شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
هي... وهو
سارة: لم تكن مِلْكَ نفسها.. برغم كل محاولات الاستقلال التي تمرّدت بها ورفضت.. وبرغم كل تلك الشحنة الهائلة من الوعي الذي يعذّبها في معايشتها لسطحية الواقع البشري الذي يُشكّل مجتمعها، أو كيان المجتمع الأسري.. منذ فرض أهلها على حياتها: شريكاً لم تقبله ولم ترفضه يومها... لكنها كانت تتساءل في نفسها:
ـ كيف تقوم هذه الشراكة أو الشركة بدون أن يتم التعارف بين الطرفين؟!
تعدّت الآن مرحلة العمر المسوّر بالمهيمنة.. وفضّت الشركة أو الشراكة بحجم الخسائر على امتداد السنين، وبأهمية الأرباح في استقبال ما تبقّى من العمر!
تعدّت مرحلة.. كانت تسمع فيها أيضاً: حكايات البنات، وماذا يفعل النساء في مجتمعها النسائي المُغْمى عليه!!
كانت تواجه شرائح من النساء، ممن كُنَّ حولها، بنظرة الاحتقار.. وهُنَّ يحصرن الحياة في خصوصية نسائية موجعة، مثل: الموضة، والمطبخ، والسفر، والتسابق على المظاهر، والعلاقات الخاصة في مجال الهمز، و... اللمز أحياناً، في ذلك الاستغراق بعيداً عن الأحاسيس الطبيعية!
في الوقت الذي لم تكن فيه مِلْك نفسها.. كانت حقاً للطرف الآخر الشريك، بمعنى: الامتلاك أو الاستحواذ الذي يُلغي شخصيتها!
لم يكن الشريك يفهمها، ولا يجيد الاقتراب منها، أو دفعها هي للاقتراب منه.
كلاهما نقيض الآخر، ووَجَعه.
لكنها الآن تُكفكف تلك الذكرى، وتحتضن حصاد شجرتها منه: ابنها الوحيد الذي صار يشاركها في الإحساس بمعاناتها، أو الالتصاق بمشوار عمرها الذي أوقفت أعمقه على تربيته... في الوقت الذي كانت فيه تشتاق إلى نداء حب، ودفء بوح.
وما زالت تشعر أنها امرأة ((قوية))!!
ومعنى القوة: يكمن في إرادتها، وليس في عنفها!!
ضعيفة.. كما صممت على كبت عواطفها، والتواري في العزلة، وتغريب مشاعرها وإخفائها حتى عن ((إنسان)) تعرف أنها في وجدانه هي: الحلم، وأنها في نفسه هي: صوت عمره.
وما زالت - أيضاً - تذكر أنّ هذا الرجل الذي أعادت إليه صوتها من جديد الآن... وقفزت ضلوعه من صدره فَرَحاً بها - بعودة حلمه - وصفَها ذات يوم غير بعيد، فقال لها:
ـ أنتِ: زهرة.. وسيف!
تُضمّخين لحظاتي الأجمل بعبقك.. كزهرة.
وتقطعين رأسي - كسيف - كل مساء.. بإلباس مشاعرك حجاباً، وبشرودك المفاجئ، و.... بتموُّج بوحك!
وأضُمّك زهرة فوّاحة.
دمي يسيل من ضربة سيفك.. حين الموت في عبقك، وفي حدِّك القاطع، هو: عمر العمق، وعمق العمر!
* * *
فارس: فنان.. يخوض أمواج نفسه الإنسانية في بحر الكلمة تارة، والنغم تارة أخرى.. برغم نشاز صوته حين يأتي مباشراً!!
أضناه التلفت في سنين عمره، بحثاً عن عمره.. بحثاً عن التوأم لروحه.
واستحوذ عليه الالتزام في مسئوليات الحياة، والكيان الذي شكَّل منه أُسرة.
عَبر الكثير من الفخاخ التي نصبتَها حوله: الرغبة المجردة، والتسليات العابرة في وقت فَقْده للحلم، أو ضياعه... وتلك القسمات التي خايلته في بدء دخولها إلى مساحة قلبه وخفقاته، ثم ما لبثت أن تبدَّدت.. لأنها تبدّت على حقيقتها: قسمات أفردت في حياتها أهمية الأخذ وابتذال العطاء!
في بحر كلماته.. كان يصارع أمواج نفسه، ومنزلقات طحالب الآخرين من حوله.
كان بحثه عن نداء يتواصل بعفوية خفقة قلبه المُتْعب من كثرة الاكتشاف تارة، والارتطام تارة أخرى... إلى حد الفجيعة!
طاف جزراً خرافية.. ظنّ أن سكانها يمنحونه نصفه الضائع منه، أو المفقود.
توقف عند محطات... أغراه الزحام فيها على تعدُّد الوجوه التي تتجاوز بالحس الإنساني منعرجات الملل، والسقوط في الاعتياد.
لم يحسب أن يحصد ألوان التراكمات من طوافه على هذه الجزر الخرافية، وتوقُّفه عند محطات الزحام.
لكنه طفق يركض مُتْلعاً بشبابه، مشرئباً نحو أحلامه.. في بحثه المضني عن: توأم الروح والنفس.. عن القيم والحياة بعطاء الإنسان فيها.. عن هذا الحلم الذي طالما انتظر عودته، كلما وُلد مساء جديد من رَحم سأم الأيام.
وفي كل مرة.. يخال له أنه يقبض على الحزن في أعماقه ويسكب مكانه: الفرح.
ثمّ... ما يلبث أن ينكفئ على نفسه، ينوح ولا يبوح.
تطفر من بين ضلوعه دمعة على افتقاد الحلم الجديد، وفي عينيه نظرات مُغذّة في البعيد المجهول.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :2167  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 148 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج