شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المغامر.. بالوطن!
ـ يالَّذي أهديته الماء..
وأهداني الصحارى!
يالذي أهديته الأفق..
وأهداني الحصارا!
يالذي أهديته نصراً.. من الله..
وأهداني: أحتلالاً، وإنكساراً.
 
ـ سعاد الصباح -
ـ في فجائع الأحداث التي اقتحمت ((أمان)) الإِنسان العربي، ونشرت الخوف في ((ثقته))، وحتى في وشائجه.. ضربت الحقيقة في مشوار الغربة الطويل... فإذا هذه الحقيقة تبدو: بعيدة عن المنطق.. مناوئة للتوقعات العقلانية!
كأنّ (الحقيقة) في زماننا اليوم.. قد افتُرست، وانتُهكت أبعادها.
وها هو ((العالم العربي)) يشهد أقسى تصدُّع لم يعهده تاريخه الحافل.. وذلك بفعل ((فرد)) واحد ينتمي إلى العرب، ويحلم بفرد جناحيه على كل العرب.. متصوراً أنه يقوم بدور "الصقر" بينما كانت فعلته من خصوصيات ((الخفاش)) وحده!!
وها هم ((العرب)) - في الذهول، والتهديد لأمانهم - يبحثون عن حلول ألغاز.. لا تبدو أنها عويصة، بقدر ما هي تنذر بالخرائب، والفجيعة!
وبأسلوب: صدّق، أو لاتُصدّق.. بادر نظام ((ثوري))، ((تقدمي))، ((وطني عربي))، ((قومي)) - حسب ادعاءاته المتواصلة منذ سنوات - فارتكب باسم كل هذه الشعارات، أو العناوين، أو المظاهرات: جريمة مارسها في بدء الخليقة ((قابيل)) ضد ((هابيل)). فكانت الفجيعة:
ـ قام نظام الحكم في العراق الشقيق ((بغزو))، ((واحتلال))، و((ضم)) قُطْر عربي مجاور له، هو ((الكويت))، وقد سحق بمجنزرات دباباته: إستقلاله، وأمنْه، وحقوقه، وقيمة ((المواطن/الإنسان)) فيه.. الذي يصير من حقه وحده أن يغيّر نظام حكمه، بإرادته، وأن يعلن وحدته مع مَنْ يختاره الشعب.. لا أن تفرض عليه ((الوحدة)) كمسمى فقط بالاحتلال العسكري!!
ـ والسؤال الذي يبلور هذا اللغز:
ـ أين وقعت هذه الأحداث، وفي أي عصر؟!
ـ ومن ارتكب هذه البشاعة، وضدَّ مَنْ؟!
ـ هل كانت هذه الأحداث في زمن ((هولاكو))، و((التتار)) ؟!
ـ هل حدثت في أدغال الغابات بين الوحوش؟!
ـ هل قام بجرائم الاجتياح مِنْ: نهب، وسلب، وقتل، وهتك عرض: جنود العصابة الإِسرائيلية’؟!
لقد وقعت هذه الأحداث في نهاية القرن العشرين، وفي عصر العلم، والاكتشافات، وتثبيت الحقوق العادلة للشعوب التي تتوق للأمان، وبناء تنميتها الاقتصادية، وإنسانها!
وارتكب هذه البشاعة: ((فرد)).. كان العرب قد منحوه إعجابهم بتصدّيه لعدوان خارجي على بلده العربي الشقيق، وأغدقت عليه أقطار الخليج العربي - بالذات - ما يمكن أن يوصف بأنه: اقتسام اللقمة بينه وبينهم.. فصرفت على حربه المجنونة، وعوّضت خسائره عن الكثير من تهوّره.. فجحد، ونسي، وتنكّر، لمساعدته طوال سنوات الحرب، وما بعدها من سنوات البناء.
وأسفر وجهه العدائي عن حقد يفوق ما فعله ((هولاكو)) والتتار.. وصبّ هذا الحقد بشراسة تفوَّقت على نهش الوحوش الجائعة!
وبدلاً من أن يوجّه دباباته، وصواريخه، وعسكره، وأحقاده، نحو عدو العرب اللدود والمتربص/إسرائيل.. فقد وجّه غدره كله نحو شقيق، وأخ، وجار له، يشاركه، حلم الوحدة العربية، والانتصارات العربية، والأمن العربي!!
فمن الذي سيحل لغز هذا ((الحقد الثوري))، على ذوي القربى، والدم الواحد؟!
ومن ((ستيخيّل)) حدوث مثل هذه الفاجعة، وهو العربي في انتمائه، دون أن يخجل، ويستحي من دمه الذي يجري في عروقه؟!
حقاً.. صارت الدموع العربية، في حاجة إلى دموع إنسانية تبكي عليها!
لقد فقدت دموع العرب ذلك الدفء.. فأصبحت باردة، هانت على عيون أصحابها!!
* * *
ـ ولماذا نكتب اليوم هذه الكلمات المتألمة، العاجزة، التي تعاني من شلل الإِحساس، ومن التجلط بأفعال الذين بلغت الوقاحة لديهم: امتلاك القدرة على تبرير خيانة (الحلم) العربي، وطعن الأماني العربية؟!!
حتى ((الحلم)) العربي.. تعرّض لخيانة فاجعة!
وليس أدلّ على الخيانة من هذا التبرير، أو ((التنظير الثوري)) الذي صار ينادي به اليوم هؤلاء الذين ناوأوا (القرار العربي الجماعي) وذلك بالقفز فوق صهوته، في محاولة لتوظيفه لأفكارهم، ولشعاراتهم الخارجة على الإِجماع العربي!
لقد تحدث هؤلاء الذين ادّعوا ((الثورية)) و ((التقدمية)) وسيّروا المظاهرات في زمن ضيق لمناصرة العدوان، وللوقوف مع انتهاك الأعراض والسلب لثروات الكويت.. وصرخوا بصوت المغالطة واعتساف المنطق:
ـ إن الشعب العربي واحد.. وإن حلم العرب ينطلق نحو أن يكونوا جميعهم في دولة واحدة!!
وهذا ((الحلم)).. لم ترفضه الشعوب العربية، ولا الخليجية بالتحديد.. ولم تكن ضده في يوم ما، بل نادت به، وسعت إلى تحقيقه!!
ـ لكننا نسأل هؤلاء المناوئين:
ـ هل يمكن أن يكونوا مع خطوة العراق بضم الكويت بالقوة، وبإلغاء قرار شعب الكويت، وخياراته؟!!
أين الخيار، والاستفتاء، ورغبة الشعب في تأكيد حرية رأيه، وقراره؟!
وها هو الشعب الكويتي: مجروحاً، ونازفاً، ورافضاً لخدعة مكشوفة وتافهة!
لقد بادر نظام الحكم في العراق إلى العدوان على دولة ذات سيادة هي ((الكويت)) واحتل الوطن المستقل، واعتسف إرادة، وخيار، وقرار شعبه.. بل إنه أطلق عنف جنوده يعيثون في أرض الكويت: قتلاً لكل من يقاوم، أو يرفض، أو يطالب بسيادة بلده.. وانتهاكاً للأعراض، وسلباً للأموال!
فكانت (الوحدة): ضماً تعسفياً بالقوة.. فهل هذا الفعل يُعبِّر عن روح، وأهداف، وحلم (الوحدة العربية).. أم أنه فعل قساة، متجبرّين، محتلّين؟!!
هل إقامة (وحدة) بين قُطْرين عربيين، متجاورين.. تتم بالاغتصاب، وعن طريق الإِرغام، والإِذعان للقوة، وللبطش؟!
الكثير من مواطني هذه المنظومة العربية.. يعتقد أن ما حدث هو ((حلم مزعج))، وكابوس ثقيل!
لقد تكشَّفت الآن للشعب العربي: خلفيات تلك الشعارات التي اتضح أنها لم تكن أكثر من متاجرة بأماني الشعب العربي، وطعناً لأحلامه في الوحدة!
إن (الوحدة) لا تقوم على العسف، والبطش والإِرغام، والغوغائية!!
* * *
وفي غمرة (فرحة) العرب بتصريحات الرئيس العراقي عن استعداداته العسكرية (المميزة!)، وقدراته الدفاعية (المتفوقة!).. بهدف تصويبها نحو العدو الأساسي المشترك لكل العرب، ولكل المسلمين.. يبادر هذا الرئيس (فيصدمنا) بإبراز وتجسيد (الانفصام) الملحوظ في تكوينه القيادي!
وكان من الأشرف لتاريخ قيادته لبلده العربي الكبير بحضارته، والعظيم بانتمائه العربي: أن يؤلب سواد الشعب العربي على عدوّه الجاثم فوق أرض عربية، وأن يكرس استعداداته العسكرية ضد هذا المحتل الغاصب لأرض فلسطين.. بدلاً من أن يصبَّ عدوانه، وأحقاده على قُطْر عربي، ويُهدد قطراً عربياً آخر!
والمغالطة المكشوفة: أن تأليبه للشعب العربي ضد المملكة العربية السعودية، لأنها استعانت بقوى عسكرية خارجية، بعد حشد صواريخه وجيوشه على الحدود السعودية!
فمن الذي دفع المملكة العربية السعودية للاستعانة بالقوى الخارجية؟!
أسباب عديدة.. تأتي في مقدمتها:
ـ إفتقاد ((صدَّام)) لمصداقيته مع إخوته العرب في الحوار، والمباحثات.
ـ خيانته للعهد الذي أخذه على نفسه أمامهم بعدم العدوان!
ـ تكشُّف أطماعه في الإِستحواذ على منابع النفط في الكويت، بل وفي كل الخليج العربي.
ـ استعلاءه على أشقائه العرب.. لأنه يرى نفسه الزعيم الأوحد، والأقوى الذي ينبغي أن تخضع لأوامره، ومطامعه كل الرؤوس العربية!
إن الرئيس العراقي.. لم يغامر بأمن وأمان شعبه العراقي فحسب.. بل قاد العالم العربي إلى تغييرات خطيرة.. تمنح الفرص السهلة لكل الطامعين في ثرواتها، واستراتيجيتها، وإنسانها.. وهو السبب المباشر - بأطماعه - إلى إدخال القوات الأجنبية، وإلى إعادة النظر في كثير من التعامل، والرؤية السياسية المستقبلية للمنطقة.. وهي رؤية تحمل الكثير من نذر غير حميدة، يكون هو بتهوره: الدافع، والمتسبب في فرضها!!
إن قفزه فوق المواثيق، وإهداره للمبادئ الإنسانية، وإصراره على القيام بدور الدكتاتور المتسلط، الذي يفرض على الجميع الامتثال لرغباته.. يعكس أبعاد مغامرته الخطيرة بأمن وأمان الشعب العربي كله!!
* * *
لقد سقطت ((الأمة العربية)) - بهذه الفتنة - في: الخجل من التاريخ العربي، وفي الشعور بإحباط الشعب العربي قاطبة من الأنظمة التي باعت عليه لعدة سنوات: شعارات مزركشة، وملوّنة.. ولكنها لم تقدر أن تشتري له بتلك الشعارات: الحرية، أو التنمية، أو الديمقراطية!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1531  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 388 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج