زَمَنُ الْموبِقاتْ |
| وأنا مَقْلَعٌ لِلْجِراحْ |
| * * * |
| أَيُعْقلُ؟ أَنْ يَتَكفَّأَ هذا الطَّريقُ على نَفْسهِ بَغْتَةً |
| وتَعودَ الْمَصاحِفُ ثانِيَةً |
| لِتُغَطِّي رؤوسَ الرِّماحْ؟ |
| تَحَسَّسْتُ في جَسَدي أَلْفَ جُرْحٍ مِنَ الْغُرَباءِ |
| وجُرْحَيْنِ مِنْ الْقافِلَهْ |
| شَمَمْتُ بِنَزْفِهما - غَيْرَ رائِحَةِ الْغَدْرِ- |
| رائِحَةَ العائِلَهْ |
| فَمَنْ يَتَطَوَّعُ مِنهثمْ لِتَضْميِدِ جُرْحَيَّ |
| قَبْلَ الْوُصولِ إلى هُوَّةِ الْمَهْزَلَهْ؟ |
| ومَنْ يَسْتُرُ العارَ |
| قَبْلَ انْتِشارِ مآقيهِ في الْحِقْبَةِ الْمُقْبِلَهْ؟ |
| فَجُرْحٌ يَنِزُّ على دَفْتَرِ الأَهْلِ يَطْمُسُ بَصْمَتَهُ |
| لِتَضيعَ خُطوطُ الْهَويَّهْ |
| وجُرْحٌ يُحَمْحِمُ كَالْمُهْرِ ما بينَ قَلْبي وعَيْني |
| ومُهْري بهِ راكِضٌ يَسْتَغيثُ الْجِهاتْ |
| ورَجْعُ الصَّدى صاخِبٌ |
| يُغْرِق كُلَّ الْمنافِذِ حَولي |
| فلا وَجْهةٌ مَشْرِقِيَّهْ |
| ولا وَجْهَةٌ مَغْرِبِيَّهْ |
| * * * |
| مُحَيِّرَةٌ رِحْلَتي في الدَّوائِرِ يا فاطِمَهْ |
| فلا تَبْعُدي عَنْ حَوافِرِ مُهْري |
| لئَلاَّ يَعودَ إلى الْجاهِلِيَّهْ |
| خُطاكِ فَطيمَةُ لُصْقي |
| دَعي رَفَّةَ الْهُدْبِ تَرْسُمْ طَريقي |
| فَبَوْصِلَةُ الدَّرْبِ، فارِغَةُ الْقَلْبِ، مِنْ نَبْضَةِ الْحُبِّ |
| يَلْوي عقارِبَها مَنْ تَطولُ على السُّحْتِ أَظْفارُهُ |
| فَكَذَّبَها الدَّرْبُ مِنْ أَلْفِ عامٍ، وَنامْ |
| وفَوْضى الْحُداةْ |
| تُغَطِّي رَهافَةَ قافِلَةِ الْعاشِقينْ |
| فَأَيُّ الْحُداةِ يُغَنِّي وأيُّ الْحُداةْ |
| يُصيخُ لَهُ السَّمْعَ؟ إنَّ الْجَميعَ حُداةْ |
| * * * |
| فَطِيمَةُ يَمْلَؤُني الصَّحْوُ حتى التَّمَزُّقِ قَهْراً |
| وأَمْشي على شَفْرَةِ الضَّوْءِ |
| مُنذُ اسْتَقالَتْ جَميعُ الْجُسورْ |
| ما بَيْنَ أَهْلي وَأَهْلي |
| وكُلُّ خَناجِرِ أَبْناءِ عَمِّي |
| مُعَرِّشَةٌ في طَريقي |
| والرُّجوعُ إلى الْخَلْفِ هاوِيَةٌ |
| والأَمامْ عَماءْ |
| أَفاطِمُ.. جُسِّي حُمولَةَ قافِلَتي في الْعَراءْ |
| يَدايَ تَغوصانِ في دَمِ قَلْبي |
| وعَيْني مُبَلَّلَةٌ في مَشاهِدِ قَتْلي |
| وطَقْسُ الْبكاءْ |
| كَبيرٌ على عاشِقِ الصُّبْحِ مِثْلي |
| * * * |
| وعادَتْ فَطِيمَةُ تَبْكي |
| صرخْتُ: |
| أَكانَتْ نِياقُ الْقَبيلِ مُحَمَّلَةً بالْغُبارِ إِذَنْ؟ |
| والْفُحولُ تُجَرْجِرُ كِذْباً |
| وزَغْرَدَةُ الْحَصى مَوْعِداً للدِّماءْ؟ |
| أَكانَتْ عُذوقُ النَّخيلِ بَقايا حَطَبْ؟ |
| تُهيلُ على لِمَّتي ثَمَراً لِلْخَديعَةِ تَحْتَ شَهِيِّ الرُّطَبْ؟ |
| وتَحْتَ عِمامَةِ كُلِّ دَعِيٍّ مُسَيْلِمَةٌ |
| يَدَّعي أَنَّهُ قُرَشِيُّ النَّسَبْ؟ |
| يَتَداوى بلَحْمِ الْخَنازيرِ لَيْلاً |
| وفي مَطْلَعِ الصُّبْحِ يَصْرُخُ بَيْنَ الْعَرَبُ |
| -: إنَّهُ الْوَحْيُ فارَقَني |
| فاسْمَعوا ما أتاني |
| واقْرؤوا ما كَتَبْ؟ |
| * * * |