| وجب الوفاءُ فما علّى ملامة |
| إن بُحْتُ بعد الصمت بالإطراء |
| قد كنتُ ألتزم السكوتَ مخافةً |
| من أن يُقال مداهن ومُراء |
| وأنا الذي صارحته في مجده |
| بالنصح والشكران والإغراء |
| لكن وقد ذهب الرجاء ولم يعد |
| إلا الوفاء فشيمة لأبائي |
| بالأمس ودّعت الحبيبة صامتاً |
| إلا الدعاء فكان كل رثائي
(1)
|
| واليوم أفجع في حبيب لا أرى |
| إني مُوَفِّيه بغير دعائي |
| إن الدعاء إذا تَصعَدَّ خالصاً |
| من أكْبدٍ حَرّى أحرُّ ثناء |
| يا من شغلتَ الناس ملء قلوبهم |
| حُبًّا وملء جيوبهم بسخاء |
| وشغلت كل الناسَ ملء عقولهم |
| نقداً وفلسفة وجِدَّ مِراء |
| وشغلت بعض الناس ملء نفوسهم |
| حسداً وتلك ضريبة الكُبراء |
| خبر الزمانُ الناسَ بعدك |
| لم يجد شَرْواك في السَّراء والضَّراء |
| لكنه قَدَرُ الحياة ولم نزل |
| نرجو التجارب فسحة لرجاء |
| يا وافر الحسنات ليس بشأنها |
| خلف لدى الخُلصاء والخُصَماء |
| تكفيك إِحداهن حِلْيةَ نابغٍ |
| تضفي عليه الفضلَ حُسْنَ رُواء |
| يا صاحب الخلق الرفيع سَجِيّةً |
| هي من عطاء الله خير عطاء |
| جمعت عليك الناسَ رغم شجونهم |
| شتّى ورغم تضارب الأهواء |
| يا جابر العثرات يومَ كريهة |
| بيد الكرام ورقّة الشعراء |
| جَمّ السّخاء بغير مَنٍّ أو أذى |
| هذان آفة منحة اللُّؤماء |
| وإذا منحت فأنت أوفر ما نرى |
| أدباً وتلك طبيعة الكرماء |
| يا مُفْعَمَ القلبِ الكبيرِ سماحةً |
| شملت عيوبَ الناس بالإغضاء |
| أنا ما سمعتك شامتاً أو شاتماً |
| وأظن كلَّ الناس من شهدائي |
| تغضى إذا ذُكِرَ اللئام تَعَفُّفاً |
| عن سمع نابية وفرطَ حياء |
| يا رائع الذوق الجميل رَهافة |
| في الحسِّ والأشياء والإنشاء |
| ملكت عليك زمام أمرك كلِّه |
| في البذل والتحديث والإصغاء |
| يا صاحب العلماءِ أفضلَ صحبة |
| شهدت بفضلك شيمة الفضلاء |
| يا رائد الأدباء في بلد الهدى |
| سمة تُدِلُّ بها على الأدباء |
| يا صادق الودّ الكريم محبّة |
| تتعهد الأحبابَ بالإنماء |
| ماذا عليك إذا كسبت من الندى |
| والفضل بعضَ خصومة وعداء |
| أسهمت في رفع البناء بطاقةٍ |
| منحتك حظَّ الصانع البنّاء |
| وسعت جميع حدوده ودروبه |
| وتعمقت فيه إلى الإحناء |
| فإذا نجحت فأسهم تحظى بها |
| وينال منها سائر الشركاء |
| وإذا فشلت فأنت وحدك دونهم |
| جعلوا عليك حمولة الأعباء |
| أما الثراء فقد ذهبت بِجُلّه |
| بَرَداً لكسب حميدة ورضاء |
| أما الثناء فكسب مثلك من يرى |
| أن الحياة وسيلةٌ لبقاء |
| وشهدت ما أوفى حياءك عنده |
| حمداً لحظك منه في الأحياء |
| وشهدتُ أنك بالثناء لأهله |
| أهل تؤديه دقيق أداء |
| وشهدتُ أنك لا تكابر ناصحاً |
| عَفًّا عن التّشهير والإفشاء |
| تعلو على نصح المُدِلِّ بنصحه |
| دعوى يريد بها عريضَ رِياء |
| ومُوَطّأَ الأكتاف حين تُحِسُّها |
| صدقاً وإخلاصاً وحسنَ بلاء |
| وشهدتُ أنك لا تضيق بقدرة |
| إلا إذا استعلت بغير علاء |
| فمن الحياة وشأنها وفنونها |
| ما قد تَضِنّ به على الإبداء |
| ومن الكفاءة مَنْ يُدلُّ بذاته |
| دلاّ يعوق مسيرة الأشياء |
| ومن الكفاءة من يكون بطبعه |
| فرداً يعيش بجنة وسماء |
| ومن الكفاءة ما يكون تجارة |
| العلم عُدَّتُها بلا استحياء |
| عشتَ الحياة بطولها وبعَرْضها |
| عزاً تَعِزُّ به على النظراء |
| فاهنأ بحسن ختامها وجلاله |
| في مشهد متميز بوفاء |
| أفضى إليك الناسُ فيه بحبهم |
| يتبادلون - عليك - حسن عزاء |
| يدعون ربك أن يُعَوِّض أمةً |
| أمثالَ من فقدوا لغير فناء |
| سيظل شُغْلَ الناس بعد وفاته |
| ما كان شُغْلَ الناس في الأحياء |
| * * * |