شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
لنكن أمة واحدة
ـ إن كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة هما ركنا الإِسلام. فهذه الكلمة لا تزال جديدة في مشاعري حفظتها كثيراً، وتعلقت بها طويلاً، ونشرتها مرات عديدة. لا لأنها أحسن من غيرها، ولا لأنها أحاطت بالتعريف المسلم لعقيدة التوحيد وتوحيد الجماعة. ولم أستوحش من أن قائلها جعل كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة ركني الإِسلام. فهو لم يرد تحديد العقيدة، وإنما أراد بهذين الركنين المعنى الجامع لمفهوم العقيدة وللسلاح الذي تنتصر به.
إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (الأنبياء: 92) فوحدة الأمة تحت راية التوحيد كان بها الانتصار والانتشار وبناء الحضارة. ويزيدني تعلقاً بها التوقيت الذي قيلت فيه والتوقيت الذي أكتبها من أجله. كأنما الوقت لم يأكل جدتها. فقد تسرمد بها الزمن. وتسربل بها الواقع. ومن قالها؟ قالها الإِمام الشيعي الذي لم يكن شعوبياً والذي كان إسلامياً بحتاً، يكاتب الشيخ أحمد شاكر؟ يسعيان لتقريب المذاهب. فمن هو مرَّة أخرى؟ هو محمد حسين كاشف الغطاء، كان فريد عصره في إمامة الشيعة، وكان وحيد عصره في أنه أحب ولم يبغض.
وأين قالها؟ لقد قالها في المسجد الأقصى، على المنبر. لم يخطب جمعاً من الشيعة، وإنما كان الإمام يصلي وراءه ويسمع خطابه أعضاء المؤتمر الإِسلامي الذي عقد في القدس، دعا إليه أمين الحسيني. لقد إئتم وراءه المسلمون كلهم من مذاهب شتى. سنيون من مذاهب عدة، سلفيون وفيهم رشيد رضا، وأباضيون وفيهم سليمان باشا الباروني والعلامة إبراهيم طفيش. لم يتنكروا لإِمامته، فكلمة التوحيد قادتهم، والعمل للوحدة صانت قلوبهم أن تفترق عليهم.
وافتتح خطابه على المنبر بهذه الكلمة التي أعشق: ((إن كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة هما ركنا الإِسلام)).
ومضت أيام المؤتمر وإذا التشريد والمطاردة تلاحق أعضاءه من الاستعمار الإنجليزي والتحريض اليهودي، حتى إن عبد الرحمن عزام قد هرّبوه، لئلا يمسكوا به. يرحم الله الجميع.
وبينما أنا في المدينة، وقد عرفت الكثير عن المؤتمر، فقد كانت ترسل إلى الصحف التي تنشر أخباره، وكنت في دكان خياط في شارع العينية، فإذا المسمّى بأسد الله المستشرق النمساوي يقف يسلم علي يقول: ((كيف رضي رشيد رضا وكامل القصّاب أن يكون إمامهم هذا الشيعي))؟ قلت له غاضباً: ((إن هؤلاء المؤتمرين قد فرغوا من أن يختلفوا من أجل فلان وفلان، فامتلأت قلوبهم ليتحدوا دفاعاً عن كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله. ليدفعوا مكر قومكم ومكائدهم، فالمعركة اليوم ليست إلا دفاعاً عن الإِسلام، أما الخلاف من أجل الحب والبغضاء فقد انصرفوا عنه)) فمضى إلى سبيله، ولم أقرئه السلام بعد ذلك، فقد جفوته في لاهور وحتى هنا في جدة، حتى عرفه الخيرون فإذا هو ليس هنا. إن ما نحن فيه الآن يدعونا جميعاً أن نكون الأمة الواحدة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :598  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 216 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج