شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة صاحب الاثنينية
الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه ))
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك وحبيبك وصفيك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الأساتذة الأكارم، الإخوة الأفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يطيب لي أن أرحب باسمكم جميعاً بضيفنا الكبير الشاعر المبدع عبد الرحمن العبد الكريم، وصحبه الأفاضل الأساتذة عبد الرحمن بن محمد السدحان، وعبد الله بن عبد الرحمن العبد الكريم، وعبد العزيز بن عمر العبد الكريم، وعبد الله بن سليمان بن غنيم، وعبد الرحمن بن عبد العزيز السويلم، وعمر العبد الله العبد الكريم. شاكرين لهم تجشمهم مشاق السفر والحضور من الرياض خصيصاً ليمتعونا بمؤانستهم وتواصلهم الذي نعتز به كثيراً.
لقد عنَّ لي عمل إحصائية بسيطة لمن سعدت اثنينيتكم وهي تخطر في عامها الثامن عشر بتكريمهم من الشعراء، فوجدت أن معشر الشعراء قد استحوذوا على خمسة وعشرين في المائة من أمسيات التكريم، وليس لنا إلا أن نحيي من هذه المنصة كل الشعراء الذي دأبوا على إسعاد الآخرين بالكلمة، وبالمشاعر التي اشتقوا صفتهم منها، فهنيئاً لنا بهذه الكوكبة من الأساتذة الأفاضل الذين جعلوا من الكلمة رسالة، والرسالة تعني نكران الذات وبذل الغالي والنفيس من أجل التواصل مع المتلقي، والمساهمة في ترقية الوجدان وتحريك بحيرة النفس من الركود الذي قد ينتابها بين حين وآخر، وقد ضمت قائمة الشعراء الذين عطَّروا أمسيات الاثنينية كبار الذين أجادوا هذا الفن النبيل ومنهم على سبيل المثال مع حفظ الألقاب: محمد مهدي الجواهري، وعبد الله بالخير وحسين عرب، وعمر أبو ريشة، وعبد الوهاب البياتي، وطاهر زمخشري، وأحمد الشامي، ومحمود عارف، وزكي قنصل، وأحمد سالم باعطب، وحس القرشي، وحسين توفيق، وزاهد زهدي، رحم الله الأموات، وأمد في عمر الأحياء ومتعّهم بالصحة والعافية، وأيضاً سعدنا بشبل من قبيلة الشعراء كان طالباً في مدارس دار الفكر آنذاك هو عصام مرزا، وهذا يدل على أن الاثنينية ما برحت بكل فخر ساحة تفاعل مع الصفوة من حملة الأقلام.
ضيفنا الكريم أيها الأحبة عصامي حتى النخاع، من أولئك الأفذاذ الذين يذكرونا بماضٍ غنىٍّ بغنى نفوس رجاله، عاش شظف العيش وبساطة البادية وتشرّبَ تقاليدها ومُثلها وقيمها وعاداتها ولغتها القوية، فانعكس كل ذلك على عطائه فيما بعد، تراكيب غاية في الدقة والجمال، وصوراً زاهية، وحنجرة قوية ميّزتْ شاعرنا عن بقية الراكضين في دنيا الحرف الأنيق، ويمتاز ضيفنا الكبير بجمال الخط، تلك الميزة التي أغفلها كثيرون بعد أن تركنا الأمر للكمبيوتر، واعتزازاً بخطه الذي كان يسميه أساتذتنا الأجلاء، السلاسل الذهبية، كتب جميع دواوينه بخط يده، ثم دفع بها للمطبعة للتصوير فقط، معلناً عن رفضه لجزئية من معطيات العصر التي اعتقد أنها اقتحمت خصوصياته، ومنها الخط الذي أصبح مع الوقت سلاسل تكبل أنامل أبنائنا ففقدنا جمال الخط مع ما ضاع من عبق الماضي.
ضيفنا الكريم أيها الأحبة يأسرك برحابة صدره وكريم أخلاقه وتواضعه الجم الذي زاده رفعة بين محبيه وعارفي فضله، فقد أخذ نقاء وصفاء البادية وسكبه في قلبه فأصبح يتحدث على سجيته من منطلق الحب الرحب الذي يسع الجميع، وعندما تعتمل تجربة معينة في نفسه يعالجها شعراً بكلماته القوية ولا يودعها الأدراج كما يفعل كثير من الشعراء، بل يتجه فوراً إلى جهاز الفاكس ويتركها تتماوج مع الأثير إلى محبيه الكثر، يبادلهم المشاعر والخواطر بكل الصراحة والوضوح الذي يميز رجلاً استطاعت المدينة ترويضه رغم السنوات الطويلة التي قضاها في أرفع درجات السلم الوظيفي في الدولة، الشعر لدى ضيفنا الكريم يعني عالَماً متكاملاً من الإحسـاس والمشاعر التي يعبر بها عما يجول بخاطره، ويسجله في مختلف المناسبات، غير أن الغزل يشكل حضوراً مميزاً، ولغة سهلة، وتصويراً بارعاً ينهض بالمتلقي لمستوى الحدث الذي يهز أعطاف شاعرنا المبدع، لقد استطاع ضيفنا الكبير أن يقبض على أصالة الكلمة من روح الصحراء، وتشبعت نفسه بنقاء هوائها ووضوح الرؤية التي تكتنف كل تفاصيل الحياة في البادية لذلك نجد شعره صريحاً ومباشراً يخلو من التكلف والمواراة والغوث بين السطور، يعطي الكلمات والتعابير معانيها المحدودة ولكن بخفة تستقطب شفافية الروح وسمو الوجدان، تلك البيئة أحسبها تشجع الإنسان الذي لديه ميول فطرية لينبغ في عالم الشعر، فهذان طفلان يقفان في صف الأناشيد في مدرسة شقراء عام 1360 هـ يشكلان ثنائياً أصبح معروفاً لدى زملائهم الطلاب، حتى إذا غاب أحدهما أو تأخر قليلاً ظل مكانه محفوظ تلقائياً، تلاقت روحهما رغم حداثة سنهما على جناح شيءٍ مبهمٍ لم يكونا يعرفانه تماماً في ذلك الوقت، ولكنهما يحسون بدبيبه يسري في أوصالهما إنه الشعر ولا شيء غيره. أما الطفلان فهما ضيفنا الماثل أمامكم ومن محاسن الصدف أن زميله هو الشاعر الكبير الأستاذ سعد البواردي الذي شرفنا بتكريمه بتاريخ 17/7/1415هـ. الموافق 19/12/1994م، فكأنهما على موعد مع الشعر في المدرسة الابتدائية، ومعه أيضاً بعد تلك السنين على منصة التكريم في الاثنينية، أما شاعرنا الكبير الأستاذ حسن بن عبد الله القرشي الذي نبعث له تحياتنا على جناح الأثير فله أيضاً ذكريات أثيرة في نفس ضيفنا الكريم، وهكذا حال المتعاملين مع الكلمة المتحابين في رحابها، السائرين في ركابها، تجمعهم المودة، وإن اختلفوا على منهج أو رأيٍ معين يبقى اختلافهم في مستوى الرفعة التي لا تفسد للود قضية.
أتمنى لكم أمسية ماتعة بصحبة ضيفنا الكبير وعلى أمل أن نلتقيَ الأسبوع القادم لتكريم فضيلة الدكتور عبد الباسط بدر مدير البحوث والدراسات في وزارة الأوقاف بالمدينة المنورة وأستاذ الأدب والنقد في الجامعة الإسلامية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1159  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 30 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.