شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حفل تكريم الأستاذين علي وعثمان حافظ (1)
تحدث الأستاذ محمد حسين زيدان حديثاً فضفاضاً لعلاقته القوية وصلته الوثيقة بالمحتفى بهما فقال:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد نبي الرحمة، وعلى آله وصحبه أجمعين.
لم أزوّر كلمة أثني بها على الصديقين السيدين علي وعثمان حافظ ذلك أن أية كلمة أقولها ثناءً ما هو إلا الثناء على نفسي، فأنا وهما كنا أصدقاء فتياناً ورجالاً، السيد علي كان صاحباً أكثر من صديق، والسيد عثمان كان صديقاً أكثر من صاحب، كلاهما حبيب إلى نفسي فهم من أولاد بلدي. ولئن كان عثمان ابن خاله عزوة وحماسة، فإن السيد علي حافظ ابن طموحه إشراقاً وعملاً.
ذكر السيد عثمان حافظ عن المطبعة وعن الجريدة ونسي شيئاً كان له الفضل الكبير علينا نحن الذين كنا نريد أن نقرأ، نسي السيد عثمان حافظ أنه أسس مكتبة جلبت الصحف، المقتطف، والهلال، والرسالة، وكل الصحف تتلمذنا عليها، فكان بهذا أستاذاً وإن لم يكن على كرسي، وإنما كان معلماً لنا عندما وافانا بهذه الصحف.
بيني وبين السيدين علي وعثمان حافظ من الحب والوفاء ما لم يستطع أن يدرك مداه الآخرون الذين يظنون أنني بعيد عنهما، بينما أنا قريب لهما، وقريب منهما ذلك أنهما حينما تهيأ لهما أن يصدرا جريدة المدينة قدمت من الحج ولم أكد أغير ثيابي إلا والسيد علي حافظ والسيد عبيد مدني والسيد عثمان يأتون إلى بيتي ويفرضون عليّ أن أكون واحداً مُعيناً لهم في التحرير. بذلت ما بذلت ووجدت منهم رعاية، من الميزات التي أعرفها لعلّي وعثمان أنهما كانا لا يرفضان لكاتب جيد أن يكتب، كان محمد عمر توفيق لا يزال طالباً في العلوم الشرعية، فأرسل مقالاً بإمضاء راصد رحب به علي وعثمان حافظ، وأراد واحد لا أريد أن أسميه أن لا ينشر، فأصررت على نشره، وكانت حجة الرافض أن هؤلاء الصغار سوف يكبرون ومن ثم يتكبرون علينا، فقلت له: ما مرادنا إلا أن يكبر الشباب وأن يكون المستقبل لهم.
وانتصر عثمان حافظ وعلي حافظ وانتصرت أنا فنشر هذا المقال واصبح محمد عمر توفيق أول كاتب من الشباب ينشر في المدينة. المكتبة، مكتبة عثمان حافظ رادفتها مكتبة سامي حفظي، من المفارقات العجيبة أن الدكتور محمد حسين هيكل يرحمه الله رئيس تحرير جريدة السياسة، الوزير، رئيس مجلس الشيوخ، صاحب حياة محمد، وصاحب الكتب الكبيرة، وكان رجلاً وقوراً عندما قدِمَ إلى المدينة، كرمناه، السيد علي حافظ ألقى قصيدة، ضياء الدين ألقى كلمة، أنا ألقيت كلمة، ليس هذا هو الموضوع، الموضوع أنه زار مكتبة سامي حفظي فوجد كتاباً لنقولا حداد عن علم الاجتماع ولقد ذكرت في مقدمتي لحمزة شحاته، أن حمزة شحاته في محاضرته التي ألقاها في جمعية الإسعاف كان متأثراً بكتاب لنقولا حداد في علم الاجتماع، عندما رآه الدكتور هيكل استغرب أن يطبع كتاب في مصر لا يعرفه الدكتور هيكل ولا يقرؤه وإنما في المدينة، لقد كان هذا الكتاب موجوداً في مكتبة عثمان حافظ، ووجد في مكتبة سامي حفظي ورآه الدكتور هيكل.
إني أثني على عملهما في جريدة المدينة والمطبعة، ولكن ثنائي الأكبر هو ثناء علي ليس لأني قد شُهرت كاتباً في المدينة، أو قد قرئ لي وأنا أكتب المقالات فيها، لكن ثنائي وشكري لأني قد وجدت مدرسة عندما كنت أقرأ، وجدت المجلة والكتاب. ومن مجد جريدة المدينة ولعلَه أيضاً مما أعتز به عندما توفي مصطفى صادق الرافعي يرحمه الله كتبت عنه مقالاً في جريدة المدينة، فكان من الاعتزاز والعزة لجريدة المدينة أن أحمد حسن الزيات، صاحب مجلة الرسالة قام بنقل هذا المقال من جريدة المدينة ونشره في مجلة الرسالة كم كنت فخوراً بذلك، كم كنت شكوراً لجريدة المدينة، هناك تصحيح أريد أن أذكره، فقد ذكر أن أول مطبعة في المدينة هي التي قد أسسها عثمان حافظ، هذا صحيح في العهد السعودي، ولكن في أواخر عهد الأتراك أسست مطبعة بإيحاء من الأمير شكيب أرسلان، وعبد القادر المغربي عضو المجمع العلمي العالم الكبير، وعبد العزيز جاويش الزعيم المصري أحد أركان الحزب الوطني، عندما قدموا إلى المدينة لتأسيس الكلية الإسلامية بعد أن وصلت السكة الحديد كان ذلك قبل الحرب العامة بسنوات بسيطة، كان اعتمادهم على كثير من الأصدقاء مثل السيد أحمد صقر، ولكن كانت ثقتهم أكبر بكامل خجا، فقد كان كبير التجار وكان رجلاً ذا أخلاق عالية من أكرم الناس يرحمه الله فهو الذي جلب المطبعة وأخذتها الدولة فأول ما طبعت جريدة الحجاز التي كان يرأسها حمزة غوث يرحمه الله رئيساً في مظهر الرئاسة كحجازي وكان من المدينة أما رئاسة العمل الفعلي فقد كان لبدر الدين النعساني اللبناني المعروف بالشامي.
هذا التصحيح للتاريخ ليس للانتقاص من عمل عثمان وعلي حافظ، علي حافظ طموح بغير جموح، عثمان حافظ على ثقة في نفسه ولكنه يسير الهوينا أكثر من علي.
ما السبب في أن يكونا على هذا الخلق؟ السبب:
وينشأ ناشئ الفتيان منا
على ما كان عوده أبوه
أنا أعرف أباهما كان رجلاً دلالاً للفواكه والخضر، وكان مصدر ثقة للذين يتعاملون معه، توضع عنده الأمانات من أهل العوالي والعيون الذين يتعاملون معه، كان إذا أعسر فلاح أعانه، وإذا وضع عنده أمانة صانها، انظروا إلى نصيحته إليهما أن لا يشاركا وأن لا يكفلا، كان هذا الرجل من الذين نحترم أنفسنا إذا قبّلنا يديه.
ورغم أنه قام بطردي من منزله مع بعض الزملاء أذكر منهم الأستاذ أسعد طرابزوني، مصطفى عطار، وعبد الله حافظ، وعبد القادر غوث وحرم علينا دخوله مرة ثانية، أو تناول أي طعام فيه وذلك لما احتسبه علينا إساءة أدب منا عندما مرَّ بنا ونحن نقهقه بصوت مرتفع نتيجة حركة هزلية قام بها أحدنا رغم كل ذلك، فإني أحمد له هذا الخلق الذي رَبَّى أولاده عليه وأراد أن يربي زملاء أولاده عليه أيضاً.
لا أريد أن أطيل فقد طالت الجلسة، وكما قلت فإن الثناء على المحتفى بهما قد أنال فيه الثناء على نفسي فأنا صديق وإن أرادوا أن يجحف بعضهم فيرحمني هذه الصداقة مع إنها باقية وستظل إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :661  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 25 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.