| يا هوىَ النفسِ حينَ يغمرُني الشوقُ إلى |
| المُلتقى البهيجِ السعيد |
| وهُدى الفكرِ حينَ أبحثُ في الكونِ |
| عنِ اللَّه في مقامِ الخلود |
| وبَقائي إذا فنيتُ مع العُمُرِ |
| وأُودعتُ في مهاوِي اللحود |
| يا سنَا النورِ حين أُدلجُ في الليلِ |
| وأصبو إلى الصبح الجديد |
| وانطلاقِي الغداة في الفلكِ الرحبِ |
| إذا ضقتُ في الورى بقيودي |
| وانسيابِي مع الغديرِ إلى المرج |
| وعدوِي مع الغزالِ الشّرُود |
| ليتنِي إن بكيتُ أمنحك الدمعَ |
| وجفنِي ومقلتِي وخدودي |
| أو تأوهتُ أسكبُ الحُبَ آهاً |
| لك من ذَوْبِ قلبي المعمود |
| يا نعيمِي وهدْأتي وحنينِي |
| وادكاري الهَوى وأُنسِي وعيدي |
| جئتنا والحياةُ تظمأُ للخَصْب |
| فأحييتَ ذابلاتِ الورود |
| فالعبيرُ الذي تضوَّع في الدارِ |
| شذا عبقِك النّدِي النديد |
| * * * |
| ما غَفا جفنُنا كانَ خيالاً |
| راع أحلامَنا بِهَوْلٍ شديد |
| تتمطَى عليه أجنحةُ الجنِ |
| وتلقِي من الظلالِ السود |
| تحسبُ عليه القبلةَ الرضيةَ تَهْمِي |
| بالمآسي على الزمانِ الفقيد |
| وترىَ النظرةَ الغضوبَ سَراباً |
| ذابَ فيه الهوى بِلَفْحِ الصّدود |
| فترنّحت بين يقظةِ ملهوفٍ |
| ودُنيا أذى ورؤيا جُحود |
| هاربٌ من يديّ منتثر الزهرِ |
| وقلدته الشذَا من ورودي |
| شاردٌ من حِماي منطلق الظبى |
| غويّ النّهى عصيّ الشرود |
| آه يا ظبيتي سرحت إلى الغيبِ |
| إلى مهمةِ الضلال الأكيد |
| حيثما الناسُ ثعلبٌ عندَ أفعى |
| عند ذئبٍ بِزيّ خِلٍّ ودود |
| ما ظلمت الورَى ولكنّ سهماً |
| منك أدْمى الرَضي بجرحٍ حقود |
| لا أرى حولي الغداةَ سوى الاثمِ |
| وشكّي بَمَعْدَنِي ووجودي |
| والتِحامي مع التقى في عراكٍ |
| يهزأُ الكفرُ فيه بالتوحيد |
| * * * |
| أينَ يمَّمت والطريقُ مخوفٌ |
| ولياليك فيه سودٌ بسود |
| تستبيكَ البروقُ مؤتلقاتٍ |
| خُلَّب الوسمِ كاذبات الوعود |
| لهفَ نفسي عليك جرحك الشوكُ |
| وأدمَى الهجيرُ رطبَ الخدود |
| كنتُ عوّدتك الحنان قديماً |
| ما على القلب لو حَنَا من جديد |
| هل تجنيت؟ علّني.. غيرَ أني |
| كنتُ أوْلى لَدَيْك بالتضميد |
| لِمَ لم تسقني حنانك صِرفاً |
| وتشُدّي من عزمي المكدود |
| فَهَبِيني أفرغتُ أقداحَ ذَنبي |
| لِمَ أترعتِ كأسَها بالمزيد |
| أينَ يممت ما سالت هوانا |
| فهو ما زال عند عهدٍ عهيد |
| ما سألتُ السِنينِ مزدهراتٍ |
| بالمصابيِح من علي وسعود |
| ما سألتُ الوفاءَ والحبَ والعطفَ |
| وطبعَ النَدى وفيضَ الجود |
| لا ولا جؤذراً ترعرَع في النعمى |
| صَفِي الكَرى حَفِي المهود |
| كنت عودته الجناح فألفى |
| سائلاً عن جناحك المفقود |
| فَأُداري شكواه أصطنع اللهو |
| فيرنُو بطرفِه المعمود |
| في غدٍ تورقُ الغصونُ فأروي |
| عن شبابِي وقصتي لوحيدي |
| في غدٍ تسمعُ الملائكُ همسيْنا |
| وحيديْنِ: والد ووليد |
| تتدلَى النجومُ حولَ لياليِنا |
| ويشدُو الزمانُ لحنَ الخلودِ |
| * * * |
| وتطلّينَ من كُوى نائياتٍ |
| تَتَمَنّينَ دُونها أنْ تعودي |
| آه يا ساكنَ الهواجسِ والهمّ |
| وَحِيداً معَ الخيالِ المديد |
| يمرحُ الشعرُ في رحابِك والمجد |
| ورهج المُنى ووهْج القصيد |
| ويمر النسيمُ حولك خُلُوّاً |
| من حديثِ الورى وهمسِ الحسود |
| ويغني الضبابُ أَمْسَكَ حتى |
| لا تَرى غيرَ يومِك المنشود |
| ربّ حريةٍ يعانقُها القيدُ |
| فتحيَا على عِناقِ القيود |
| فسلامٌ عليك وقعك الشّجو |
| فأصغَى إليك سمعُ الوجود |