الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > > البنوة

البنوة

ـ وكنا في المجلس الكريم وعلى مائدة العشاء وقد حف بالكريم الأكرمون من أسرته، وكانت الديمقراطية المثل قد أعطتنا الفرصة أن نكون أحد الجالسين على هذه المائدة. وكان على المائدة معنا وفي المعية الكريمة جميل البارودي أيام تمثيله للمملكة العربية السعودية في هيئة الأمم، فتحدث قائلاً:

((وجاءت مريم من الآراميين تحمل عيسى ومعها يوسف النجار، فعيسى ليس إسرائيلياً وإنما هو أرامي عربي)).

سمعت ذلك فأجبته:

((إنا لن نستكثر الفخار بأن المسيح عيسى بن مريم عليه السلام عربي، فإن عيسى من بني إسرائيل بنص الآية: وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ (الأنعام: 84_85).

فهذا النص القرآني أنبأنا بأن عيسى من ذرية إبراهيم من ذرية إسحاق من ذرية إسرائيل يعقوب عليه السلام، فهو إسرائيلي بنص القرآن. وأما ذكر يوسف النجار فالله طهر السيدة مريم من قذف اليهود وعبث النصارى)).

وما أدركت هذا الجواب إلا لأني تعلمته من قصة الإِمام يحيى ابن معمر مع الحجاج، فقد حفظنا عن الإِمام الشعبي عامر بن شرحبيل هذا الخبر، قال:

لقد صليت مع الحجاج الصلاة في عيد الأضحى، وخرجت أصاحبه، فقال يا شعبي تعال معي، فإني سأضحي بأضحية ما ضحى بها قبلي.. فقال الشعبي:

((ضح كما ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبش أملح)).

فقال الحجاج: تعال ولما وصلنا إلى المجلس وجدت يحيى بن معمر مقيداً على النطع كأنما هو يعرض على السيف، فقال الحجاج يخدم النزعة الأموية:

بلغني يا يحيى أنك تقول إن الحسن والحسين هما ابنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتني بالحجة وليس حديث القباء حجة أقبلها فإن لم تأتني بذلك قطعت عنقك.

فأجابه يحيى بن معمر بكبرياء العلماء وتقوى الأتقياء:

إن حديث القباء ليس حجتي وإنما حجتي من القرآن وتلا الآية:

وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ . وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ (الآنعام: 84_85).

فالله أخبر في القرآن الكريم أن عيسى بن مريم وليس له أب هو من ذرية إبراهيم لأن مريم من ذرية إبراهيم وما أبعدها عن إبراهيم في الوقت بينما فاطمة أقرب في الوقت، فكيف تنكر أن الحسن والحسين هما ابنا رسول الله من ابنته فاطمة، فمثلهما مثل عيسى بن مريم.

وخشع الحجاج يتعجب كيف نسي الحجة وهو من الحفاظ، ثم قال:

قم يا يحيى فإنها حجة.

وسلم يحيى بن معمر وفرح الشعبي وفرحت الدنيا المسلمة بالذين يقولون كلمة الحق..