شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حفل تكريم الأستاذ أحمد السباعي (1)
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وإمام المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
السباعي، الأستاذ المعلم والحرفي، أعني أنه حريف ذلك لأنه رجل ترابي كما أطلقت ذلك على الأستاذ أحمد قنديل، فالاثنان يشتركان بأنهما بلديان... أي أنهما أحالا العصامية إلى أرستقراطية... عكس السيد محمد حسن كتبي، والسيد عبيد مدني اللذين أحالا العظامية إلى عصامية...
أحمد السباعي ما كان يعرف أنه أديب ولهذا لم يكن من رعيل المعرض... ذلك الكتاب الذي جمع مقالات البياري، وحمدي شيخ، وعبد الله فدا، وعمر صيرفي وغيرهم. لقد كان من سنهم ولكنه ما كان على سننهم كان بعيداً عن الأدب ولكن أسميه النابغة، نبغ في الأدب فبزّ أصحاب المعرض وتقدم أصحاب أدب الحجاز، ذلك لأن عشقه للتراب وأنه مكي مائة في المائة جعله يستغرق لتتشرف به المكية وليتشرف بهذه المكية.
السباعي الرجل قد لا يبلغ في الفكاهة كمبلغ قنديل ولكنه ليس منه ببعيد، ذلك لأن الاثنين من أشياخ المراكيز، كأنما هما ((حارويان)) قد أصبحا أديبين. سمعت باسم السباعي حين كنت في المدينة، وقد تعودت ولله الحمد ألاّ يأتي قادم للمدينة من جدة أو من مكة أو من غيرها من الأمصار إلاّ وأتشرف بزيارته فتعرفت بأحمد السباعي... وصادف أن كان راجعاً إلى مكة وكنت راجعاً أيضاً إلى مكة وإذا بسيارته "تغرّز" في الطريق... وقفت أنا ورفاقي نساعده على رفع السيارة من الرمال لأن الطريق إلى المدينة حينذاك لم يكن مزفتاً وهي مصادفة جرّ لي فيها الخير أحمد السباعي... بعد أن سار بسيارته ووقفت فإذا محمد بن لادن يرحمه الله قد وقف بجوارنا فصببنا له كوباً من الشاي... وفي تلك اللحظة قدم شاب يحمل بطيخة ولحماً يقول للشيخ محمد بن لادن: إنني أعمل سائقاً عندكم ولدي سيارة معطلة تحتاج إلى نصف ماكينة، فسألني الشيخ محمد بن لادن إذا كنت أعرفه، فسألت الشاب عن عائلته وتعرفت عليه، فأمر له الشيخ محمد بن لادن بقيمة نصف ماكينة! مجاناً، فكان وقوفنا لأحمد السباعي مجالاً وفاتحاً لخير كثير لهذا الشاب الذي كان رأس ماله في هذه السيارة.
السباعي دعاني إلى العمل، ولكن تعطلت الدعوة لأسباب كثيرة، السباعي عندما أصبح رئيساً لتحرير صوت الحجاز، وأصبح مديراً لها... لا أذيع سراً إنه كان المفروض فيه أن يكون منافساً لمحمد سعيد عبد المقصود، فمحمد سعيد عبد المقصود له مواقف إيجابية وسلبية... كان بعض الناس لا يريدونها منه إذ يريدون منه أن يتواطن فلم يتواطن.. فأرادوا أن يستغلوا السباعي في هذا الموقف، ولكن السباعي لم يكن إمَّعة ولم يكن بموضع الطاعة فإذا هو أصبح الصديق والرفيق لمحمد سعيد عبد المقصود، ذلك لأن الشباب مثل السباعي وأمثاله لا يمكن أن يسخر أديباً ضد أديب... قد يختلف أديب مع أديب، ولكن بدافع التنافس الشخصي أو العناد الشخصي، أما أن يسخر أديب على أديب من قوة خارجية فأنا أتحدى من يبرز لي مثل هذا الأديب... ولا أريد أن أسمي الأشخاص فالسباعي أبى أن يسخر ضد محمد سعيد عبد المقصود.
