شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حفل تكريم الأستاذ الدكتور زكي نجيب محمود (1)
بسم الله الرحمن الرحيم، لقد أطنب الأستاذ عبد الكريم نيازي، وأعتقد أنه احتفل بموضوعه احتفالاً كبيراً فأعده هذا الإعداد الذي أطنب فيه... هو مشكور بدوافعه ونوازعه ولكن لا بد من تكريم التكريم، وكلكم مع صاحب البيت تشاركون في تكريم الدكتور زكي نجيب محمود. وأنا لا أدعي أني عرفت الدكتور زكي نجيب معرفة الأستاذ نيازي، ولكن بعض المعرفة عرفتها من أخيه صديقي محمود محمود الذي كان عندنا في دارة الملك عبد العزيز وهو من حذاق اللغة الإنجليزية.
عرفت هذا الرجل وقرأت له بعض ما عرف، ولقد كبر عندي أنه كان زميلاً لأستاذنا الدكتور أحمد أمين ذلك الروح الطيب والنفس الطيبة، صاحب ضحى الإسلام... هو صديقه عندما كانت الثقافة والرسالة مجلتين عربيتين تمصرَّتا ومصرّتا المجلات، فالهلال والمقتطف وإن صدرتا في مصر فهما لم تكونا مصريتين مائة في المائة... وإنما الثقافة والرسالة كانتا مصريتين مائة في المائة.
عندما كنا طلبة كنا نخاف كلمة فيلسوف، عندما بدأنا نقرأ درساً في المنطق قال أستاذنا أول الأمر: اعرفوا ما يقول العلماء في المنطق:
ابن الصلاح والنواوي حرَّما
وقال قوم ينبغي أن يعلما
والقولة المشهورة الصحيحة
جوازه لكامل القريحة
ممارس السنّة والكتاب
ليهتدي به إلى الصواب
إن المنطق فرع من فروع الفلسفة إذن الفلسفة طريق الهداية إلى الصواب... سقراط كان الفلسفة... أرسطو كان الفيلسوف والفلسفة. لقد نفر بعض علمائنا الأولين من كلمة الفيلسوف وأول النافرين كان الإمام الغزالي حينما ألف "تهافت الفلاسفة" ولكن أعطوني فكركم... أليس "الإحياء" كان فلسفة؟ لقد تفلسف الغزالي في كتابه "الإحياء" يضع الشرح للروحانيات والعقيدة وتلك فلسفة، وابن تيمية يرحمه الله ويرحم الغزالي كذلك أراد أن يحارب الفلسفة ويحارب الآراء المعتزلة وغير ذلك فإذا هو يصنع فلسفة إسلامية جديدة. إذن فقد تقدمنا حينما أصبحنا نكرم فيلسوفاً، ولقد أصبح الموضوع متسعاً من حيث ضاق، ضاق من حيث اتسع، فما الأدب إلا نوع من الفلسفة وما الفلسفة إلا نوع من الأدب، وما الثقافة إلا جماع الفلسفة والأدب، كأنما الأمر قد اختلط فأصبح مزيجاً واحداً، الفيلسوف مثقف... الفيلسوف أديب... المثقف عندما يتسع... ويجري وراء الحقائق يصبح فيلسوفاً.
وأستاذنا زكي نجيب محمود كان كذلك والرد على الأستاذ نيازي فيما أنكره هو رده من قبل أن يتكلم. سمعته يتحدث في الإذاعة... يقول: إنه كان يدعو إلى تغريب العرب... أن يصبحوا كالغرب يأكلون بالشوكة والسكين والطاولة كذا وكذا... أن يجعل كل عربي يتقمص شخصية أوروبية ولكنه عندما رجع إلى التراث وكان في الكويت كما قال هو عرف التراث وعرف قيمة تراثنا، فرجع عن هذا القول وحدد أن الثقافة استيعاب للتراث وتزويد بالتراث الآخر سواء أكان غربياً أو غير غربي.
حضارتنا الإسلامية التي أنجبت الفارابي وابن سينا، وأنجبت ابن رشد وغير هؤلاء شبعوا من تراثهم، وشبعوا من تراث الفلسفة وغير ذلك. فالأستاذ زكي نجيب من زمن طويل قد أعاد لنا أنه هو المسلم... هو العربي هو الذي يريد لقومه أن يكونوا متفوقين. وذكرني (ولتكن مِلْحَة) إطناب الأستاذ عبد الكريم نيازي بكلمة قالها سعد زغلول يرحمه الله... كتب لأستاذه الإمام محمد عبده كتاباً أطنب فيه وهمس عليه بكلمة عرَّف فيها الإيجاز كما لم يعرفه الجرجاني والتفتازاني... قال: فأعذرني عن الإطناب فإنه ليس لدي وقت للإيجاز... إن هذا الإيجاز الذي أوجزته فيه معنى التكريم... وتكريم زكي نجيب محمود ليس تكريماً للشخص وإنما تكريم لأنفسكم أيضاً... وإنما هو تكريم لمصر.
هم بنو مصر لا الجميل لديهم
بمضاع ولا الصنيع بمنسي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :625  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 29 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.