شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحَلْقَةُ الثَّامِنَةُ وَالعِشْرُونَ
حضر الفتى مبكراً وفي جعبته سؤال حيره كثيراً بل وفتش له عن إجابة لديه فلم يقف على جواب مرض.. حضر الشيخ في موعده فوجد فتاه قد سبقه اليوم فبادره قائلاً لعلَّ بعض الأسئلة شغلتك ليلة البارحة فأقلقتك وسببت لك سرعة الحضور قبلي هذا اليوم، ابتسم الفتى قائلاً كأني بك أيها الشيخ الجليل تقرأ أفكاري.. أو ربما عامل الخبرة مكَّنَك من استشفاف المختبئ عندي، المهم لديَّ سؤال حيرني كثيراً ولم أقف على إجابة من معلوماتي المتواضعة. قال الشيخ أثرتني كثيراً يا فتى وشوقتني لسماع سؤالك هذا هيا اطرحه وفقني الله على إجابتك عليه.. قال الفتى في درس العطف من منصوبات الأسماء قلتم إن الاسم المعطوف يتبع المعطوف عليه في الإعراب.. قال الشيخ نعم قلت هذا وابصم لك عليه ـ قال الفتى وسؤالي هو ـ لماذا لم يتبع الاسم المعطوف عليه في الإعراب في الجملتين الآتيتين؟ قال الشيخ هات جملتيك.. قال الفتى يقولون.. لا أُمَّ له ولا أبُ، بنصب لفظة أم، ورفع لفظة أب مع أن لفظة أب معطوفة على لفظة أم المنصوبة.. وكذلك قولهم لا ناقةَ له فيها ولا جملُ، بنصب لفظة ناقة ورفع لفظ جمل. مع أنها معطوفة على ناقة المنصوبة.. علت وجه الشيخ ابتسامة عريضة.. تدل على رضى عن سؤال الفتى.. فقال.. في كلا الجملتين العطف موجود.. ولكن العطف هنا ليس عطفاً على اللفظ بل هو عطف على ـ المحل ـ وعطف المحل بمعناه العطف على الاسم قبل دخول ـ لا ـ هنا النافية.. فلفظتا أم ـ وناقة كانتا مرفوعتين قبل دخول مسوغ نصبهما وهو ـ لا ـ النافية.. لذلك جاز عطف الاسم عليهما بالرفع أي قبل دخول ما يسوغ النصب.. فهل أدركت السبب يا بني؟ قال الفتى أشكرك أستاذي الشيخ، شكراً جزيلاً على هذا الإيضاح.. رفع الفتى إصبعه مستأذناً بطرح سؤال آخر.. سمح له الشيخ بإلقاء سؤاله قال الفتى.. يقول الحق سبحانه وتعالى.. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى (1) .. الآية.. فلماذا عطف لفظة الصابئين بالرفع على لفظتي الذين هادوا.. والذين آمنوا.. مع أنهما منصوبتان؟
انفرجت شبه ابتسامة على شفة الشيخ ثم قال لفتاه يبدو أنك لم تشغل مخك هذه المرة فأين حساسيتك وذكاؤك المعهود.. إن الواو هنا يا بني ليست واو عطف كما توهمت وإنما واو استئناف، فليس معقولاً عطف الصابيئين على الهادين والمؤمنين حيث المعنى على الأقل لا ينسجم. سعد الفتى كثيراً بإجابة أستاذه الشيخ وقال فعلاً أيها الشيخ.. لا أدري كيف غرب عن ذهني إدراك هذا.. سأل الشيخ فتاه هل هناك سؤال مهم آخر؟ رد الفتى لا وأطال الله عمر شيخي العزيز..
قال الشيخ إذن.. بعد أن فرغنا من ذكر اثنين وعشرين اسماً منصوباً أرجو من الله أن يلهمنا الصواب والأدب مع هذه اللغة القرشية التي حملت كتاب الله ووسعته معنى ولفظاً. وأن يوفقنا للوقوف على أسرار كتابه الحكيم من خلال دراستنا لمادة قواعد هذه اللغة حتى نتمكن من فهم آيات القرآن الكريم فهماً يليق بجلاله وبعد أن انتهينا من هذه المنصوبات..
