الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > > > الحلقة السابعة والثلاثون

الحَلْقَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ

جلس الفتى قبالة أستاذه الشيخ وفي رأسه يدور سؤال مهم فرفع إصبعه مستأذناً بطرح سؤاله أذن له الشيخ بإلقاء سؤاله.. قال الفتى..

في الدرس الماضي درسنا توكيد الفعل وسؤالي اليوم هل يؤكد اسم الفعل أم لا؟ رد الشيخ لا لا يؤكد فلم يسمع عن العرب ذلك. ثم أخذ الشيخ يستعد للدرس الجديد فقال درسنا اليوم يا بني عن فعلين جامدين هما ـ نعم ـ وبئس ـ يفيد الأول منهما المدح ويفيد الآخر الذَّم ويجب في فاعل كل منهما أن يكون مقترناً بأل.. نحو نعم الكتاب المفيد.. أو مضافاً إلى ما فيه أل نحو.. بئس عمل الفجور بعد الإسلام أو ضميراً مستتراً وجوباً مميزاً بنكرة نحو نعم بيتاً المسجد الحرام وبئس عملاً الوشاية بين الناس. أو ضميراً مميزاً بـ ـ ما ـ نحو نعم ما تصبو إليه الصلح بين الناس.

وبئس ما تتصف به الكذب بين أقرانك ولا بد من ملاحظة أنه إذا تأخر الاسم المخصوص بالمدح أو الذم عن الفعل نحو نعم الكتاب المفيد يعرب خبراً لمبتدأ محذوف وجوباً أو مبتدأ خبره الجملة التي قبله، رفع الفتى إصبعه مشيراً إلى سؤال عاجل.. سمح له الشيخ بطرح سؤاله فقال الفتى وكيف إذا تقدم المخصوص على الفعل نحو.. الطائف نعم المصيف؟ رد الشيخ على الفور يعرب مبتدأً لا غير.

ثم تابع الفتى سؤاله بسؤال آخر طالباً من أستاذه الشيخ ذكر إعراب مفصل لكلا المثالين رحب الشيخ بطلب الفتى فقال.. نعم الكتابُ المفيدُ.. نعم فعل ماضٍ جامد مبني على الفتح، الكتاب فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة، المفيد مخصوص بالمدح مرفوع في محل مبتداً مؤخر، والجملة قبله خبر مقدم.. أو هو خبر لمبتدأ محذوف وجوباً تقديره هو المفيد، أما في قولنا الطائف نعم المصيف. فتعرب لفظة الطائف مبتدأ ونعم فعل ماضٍ المصيف فاعل. والجملة في محل رفع خبر المبتدأ..

أخذ الفتى يسجل شرح أستاذه الشيخ في كراسته التي ملئت بالكثير المفيد من الشروحات ثم راح الشيخ يتم درسه قائلاً ويضاف إلى فعلي نعم وبئس فعلان هما.. حبَّذا ولا حبَّذا.. الأول للمدح والأخير للذَّم.. فتقول ـ حبذا جو الجنوب ـ لا حبذا السرعة الطائشة فيكون فاعل كل منهما ـ ذا ـ وما بعده المخصوص ولا يتقدم المخصوص هنا على الفعل.. رفع الفتى إصبعه مستأذناً بسؤال عاجل قال فيه عفواً أستاذي الشيخ درسنا في باب الاسم أنه يقبل دخول حرف الجر وحرف النداء.. وأن حرفي الجر والنداء من خصوصيات الأسماء.. فكيف دخلا هنا على نعم وبئس في قولنا.

ـ قضيت الرحلة على نعم الراحلة في بئس الطريق؟ وكذلك قولنا يا نعم المولى ويا نعم النصير.

رد الشيخ على سؤال الفتى بقوله.. فريق من النحاة اعتبر نعم وبئس اسمين.. بدلالة دخول الجر والنداء.. ولكن الواقع أنه رأي ضعيف إذ يعتبر دخول حروف النداء والجر عليهما سماعيًّا لا ينقلهما من الفعلية إلى الإسمية وعلى فكرة سؤالك جيِّد جدًّا وذكيٌّ تشكر عليه.

ثم مضى الشيخ يواصل درسه بقوله ودرسنا اليوم عن الفعل المجرد والمزيد فأنت تعلم أن الفعل ينقسم إلى قسمين أساسيين هما المجرد والمزيد..

فأما المجرد فهو الذي تكون جميع حروفه أصلية فيه نحو نَصَرَ ينصرُ ضرَبَ يضرِب فَتَحَ يفتَح، فَرِحَ يفرَح، حَسِبَ يحسِبُ، كَرُم يكرُم،.. وكلها أفعال ثلاثية مجردة.. أما الرباعي المجرد فهو طمأن يطمئن ـ وإذا أجلت النظر تجد أن الأفعال المذكورة تشمل جميع أبواب الأفعال الأصلية من حيث حركة ماضيها ومضارعها.. فنصر مضارعه بضم عينه، وضرب مضارعه بكسر عينه وفتح مضارعه بفتح عينه، وفرح مضارعه بفتح عينه.. وحسب بكسر عينه في المضارع، أما كرم.. فبضم عين مضارعه وهذه هي كل أبواب الأفعال الثلاثية المجردة.

في الماضي والمضارع.. سماعاً وقياساً فعليك حفظها عن ظهر قلب أما الفعل الأخير فهو رباعي مجرد على زنة ـ فَعْلَلَ ـ فمضارعه مكسور العين يفعلل ـ نحو طمأن يطمئن ـ رفع الفتى إصبعه مستأذناً بسؤال عاجل سمح له الشيخ بطرح سؤاله فقال: ذكرت أيها الشيخ الأفعال السابقة كلها صحيحة ولم تذكر فعلاً واحداً معتلاً فلماذا أيها الشيخ أليست من أبواب الأفعال، رد الشيخ ولكنها تحتاج إلى درس خاص بها فسيكون ذلك لاحقاً ـ إن شاء الله.

شكر الفتى أستاذه الشيخ وودع كل منهما الآخر على أمل اللقاء المتجدد غداً إن شاء الله.