شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحَلْقَةُ الحَادِيَةُ والعِشْرُونَ
حضر الفتى مبكراً قبل أستاذه الشيخ متلهفاً للدرس ومعه مجموعة من الأسئلة ولم تمض دقيقة واحدة على حضوره حتى رأى الشيخ الوقور في هيبته وحسن هندامه ومظهره الأنيق هاشًّا باشًّا كعادته فألقى على الفتى تحية الإسلام. رد الفتى على تحية شيخه ثم أخذ الشيخ مقعده المعد له وأمامه الفتى الذكي المنطلق سعادة.. رفع الفتى إصبعه مستأذناً شيخه بطرح سؤال شغله كثيراً قال الشيخ: تفضل بإلقاء سؤالك يا بني.
قال الفتى: سؤالي أيها الشيخ الوقور هل بالإمكان مجيء كان ناقصة وتامة في عبارة واحدة؟ أي هل لنا توظيف معناها تامًّا وناقصاً في آن واحد!؟ ابتسم الشيخ وظهرت عليه معالم السرور والغبطة لحسن سؤال فتاه.. فقال: نعم يا بني يمكننا ذلك وقد قلت لك سابقاً إن النحو أصل المعنى.. فإذا استقام المعنى استجاب النحو.. فمثلاً تقول.. كان الحق لنا وانكشف الظلام.. فـ ((لفظة)) الحق يمكن اعتبارها اسماً لكان الناقصة.. والجار والمجرور متعلقاً بخبرها.
ويمكن اعتبار لفظة ـ الحق ـ فاعلاً لكان التامة التي بمعنى حصل ـ أو ظهر أي حصل الحق لنا وانكشف الظلام راح الفتى منكبًّا على كراسته يسجل شرح أستاذه الشيخ بعد أن عبر له عن سعادته بقوله: كم أنت مشرق متمكن أيها الشيخ في مادتك! رد الشيخ على الفتى: شكراً على هذا الإطراء.. وعليك أن تعي يا بني إن النحو في الكلام أصل للمعنى فإذا استقام المعنى استجاب له النحو.. وقديماً قالت العرب: النحو في الكلام كالملح في الطعام من حيث ضبطه ومعناه.. أو النحو ملح الكلام وشريانه النابض بالمعنى والإحساس.
ثم قال الشيخ لفتاه: هل لديك سؤال آخر يا بني؟
قال الفتى: شكراً جزيلاً أيها الشيخ الوقور.
وانطلق الشيخ في بدء درسه الجديد قائلاً: وثامن منصوبات الأسماء (المنصوب ينزع الخافض) أي بحذف حرف الجر منه. وهذا قليل مسموع في كلام العرب وأحسبه مقتصراً على ما جاء على لسان العرب وسمع عنهم. رفع الفتى سبابته مشيراً بسؤال عاجل.. قال له الشيخ: اطرح سؤالك يا بني.. قال الفتى: تقول أيها الشيخ أنه لا يحق لنا أن نضيف أمثلة جديدة للمنصوب بنزع الخافض فلماذا؟ هل هو موقوف على السماع؟
قال الشيخ: نعم لا يمكننا الإضافة حتى لا نحمل الكلام معنى زائداً أو نخرجه حسب هوانا.. لأن نزع الخافض إنما يكون في الأفعال اللازمة.. إذ حملوها معنى المتعدية.. فقالوا.. جاء وجهَ النهار.
أي في وجه النهار.. ومرَّ الديارَ.. أي بالديار.. وتوجه مكةَ المكرمة.. أي إلى مكة المكرمة. وذهب المدينةَ المنورة أي إلى المدينة المنورة.. وفي حالة إعرابه نقول: ذهبت المدينةَ المنورة.. ذهبت: فعل ماضٍ مبني على السكون العارض ـ لإتصاله بتاء الفاعل وتاء الفاعل ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. المدينة: اسم منصوب بالفتحة الظاهرة في آخره.. على نزع حرف الجر منه وهو ـ إلى ـ المنورة: صفة منصوبة تابعة لموصوفها.
أما تاسع منصوبات الأسماء فهو ـ اسم لا النافية للجنس ـ التي تعمل عمل إنَّ ـ تنصب المبتدأ على أنه اسمها وترفع الخبر ويسمى خبرها.. ولكن لا بد أن تعي تماماً أن اسمها وخبرها لا يكونان إلى نكرتين..
فنقول مثلاً: لا قاريءَ في المكتبة فأنت هنا تنفي وجود جنس القراء من المكتبة مع أنه يجوز أن يكون فيها موظفون أو زوار أو حشم.. وفي حالة الإعراب نقول: لا: نافية للجنس تعمل عمل ـ إن ـ قاريء: اسم لا النافية منصوب وغيرنا يقول مبني في محل نصب.. إعراب لا أرتاح إليه كثيراً مع صحته.. في المكتبة: جار ومجرور متعلق في محل رفع خبر ـ لا ـ أي لا قاريء موجود في المكتبة.
رفع الفتى إصبعه يريد طرح سؤال عنَّ له. لاحظ الشيخ إصبع فتاه مرفوعة تشير بسؤال عاجل فقال: هات سؤالك يا بني.. قال الفتى.. سمعتهم يقولون لا رجلٌ جالساً في الحديقة. فكيف جوزوا رفع ـ رجل ـ مع أنه مذكور بعد ـ لا ـ ولم جاء لفظ ـ جالساً ـ منصوباً؛ اعتلت إبتسامة وضيئة على مبسم الشيخ وقال لفتاه: المثال صحيح يا بني من الوجهة الإعرابية.. ولكن عليك أن تدرك أنَّ لا هنا.. ليست لا النافية للجنس وإنما هي لا النافية للمفرد.. ففي المثال السابق أنت تنفي وجود رجل واحد في الحديقة ولا تنفي وجود جنس الرجال فيها فقد يكون أكثر من رجل في الحديقة ولا هذه تعمل عمل ليس.. فرجل اسمها وجالساً خبرها.. وهي لا النافية للمفرد.. فاحترس زادك الله ذكاء وعلماً وألهمك الصواب..
أما عاشر منصوبات الأسماء.. فهو ـ الصفة ـ فالصفة كما تعلم تتبع موصوفها وتطابقه فإن جاء الموصوف منصوباً جاءت الصفة منصوبة نحو قولنا أكرمت الطالب المجدَّ ـ فلفظة ـ المجدَّ صفة منصوبة تابعة لموصوفها وهو الطالب. وكذلك قولك قرأت كتباً جديدة.. أو مررت بمدينتين قديمتين..
والحادي عشر من منصوبات الأسماء هو ـ ما نصب بفتح الجزأين ـ وهو اسم منصوب دائماً بفتح جزأيه.. كأن تقول مثلاً ـ أزورك ليلَ نهارَ أو صبحَ مساءَ.. صيفَ شتاءَ.. ومنها قولهم شمالَ جنوبَ.. شرقَ غربَ.. حيصَ بيصَ.. إلى آخره.
يبدو أننا نكتفي بهذا القدر من منصوبات الأسماء هذا المساء مخافة الإثقال عليك أيها الفتى والإملال. على أمل اللقاء غداً إن شاء الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :645  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 24 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثالث - النثر - مع الحياة ومنها: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج