ـ الأستاذ ((طاهر زمخشري)) ليس هو الشاعر الذي قال، وإنما هو الشاعر الذي عجز أن يقول، فالزمخشري الذي قال، أعرب في شعره عن عشقه للجمال، لأنه، وإن لم يكن من أمثلة الجمال إنساناً، في ظاهر الخلق، وإنما كان الجميل إنساناً بما متعه الله به من خلق.
لقد عجز أن يقول، معبراً عن مشاعره، يصور لنا الذين عشقوا أن يعمل لهم خليطاً، صديقاً، يحترف فيغترفون ثم هم بعد لا يعترفون، فما أشد المرارة. في نفس هذا الـ ((زمخشري)) من هذا العقوق، هو يعرفهم واحداً واحداً، ولكن طيب النفس، وحسن الخلق، نساه أن يذكر. فهو لا يجتر هذه المأساة، وإنما يغتر باسماً، يطرد المأساة، بسخرية، يسكبها شعراً، يتفوق به، حين يعشق الجمال، على كل قبح يأتي به العقوق.
عرفته وهو مكي المولد، حين سكن المدينة، وعرفني وأنا مدني المولد، حين سكنت مكة، كأني معه قد تعانق فينا، حب المسجدين، من هنا أرفض أن مط لسان صديق له، ينكر شاعريته، مع أنه بهذا الإِنكار، الاعتراف بالجميل، فهو ما ذم الزمخشري، وإنما ذم نفسه.
ـ إن ((طاهر زمخشري)) اليوم يرقد في أحد مستشفيات لندن، وما كان ليستطيع أن ينفق على تطبيب نفسه، ولكن الاستطاعة أتت باليد الكريمة، التي تعودنا منها الجميل، يد ابن عبد العزيز الأمير سلطان، فكم هو صناع للجميل، إذا ما ذكرنا اسمه شكر عمله. وقد لبس ((الزمخشري)) بهذا اللقب فخاراً، حينما لبس لقب ((جار الله محمود الزمخشري)) صاحب الكتاب (أساس البلاغة).
شفى الله الزمخشري ((طاهر)) وعفا الله عن الزمخشري ((محمود)).. اللَّهم ارحمنا برحمتك جميعاً.