وحورب أحمد السباعي في إدارة النشر ولعلّه لا يريد هذا الربح ولا أريد أن أتذكر ولكن عوضه الله بخير منها صيتاً في الأدب تأليفاً وسمعة. وأذكر حادثة وقعت بيني وبينه في منى... كان هو معيناً لمحمد سعيد عبد المقصود في الحفل الذي يقام في اليوم الثاني من أيام منى في بيت الشيخ ماجد كردي العريان يرحمه الله الذي كان الرجل الثاني بعد الأفندي نصيف... البيت المفتوح، والضيافة المفتوحة للعلماء، وللأخيار، والمكتبة المفتوحة فرجلان في هذا البلد ما أكرمهما علينا... الأفندي نصيف وماجد كردي العريان، جلست على كرسي وجلس طاهر زمخشري على كرسي وإذا السباعي يقول لي: قم، قم. وقلت له: لن أقوم ولكن دعني أجلس ويجلس غيري من جماعتنا حتى إذا تضايق الضيوف قمنا لهم فأصر على قيامي فأبيت أن أقوم، فقام طاهر الزمخشري وآخرون. وبينما كان محمد سعيد عبد المقصود يتولى الإشراف على اللاقط وكان محمد سرور خلفه، والسباعي يدير الحفلة فإذا بعثة الحج المصرية بقيادة محمود بسيوني رئيس مجلس الشيوخ تحضر وجلس محمود بسيوني وبعض الرفاق وإذا بالدكتور أحمد فريد رفاعي مؤلف عصر المأمون، الكاتب الكبير لا يجد كرسياً... هنا اهتبلت انتصاراً على السباعي فقمت وأجلست الدكتور فريد مكاني وقمت بجانب محمد سعيد. فقال محمد سعيد عبد المقصود: أشكرك قلت: أرفض هذا الشكر لأن هذا المكان مكاني كمكانك ونحن أخوة فليس هذا مكانك أنت، ولا مكان السباعي بل مكاننا جميعاً... قال: لهذا أشكرك. قلت: أقبل ذلك.
وجاء بكرسي لمحمد سرور فقال محمد سرور بشيء من الفكاهة: هذا الكرسي لي أم للشيخ محمد ((يعني شخصي)) قلت للشيخ محمد فإذا أطلقت كلمة الشيخ محمد فهي لك... فضحك السباعي، وضحك محمد سعيد، وطابت صداقتنا... حتى إذا أسس جريدة قريش كنت أكتب فيها تحت عنوان "قراقيش" فالتقريش هو الجمع... وقد قال السباعي أن المليباري ومن إليه كانوا من أحابيش مكة، عندما كتبت مقالاً أقول فيه: إن محمد سرور لم يكن قرشياً طبعاً ولم يكن من بني عبد الدار ولكن كان من أحابيش مكة، عاتبني السيد علي حافظ ظاناً أن أحابيش معناها حبشة مع أن الأحابيش هم القبائل من غير الحمس من غير قريش الذين كانوا يسكنون مكة من خزاعة وغيرها... أما الأحابيش المجتمعين... والتحبيش هو التجميع، لهذا عندما يقول العطار حَبِّش لي أي جمِّع لي... ومنه جبل حبشي الموجود في مكة، فالقبائل التي كانت تجتمع في مكة اسمها الأحابيش ومنهم الدّغنة الذي أجار أبا بكر رضي الله تعالى عنه منعه أن يهاجر إلى الحبشة.
السباعي في المسرح... كان مسرحياً ولا يزال مسرحياً... لعلّي أقول إن هناك خطأ في أسلوب عرض الروايات، فأجفل بعض الناس فجفلوا وكان الإلغاء ولكني أعتقد أن آفة آلة شريط التسجيل المرئي وآفة هذا التستر تضطرنا إلى الوضوح في تأسيس مسرح، عندنا ملاحم، عندنا قصص، وتاريخنا مليء بالأمجاد فليس من الضروري أن يكون المسرح من إيسن، وشكسبير، وتولستوي... فليكن من عنترة، من ذي الرمة، من سيف بن ذي يزن، من الصحابة، من الفتوحات، من عظمة الأمجاد... لماذا لا يكون المسرح... تمثيلية عن مربد البصرة، تمثيلية عن مربد الكوفة، هناك كما قلت وأريد أن أكرر أربع جامعات طبعت كل مسلم في العالم وأية جامعة إسلامية عربية أو غير عربية طبعتها ببصماتها: المسجدان (مسجد مكة، ومسجد المدينة...) ما من أحد متعلم إلا وعليه بصمتها. والمربدان (مربد البصرة ومربد الكوفة) تركا طابعهما على كل مثقف ولكن مع الأسف عُقّتِ البصرة وعُقّتِ الكوفة يحتفلون بذكرى المتنبي وذكرى الأزهر ولا يحتفل العرب بذكرى مربد البصرة ومربد الكوفة، ومربد البصرة أصبحت تطلق عليه القنابل من حقد الهرمزان وخنجر أبي لؤلؤة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :640  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 22 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.