| هلا أيها الحزن المَهيبُ ومرحبـا |
| تعودت أن ألقاكَ صبحاً ومغربا |
| تولَّيتَني عشراً من العُمر، لم أجدْ |
| سوى الهمِّ فيها والفجيعة مركبا |
| فكانت رفيق الدرب إن زلَّ منكب |
| بأحمالها، عوَّضتُها عنه مَنكِبا |
| * * * |
| لقد آن أن تلقى الرحال وتبتني |
| على سقف بيتي للفواجع ملعبا |
| أقم بين أضلاعي، ولح في نواظري |
| وخُذْ من دموعي إن ظمِئتَ لتشربا |
| ففي القلب "آه" لو بسطت خوانها |
| على مَدَّ عُمري لن تجوع وتسغبا |
| وفي الروح مرعى للهموم إذا ذوى |
| ومرَّت به ذكراكَ عاد فأعشَبـا |
| * * * |
| ويا ( راحِلاً) أعجَلْتَ مسراك هل تُرى |
| تساءَلتَ عني إذ دُعيتَ لتذهبا |
| وهل كُنتَ تدري ما يَحُلُّ بساحتي |
| من الهَوْلِ إذ تزَّلزل الروح بالنبا |
| وعيناكَ هل أبدينَ عُتْبى لغيبتي |
| وقد كان حكم الله أن أتغيَّبا |
| * * * |
| حنانيك لا تعتَبْ فلم يَغْلُ عندنا |
| نفيس بذلناه لديك لتعتبا |
| وما كان أحلى أن تجود بروحها |
| لتفديك أمّ كنت منها المُقرَّبا |
| وقد وهَبتْ من قلبها كلَّ خفقةٍ |
| لترعاك حتى كاد أن يتعطَّبا |
| ولم تَنزعِ الأجفانُ منها لغفوة |
| وعيناك يقظى _ حيطة أو تحسبا |
| فكانت مثالاً للأمومة لم يزل |
| لدى الناس يجري في المجالس مَضربا |
| * * * |
| سلاماً ( حبيب الروح) ما لاحَ في الدُجى |
| سَنا كوكب إنا فقدناك كوكبا |
| ورمزاً لآمال ضِخام تعلَّقت |
| بها أمُّك الثكلى وقد كُنَّ خُلَّبا |
| سلاماً إذا ما البدر جَلاَّ بنوره |
| يُحاكيكَ حُسناً أو إذا هبَّتِ الصبا |
| تُناغيكَ والفجرُ الضحوكُ مشوقة |
| لخدٍّ كوجه الصُبـح قد بات مُتْربا |
| * * * |
| سلاماً رعاك الله إني لمُعْجلٌ |
| أرى أجلي من طَرفةِ العين أقربا |
| وإني مُلاقيه قضاء مقدراً |
| وأيُّ امرءٍ يَلقى من الموت مَهربا |
| بلى كنت أخشى الموت قبلك إنّما |
| غـدا إذ رحلت اليوم بعدَكَ مطلَبا |
| وقد نِلتَ إحساناً من الله فالتمِسْ |
| رضاه عسى أن يرحَمَ الأمَّ والأبا |
| وأن يَبسِطَ الصبرَ الجميل لأخوة |
| رَحلتَ وكانوا عن سريرك غُيَّبا |
| فواللهِ لم تَتركْ لنا غيرَ حَسْرة |
| بأعماقنا تطوي فؤاداً مُعذَّبا |
| وبيت كئيب الصحن ليس يَزينُهُ |
| سوى الله ذكراً والصلاة تَقرُّبا |
| * * * |
| رعى اللهُ قبراً في ( الكِنانةِ) ضَمَّ في |
| حَناياهُ جسماً كالربيع مُطيَّبا |
| وعينين كانا كوكبين، سَناهُما |
| سِراجٌ لأيّامي إذا نورها خَبا |
| وخَدَّينِ كالمرجِ الفَسيحِ أجولُ في |
| مرابعها لثماً إذا جئت مُتعَبا |
| * * * |
| سقى الله قبراً قـد نزلْـتَ رياضَـهُ |
| و(رَضوانُ) فيه يلتقيكَ مُرَحِّبا |
| وما أنتَ فيه بالوحيد وإنّما |
| ستلقى به وجهاً صَبوحـاً مُحبَّبـا |
| فيا (عَمرو)هذا (بَختيارُ) وديعة |
| بأرض كلاكُمْ في ثَراها تَغربَّا
(2)
|
| وقد ودَّعَ الدنيا عريساً تَحُفُّهُ |
| ملائكة الرحمن للخُلد موكبا |
| فكونا رَفيقَيْ جَنَّةٍ في رحابها |
| يمورُ الشباب الغَضُّ والحُسن والصِبا |