الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > > > حفل تكريم الأستاذ عمر أبو ريشة

حفل تكريم الأستاذ عمر أبو ريشة ⁽¹⁾

ثم أعطيت الكلمة للأستاذ الأديب الكبير، صاحب العبارة المشرقة الواضحة محمد حسين زيدان، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، بعامل الحب لعمر أبي ريشة نغتفر للأستاذ عبد المقصود هذه المفاجأة التي حجزتنا أن نعدّ كلمات، فقد عودنا الأستاذ أبو تراب أن يُعدَّ قصيدة. ولو علم بأن المحتفى به هذه الليلة هو عمر أبو ريشة لأعدَّ قصيدة، ولأعدَّ آخرون كلمات. ولكني أعذر الأستاذ عبد المقصود، وأشكر الأستاذ عمر أبا ريشة على هذا القبول بصدر رحب. الشفيع فيه الحب، والشفيع فيه هذه المسرة التي أنارت وجوهنا، المحتفى به عمر أبو ريشة أخضع السياسة للشعر، ولم يخضع الشعر للسياسة، فالموهبة عنده أن يحترف الشعر، وأن يغترف من ديوان العرب الذي هو الشعر كل جميل تزين به، وزين لغته بشعره. عمر أبو ريشة كتب عليه الاحتراف أن يكون سياسياً سفيراً، ولكن الموهبة دعته أن يكون أحد السفراء الكبار الذين هم في صف فؤاد الخطيب، بدوي الجبل، شوقي، حافظ ومطران. هذه المدرسة القديمة لا زال عمر أبو ريشة هو الجديد فيها الآن وما أقلّ الجديد الآن، أعني الجديد المحافظ على هذا القديم محافظة عمر أبي ريشة. اسمعوه وهو يلقي الشعر. كان إلقاؤه شعراً على الشعر، وفناً على الفن، لا تحسبوه قليل الأحزان فهو من الرجال الذين يكبرون بالحزن، فالحزن صفة الرجال الكبار. من شمائله صلى الله عليه وسلم أنه كان متواصل الأحزان، كان ضحكه التبسم، فلو ابتسم عمر أبو ريشة لكانت تلك البسمة بيتاً من الشعر يرفِّه به عن حزنه على واقع أمته العربية. لا أريد أن أطيل، وإنما أريد أن أتطرَّى هذه المفاجأة، أرفِّه عنكم قليلاً، وأرفِّه عنه قليلاً لعلَّه يسمعنا، لعلَّه يطربنا. فعمر أبو ريشة هو بقية الناس. أتعرفون من بقية الناس؟ وفيمن قيلت أول مرة؟ لقد قالها الوليد بن عبد الملك لسيدنا سعيد بن المُسَيِّب. وأنا لا أسيِّبُ سعيداً، ولا أقول ابن المسيِّبِ لأنه - رضي الله عنه - وأرضاه كان يقول: سيَّبَ الله من سيَّب اسم والدي.

عندما زار الوليد بن عبد الملك المدينة، ودخل المسجد رأى سعيد بن المسيب محتبياً بحبوته، فما أطلق حبوته، ولا هش وبش للوليد فاكفهر أعوان الوليد، ولكن الوليد كان رضي الخلق، كسرته النخوة في الشيخ المسلم الإمام سعيد أن يقول: دعوه هذا بقية الناس.

أنا أستعير هذه الكلمة لمن أعرف أنَّه بقية الناس، وعمر أبو ريشة بقية الناس.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.