علينا اليوم أن نعرج إلى مرفوعات الأسماء، آمل أن نقف على كل مرفوع منها وقفة تأنٍ واستيعاب، رفع الفتى إصبعه مشيراً بطرح سؤال مهم.. قال الشيخ هات سؤالك فنحن لم نبدأ الدرس بعد.. قال الفتى.. حبذا لو عاد أستاذي الشيخ إلى طريقته في إشراكي في شرح الدرس.. قال الشيخ هو لك يا بني، فهل تذكر لي كم عدد مرفوعات الأسماء؟ قال الفتى في علمي لا تزيد على ثمانية مرفوعات هي.. الفاعل نائب الفاعل، المبتدأ والخبر، اسم كان وأخواتها.. خبر إنَّ وأخواتها.. الصفة.. البدل المعطوف، رد الشيخ هذا جميل منك يا بني.. ولو أنك أغفلت خبر لا النافية للجنس.. واسم ما الحجازية، والمنادي غير المضاف.. والنكرة المقصودة.
ولا بد من الوقوف على كل مرفوع منها على حدة حتى نتمكن من استيعاب المعلومة بصورة جيدة.. إن شاء الله تعالى.. ثم راح الشيخ يقول أول هذه المرفوعات هو الفاعل.. فهل تذكر تعريفاً واضحاً عن الفاعل يا بني؟ قال الفتى سأفعل إن شاء الله على قدر علمي به.
ثم قال: الفاعل اسم مرفوع يحدث منه الفعل ويكون بعد الفعل مباشرة ويأتي اسماً صريحاً أو ضميراً.. ولكن الشيخ الدقيق لاحظ نقصاً في التعريف فقال للفتى لابد من إضافة عبارة ـ أو اتصف به.. إذ ليس شرطاً أن يحدث الفعل من الفاعل مباشرة في كل الحالات.. فهناك أحوال لا يمكن صدور الحدث منه بل لا بد من الاتصاف به كأن نقول مثلاً مرض عبد الله ومات سعيد.. ففعلا مرض.. ومات لا يمكن حدوثهما من عبد الله وسعيد.. بل إنهما اتصفا بهذا الفعل أخذ الفتى يدوِّن هاته الملاحظة في كراسته التي عمرت بالكثير المفيد من الشواهد والشوارد.. وقال لأستاذه الشيخ كم أنت دقيق وبصير في شرحك أيها الشيخ الكريم!
ثم قال الشيخ والاسم الثاني من هذه المرفوعات فهو نائب الفاعل.. وهو كما تعلم اسم ينوب عن الفاعل بعد حذفه وغالباً ما ينوب عنه المفعول به إن كان متعدياً فنقول مثلاً قُرِئَ الكتابُ.. بضم الحرف الأول من الفعل وكسر ما قبل الحرف الأخير منه.. إن كان الفعل ماضياً أما إذا كان مضارعاً فبضم أوله وفتح ما قبل آخره مثل يُكتَبُ.. يُقرَأ.. يُشرَب ـ وتقول في حالة الفعل اللازم جُلس على الكرسي.. رفع الفتى إصبعه مشيراً إلى سؤال عاجل.. سمح له الشيخ بطرح سؤاله.. قال الفتى ماذا لو كان الفعل متعدياً لأكثر من مفعول واحد؟
ارتاح الشيخ لسؤال فتاه.. فقال له.. يحول المفعول الأول إلى نائب فاعل ويبقى الوضع الإعرابي كما هو للآخرَيْن، فنقول مثلاً عُلم الصدقُ منجياً..
وكذلك إذا كان الفعل متعدياً لأكثر من مفعولين نقول.. أُعْلِمَ عليٌّ القراءةَ مفيدةً.. سأل الفتى أستاذه الشيخ حبذا لو ذكر لي أستاذي الفاضل علامات الرفع كما سبق له أن ذكر لي علامات النصب.. رحب الأستاذ الشيخ بطلب تلميذه الفتى فقال.. هي.. الضمة في المفرد.. وجمع المؤنث، والمكسر والواو في جمع المذكر السالم والأسماء الستة والألف في المثنى بنوعيه مذكراً ومؤنثاً فهل لديك ما تسأل عنه يا بني.. قال الفتى شكراً لأستاذي الشيخ.. ثم أقفل الفتى كراسته.. وأخذ كل منهما طريقه إلى بيته على أمل اللقاء المتجدد غداً إن شاء الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :665  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 31 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالعزيز الرفاعي - صور ومواقف

[الجزء الأول: من المهد إلى اللحد: 1996]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج