شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة لسعادة الأستاذ الدكتور الأديب والكاتب المعروف
د. عبد الله منَّاع ))
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأسعد الله مساءكم بكل خير.. يسعدني أن أشارك في هذه الاثنينية التي تجتمع للاحتفاء بأديب طبيب أو بطبيب أديب هو الدكتور عصام خوقير، وحتى هذه اللحظة لم أكن أعلم أن الدكتور قد أوغل في رحلة العمر إلى هذا الحد لأنني علمت اليوم أنه أنهى دراسته في الطب في عام 1953 م وكنت أعتقد أنه أنهاها في 1960 م أو 58، شيء أقرب من 53.... عندما أنهيت دراستي في جامعة الإسكندرية في عام 1963 م وجدت أمامي نجماً في الساحة وكاتباً وطبيباً هو د. عصام، والحقيقة أنه كان أيضاً نجماً اجتماعياً يمتاز برشاقة العبارة، وبخفة الدم وأيضاً الجدية فيما يكتب، وقد أحدثت بعض مقالاته دوياً وضجيجاً كبيراً وأظنها هي التي أبعدته عن أن يكون صحفياً وينتقل بقلمه وفكره من عالم الطب نقلة أبدية ويترك عالم الطب إلى عالم الصحافة، وأنا في طريقي إلى الاثنينية الليلة كنت "أتذكر" أولئك الأطباء الذين تركوا الطب واتجهوا إلى الأدب، الحقيقة وجدت أنهم كثر وأن معظمهم برز وأبدع وأشجى وأمتع، وكانوا في مواقعهم الأدبية ربما أجمل بكثير من مواقعهم الطبية، أصبحوا أساتذة بل ومعلمين، أذكر مثلاً على سبيل المثال شاليكوف أستاذ القصة القصيرة ومعلمها، نذكر الدكتور يوسف إدريس المعلم الثاني للقصة القصيرة بلا جدال، نذكر الشاعر العظيم إبراهيم ناجي ورومانسياته وليالي القاهرة، ونذكر الدكتور مصطفى محمود وتجلياته العلمية الأدبية وتأملاته بين العلم والحياة، بين الأدب والعلم، ونذكر أيضاً الكاتب البريطاني سومرست موم وقصصه، نذكر من قبل زكي أبو شادي، كان السؤال الذي يراودني لم كل هذا العدد من الأطباء ترك المهنة واتجه إلى الأدب ولا أدعي أني وصلت إلى إجابة حاسمة في هذا الأمر لكني أعتقد أن هؤلاء الأطباء كانت روحهم أكبر من حيز المكان الذي وجدوا أنفسهم فيه في عالم العيادة، في عالم المستشفى، وأنهم حاولوا أن يخرجوا من حصار المكان معبرين عن ذواتهم على أحسن مستوى وربما أيضاً كان أحد أسباب بروزهم أنهم أرادوا أن يقولوا للآخرين إننا لسنا أطباء فقط إنما نحن أدباء حقيقيون.
د. عصام صاحب أسلوب متميز رشيق العبارة كما قلت وهو أيضاً كشخص يمتلك خفة دم، وإذا كانوا يقولون في تعريف طب الأسنان أنه هو الذي يأخذ لقمته من فم مريضه، فهي أكثر ما ينطبق على الدكتور عصام، هو يأخذها بالضحكة ويأخذها بالنكتة، ولكنه يأخذها في كل الأحوال، يأخذ لقمته من فم مريضه، د. عصام بعد أزمته مع الصحافة تفرغ للكتابة الأدبية تفرغاً تاماً، وقدم أعمالاً جميلة ولو كانت هناك حركة مسرحية، ولو كانت هناك نهضة درامية إذاعية لتحولت كل أعماله إلى أعمال درامية، سواء في الإذاعة أو في التلفزيون، أو في المسرح ولكن بكل أسف لا يوجد مسرح، فقد حاول شيخنا الكبير وأستاذنا أحمد السباعي أن ينشئه ولكنه مات دونه، ولم يتحقق الحلم، وماتت فكرة المسرح إلا من محاولات صغيرة محدودة لا تستمر أبداً، تبدأ حيناً وتتوقف شهوراً وحكم على المسرح بألا يكون، لو كان هناك مسرح لتحولت أعمال الدكتور عصام إلى مسرحيات جميعها في اعتقادي.. ولو أن هذا حدث لخلق جيلاً آخر من كتاب المسرح ومن المخرجين ومن المتخصصين في الإضاءة وفي الصوت، كان أصبحت لدينا كوادر عديدة في عالم المسرح، لكن بكل أسف عدم وجود المسرح قضى ليس على أعمال ولكن قضى أيضاً على خلق أجيال جديدة من كتاب المسرح.
كما ذكرت إني عندما عدت في عام 63م وجدت أن د. عصام كان نجماً في الحياة الأدبية والحياة الصحفية وكان أيضاً زعيماً للعزاب، وعلى حياء تقدمنا بطلب العضوية في نادي العزاب وبعد حين، بعد أربع أو خمس أو ست سنوات، ترك الزعيم نادي العزوبية وشغر المكان لأجد نفسي مرشحاً لرئاسة نادي العزوبية، ولكن أيضاً بعد حين تركنا النادي ويبدو أن النادي قد انتهى بتحول أو انضمام آخر رؤسائه إلى عالم المتزوجين، كان يمكن للدكتور عصام كما قلت أن يكون صحفياً ولكن الأزمة التي حدثت في أعقاب مقاله العظيم الجميل الذي كان تعليقاً على البيان الوزاري الشهير هو الذي أوقف مسيرة الدكتور في الصحافة، وجعلته يتأمل ويتأنى وأنا أعتقد أنه فعل بنفسه خيراً، وفعل بقلمه خيراً فخسرنا صحفياً ولكننا كسبنا أديباً ممتعاً وجميلاً وأعمالاً أدبية جميلة.
شكراً لكم وشكراً لاجتماعكم.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :821  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 25 من 139
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.