شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حفل تكريم الأستاذ الشاعر محمود عارف (1)
بسم الله الرحمن الرحيم، أسرعت من الرياض لأحضر تكريم الأخ محمود عارف، لأنه يستحق التكريم، لا لأنه شاعر، ولا لأنه ناثر، ولكن لأنه أخلاق، كان مخضرماً بين متخاصمين في الشعر، بين العوّاد وبين حمزة شحاته، كان العوّاد من جدة أصلاً وفرعاً، ولكنه كان يرى نفسه لا ينتمي إلى جدة كل الانتماء، لأنه حلَّق بعيداً، وكان له طموح أكثر من أن يكون جداوياً كما يقولون، وحمزة شحاته مكي أراد أن يكون بالقسر جداوياً. أما محمود عارف فهو جداوي أصالة، فيه من أخلاق جدة ما جعلني أقول أنه أخلاق، لأن في جدة بعض طبقات قد استكبرت، وبعض طبقات قد عرفت معنى ترابها فزانته بأخلاقها، لا أريد أن أذكر أسماء، ولا أريد أن أذكر أحداً، وإنما أريد أن أقول إن محمود عارف عرف موطنه، وانتسب إليه، وعمل بسلوكه وأخلاقه، كأنه تاجر من التجار القدامى، يقنع بالكيس الفارغ، لا يغالي في الربح ولا يغالي بما لديه، إنما هو مطمئن إلى سلوكه، يأتينا بالشيء في دعة وسمو سلوك، وسمو أخلاق، محمود عارف كان يمكن أن يمتطي الكبرياء، ولكن الكبرياء بعيدة عن رجل يرى لإخوانه حقاً من التواضع معهم، وحقاً من الألفة بهم. من هنا أحترم محمود عارف، من هنا أسرعت من الرياض وأنا في هذه السن آتياً، لأصل قبل المغرب إلى هنا، أقسم أنه ما أتى بي إلاّ أن أحضر تكريم محمود عارف، وأنا كنت بعيد الصلة به، ولكني قوي الوصل له، كما قلت: إنه مواطن يعرف قدر وطنه، لا يستكبر ولا يتصنَّع، فهو في الناس الوسط، أشكر الأستاذ محمود عارف.
أما هذا التونسي الشاعر، فلي كلام عنه، أولاً: إن هؤلاء المغاربة، قلت أكثر من مرة: يحبون هذه الأرض وأنسابها، لهم فضل الحفاظ على تراثها، نزل القرآن في الحجاز، وحُفِظ في المغرب، وكُتِب في أسطنبول، وقرئ في مصر، هؤلاء المغاربة حافظوا على اثنين لم نحافظ عليهما نحن، وهما من حقنا وهما لنا، حافظوا على مذهب مالك، مذهب أهل المدينة، فهم مالكيّون، وحافظوا على قراءة أهل المدينة قراءة نافع مولى ابن أبي نعيم، أي وفاء أكثر من هذا؟ هم الذين حفظوا الدين، وحفظوا القرآن يوم دك التتار المشرق، ويوم ذهبت بغداد، وذهبت الكوفة والبصرة. من عمَّر مصر بالأزهر؟ إنهم المغاربة، فالأزهر بناء مغربي، بناه جوهر الصقلي، بناه المُعز الفاطمي المغربي، ومصر ما عقت المغرب، جعلت السيد البدوي المغربي سيد أوليائها، وعبد السلام المرسي سيد أوليائها، وأبا الحسن الشاذلي سيد أوليائها، وعبد الرحيم القناوي سيد أوليائها وهم مغاربة، وبالأمس الخضر حسين شيخ أزهرها، هذا وفاء لا أراه إلاَّ غرب السويس، أما شرق السويس فدعوني أسكت، ألم تسمعوا هذه القصيدة التي يعارض بها دوقلة المنبجي أو دعبل الخزاعي؟ لقد حقق أستاذنا عبد العزيز الميمني الراجكوتي الهندي، وهو من أكابر العلماء، حققها ونسبها لدوقلة. وما علينا أن تنسب لدوقلة أو لغيره ولكنها منسوبة لشعرنا العربي.
هل بالطلول لسائل رد
أم هل لها بتكلم عهد
والتي جاء فيها هذا البيت والذي لمسنا إيحاءه في قصيدة هذا الشاعر التونسي:
إن تُتْهمي فتهامة وطني
أو تُنْجدي يكن الهوى نجدْ
لكني أريد أن آتي بالبيت التالي:
ضدان لما استجمعا حَسُنا
والضد يظهر حسنه الضد
لقد عارض الأستاذ صمود القصيدة أحسن معارضة، وذلك لأنه ينتج من فؤاد محب لهذه الأرض، لنَجْدِها، تهائمها، سرَاتها، حجازها، مكّتها، مدينتها، هذه التي يكاد يضيع فيها الحب، ويكاد يضيع لها الحب، من أمتها العربية، ما من بلد أعطى ولم يأخذ، إلاَّ هذا البلد، وهذا من عطاء هذا البلد، إنهم يفخرون وإن حملوا على بني هلال لأنهم خربوا القرطاج، إنهم هم من بني هلال، هم والجزائر، عزوتهم إلى الآن عزوة شباب حرب وعتيبة، أي أبناء بلدكم وقبائلكم، أليس كذلك، هل أكذب أم أصدق؟
عندما قدِم طاهر زمخشري قلت له: لا يذكركم بأنه شاعر، وإنما يذكركم بزرياب، عندما ذهب من الأندلس صيت زرياب احتضنته تونس. أستاذنا ابن خلدون محمد عبد القادر التونسي الكيلاني، يقول: إن تونس هي التي احتضنت حضارة الأندلس، وما أحلى تونس، وهي تونس بلا شك، هذا الشعر المجيد أجاد الشاعر، فأطربنا، ولكن ليس ذلك غريباً على إنسان نشأ لحب هذه الأرض وإنسانها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :627  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 12 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الجمعية النسائية الخيرية الأولى بجدة

أول جمعية سجلت بوزارة الشئون الاجتماعية، ظلت تعمل لأكثر من نصف قرن في العمل الخيري التطوعي،في مجالات رعاية الطفولة والأمومة، والرعاية الصحية، وتأهيل المرأة وغيرها من أوجه الخير.