الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > > > عامر بن فهيرة

عَامِر بن فُهَيْرة

مولد في الأزد وفي السراة.. عبد للطفيل بن الحارث. أخو عائشة أم المؤمنين من أمها. صلته بأبي بكر قربته من البيت المسلم. فأسلم قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم. يدعو فيها إلى الإسلام. فهو من السابقين الأولين. وعذبه سيده ليرجع عن دينه فلم يرجع وطال العذاب فاشتراه أبو بكر وأعتقه فكان يرعى له منيحة من غنم لأبي بكر.

عجيب حينما تكتب عن سيرة هؤلاء العبيد المعذبين المزدرين السادة الكرمين. فكأنما نكتب عن الصديق أبي بكر رضي الله عنه لا عن بلال أو عامر بن فهيرة. إنهم ثمانية كانوا يعذبون في الله، فأبو بكر وثيق الصلة بهؤلاء، بالنبوة في أول أمرها. وبالإسلام في أبرز مظاهره. أبي بكر رضي الله عنه. وحينما أسلم أبو بكر كان تاجراً غنياً. يملك أربعين ألف درهم بذلها كلها في سبيل الله. يشتري المؤمنين المعذبين فيعتقهم وحين الهجرة لم يبق منها إلا خمسة آلاف درهم. لم يفكر ماذا يترك لعياله؟ لأنه ترك لهم ((الله ورسوله)) الله يحفظهم ويرزقهم والرسول على هديه ليفرج الله الكرب وتطمئن النفس. وعزم النبي على الهجرة وصحبه أبو بكر ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ وكان الثالث معهم. يصحبهما ويهاجر معهما عامر بن فهيرة. لم يكن في الغار لأنه كان يسرح بالمنيحة ويغدو بها. يأتي باللبن يسقي النبي وصاحبه، هما مهاجران. وهو مهاجر وعامل. كأنما هو يرعى حقهما تحت الجبل. ووصل إلى المدينة فنزل على الكريم البر التقي. سعد بن خيثمة. وآخى الرسول بين عامر وبين الحارث بن أوس بن معاذ. وشهد عامر بدراً واحداً وقتل يوم بئر معونة في السنة الرابعة من الهجرة. قتله وإخوانه المغتالون العاقون النابذون لعهد الرسول. واستشهد وعمره أربعون سنة. ومن قتله؟ قتله عامر بن الطُّفيْل علي الأشهر، وقيل جبَّار بن سلمى الكلبي، وسأل عامر بن فهيرة يرفع إلى السماء. رفعته الملائكة. وارت جثته. أنزل عليين.. ذهب علواً في السماء حتى ما يرى. فضل من الله أكرم له مؤمناً صادقاً.. والله ذو الفضل العظيم.

وتحدثوا أن جبار بن سلمى كنعمى وفصحى قاتل عامر: قد أسلم وحسن إسلامه. أتته الهداية حينما رأى جزاء المؤمنين وكرامة المؤمن.. وحينما سطع الضوء قال: فزت. فزت. فاسلم، والإسلام يهدم ما قبله؟.. وهذه قيمة الدين الحق لا يتأثر لقريب ولا يعاتب مهتدياً. عفا الله عنه، حين أسلم وأناب. فهل هناك سعة كهذه؟ الإسلام يجُّب ما قبله، والتوبة تمحو ما قبلها. ما أكرم الإسلام لأهله وعلى أهله. رفع العبيد إلى درجة السادة. وأذل أعناق السادة الطاغين لأنهم كفروا بالحق لما جاءهم. استأذن أبو سفيان وسهيل بن عمرو، على عمر، فلم يأذن لهما، واستأذن بلال وصهيب وسلمان فأذن لهم.. فقال أبو سفيان: ما رأيت كاليوم نستأذن فلا يؤذن لنا ويستأذن هؤلاء العبيد فيؤذن لهم.. فقال سهيل: دعيت أول الأمر فلم تجب ودعوا أول الأمر فأجابوا.. إنهم السابقون الأولون قد رفعهم الله درجات ولو كانوا عبيداً.. رضي الله عن ابن فهيرة. ذكرنا بالخيرين ويذكر في الخيرين. رضي الله عنهم أجمعين.