شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
علم البديع
علم يعرف به وجوه تحسين الكلام المطابق لمقتضى الحال، وهذه المحسنات منها ما يرجع منها إلى تحسين المعنى ويسمى بالمحسنات المعنوية ومنها ما يرجع إلى تحسين اللفظ ويسمى بالمحسنات اللفظية وهي كثيرة مذكورة في كتب البلاغة منها:
1 ـ التورية وهو أن يرى لفظ له معنيان قريب يتبادر فهمه من الكلام وبعيد يكون هو المراد بإفادة قرينة خفية كقوله تعالى:
وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ (الأنعام: 60).
فالمعنى القريب هو الجرح المعلوم والبعيد هو ارتكاب الذنوب. وكقول الشاعر:
يا سيداً حاز لطفاً
له البرايا عبيد
أنت الحسين ولكن
جفاك فينا يزيد
فالمعنى القريب هو اسم يزيد بن معاوية المعلوم والبعيد وهو الزيادة والمقصود وكقول الشاعر:
يا سادةً سكنوا حماة وحقكم
ما حلتُ عن تقوى وعن إخلاص
والدمع مع بعدكم إذا ذُكر اللُقَا
يجري المدامع طائعاً كالعاصي
فالمعنى القريب هو العصيان والبعيد هو نهر العاصي في حماه وهو المقصود.
2 ـ الطباق وهو الجمع بين معنيين متقابلين كقوله تعالى:
وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ (الكهف: 18) فجمع بين اليقظة والنوم.
وكقول الشاعر:
على رأس حرِّ تاج عزّ يزينه
وفي رجل عبد قيد ذل يشينه
ففي هذا البيت جمع بين الحر والعبد وبين العز والذل.
وكقوله:
من قاس جدواك يوماً
بالسحب أخطأ مدحك
السحب تعطي وتبكي
وأنت تعطي وتضحك
فجمع بين البكاء والضحك.
3 ـ المقابلة وهو أن يؤتى بمعنيين أو أكثر ثم يؤتى بما يقابل ذلك بالترتيب كقوله تعالى: فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً (التوبة: 82) فذكر الضحك قليل والبكاء كثير.
4 ـ مراعاة النظير هو جمع أمر وما يناسبه لا بالتضاد كقول الشاعر:
والطل في سلك الغصون كلؤلؤ
رطب يصافحه النسيم فيسقط
والطير يقرأ والغدير صحيفة
والريح تكتبُ والغمام ينقطُ
5 ـ الاستخدام هو ذكر اللفظ بمعنى وإعادة الضمير عليه بمعنى آخر أو إعادة ضميرين تريد بثانيهما غير ما أردته من أولهما فالأول كقوله تعالى: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (البقرة: 185) أراد بالشهر الهلال بضمير الزمان المعلوم والثاني كقول الشاعر:
فسقى الغضا والساكنين وإن هم
شبوه بين جوانحي وضلوعي
فالغضا هو شجر البادية وضمير ساكنين يعود إليه بمعنى مكانه وضمير شبوه يعود إليه بمعنى نارُه.
6 ـ الجمع هو أن يجمع بين متعدد في حكم واحدة كقول الشاعر:
إن الشباب والفراغ الجده
مفسدة للمرء أي مفسدة
7 ـ التفريق هو أن يفرق بين شيئين من نوع واحد كقول الشاعر:
ما نوال الغمام وقت ربيع
كنوال الأمير يوم سخاءِ
فنوال الأمير بدرة عين
ونوال الغمام قطرة ماءِ
8 ـ التقسيم هو إما استيفاء أقسام الشيء كقوله:
وأعلم علم اليوم والأمس قبله
ولكنني عن علم ما في غد عَمي
وإما ذكر متعدد وإرجاع ما لكل إليه على التعيين كقوله:
ولا يقيم على ضيم يراد به
إلاّ الاذلاّن عيرُ الحي والوتدُ
هذا على الخسف مربوط برمته
وذا يشج فلا يرثي له أحد
وإما ذكر أحوال الشيء مضافاً إلى كل منهما ما يليق به كقوله:
سأطلب حقي بالقنا ومشامخٍ
كأنهمو من طول التثموا مردُ
ثقال إذ الاقوا خفاف إذا دعوا
كثير إذا شدوا قليل إذا عدوّا
9 ـ تأكيد المدح بما يشبه الذم وهو ضربان أحدهما أن يُستثنى صفة ذم فصفة مدح على تقدير دخولها فيه كقوله:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم
بهن فلول من قراع الكتائب
وثانيهما أن يثبت لشيء صفة مدح ويؤتى بعدها بأداة استثناء تليها صفة مدح أخرى كقوله:
فتىً كملتْ أوصافه غير أنه
جواد فما يبقي على المال باقيَا
10 ـ حسن التعليل وهو أن يدعي لوصف علة غير حقيقية فيها غرابة كقوله:
لو لم تكن نية الجوزاء خدمته
لما رأيت عليها عقد ومنطق
11 ـ ائتلاف اللفظ مع المعنى هو أن تكون الألفاظ موافقة للمعاني الألفاظ الجزلة والعبارات الشديدة للفخر والحماسة والكلمات والعبارات اللينة للغزل ونحوه كقوله:
إذا مَا غضبنا غضبةً مضريةً
هتكنا حجاب الشمس أو سفكت دمَا
إذا مَا أعرَنا سيد من قبيلةٍ
ذرى منبر صلى علينا وسلّما
وكقوله:
لم يطل ليلي ولكن لم أنم
ونفى عني الكرى طيف ألم
12 ـ الأسلوب الحكيم هو أن تلقي المخاطب بغير ما تترقبه أو السائل بغير ما يترقبه تنبيهاً على أن الأولى ما تقصد فالأول يكون بحمل الكلام على خلاف مراد قائله كقول القبعثري للحجاج وقد توعد القبعثري بقوله: لأحملنّك على الأدهم فقال القبعثري مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب فقال له الحجاج أردت أن يكون حديداً فقال القبعثري لأن يكون حديداً، خير من أن يكون بليداً أراد الحجاج بالأدهم القيد والحديد المعدن الخاص وحملهما القبعثري على الفرس الأدهم الذي ليس بليداً.
والثاني أن يكون بتنزيل السؤال منزلة سؤال آخر مناسب لحالة المسألة كما في قوله تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ (البقرة: 189) فقد سأل أحد الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم ما بال الهلال يبدو دقيقاً ثم يتزايد حتى يصير بدراً ثم يتناقص حتى يعود كما بدا فجاء الجواب عن الحكمة المترتبة على ذلك لأنها أهم للسائل فنزل سؤالهم عن سبب الاختلاف منزلة السؤال عن حكمته.
13 ـ الجناس ـ هو تشابه اللفظين في النطق لا في المعنى ويكون تامًّا وغير تام، فالتام ما اتفقت حروفه في الهيئة والنوع والعدد والترتيب نحو:
لم نلق غيرك إنساناً يلاذ به
فلا برحت لعين الدهر إنسانا
ونحو:
فدارهم ما دمت في دارهم
وارضهم ما دمت في أرضهم
وغير تام نحو:
يمدون من أيدٍ عواص عواصم
تصول بأسيافٍ قواض قواضب
14 ـ السجع هو توافق الفاصلتين من نثر في الحرف الأخير نحو: الإنسان بآدابه لا بزيّه وثيابه. ونحو: يطبع الأسجاع بجواهر لفظه ويقرع الأسماع بزواجر وعظه.
15 ـ الاقتباس هو أن يضمن الكلام شيئاً من القرآن أو الحديث لا على أنه منه كقوله:
لا تكن ظالماً ولا ترض بالظلم
وأنكر بكل ما يستطاع
يوم يأت الحساب ما لظلوم
من حميم ولا شفيع يطاع
16 ـ حسن الابتداء هو أن يجعل المتكلم مبدأ كلامه عذب اللفظ حسن السبك صحيح المعنى فإذا اشتمل على إشارة لطيفة إلى المقصود سُمي: براعة الاستهلال. كقوله في تهنئة بزوال مرض:
المجد عوفي إذْ عوفيت والكرم
وزال عنك إلى أعدائك الألم
وكقول الآخر:
قصر عليه تحية وسلام
خلصت عليه جمالها الأيام
17 ـ حسن الانتهاء هو أن يجعل آخر الكلام عذب اللفظ وحسن السبك صحيح المعنى فإذا اشتمل على ما يشعر بالانتهاء سُمي براعة المقطع كقوله:
بقيت بقاء الدهر يا كهف أهله
وهذا دعاء للبرية شاملُ
2 ـ وكقول الشاعر:
أعجبتني كما المها
فتية من العرب
تقرأ برحب الكتب
تبت يد أبي لهب
وكقوله:
لوائمي قطعت أكبادهن متى
رأينه في جمال الحسن والتيه
فيا صواحب أكباد مقطعة
فذلكن الذي لمتني فيه
18 ـ تجاهلُ العارف هو:
أيَا شجرً الخابور مالك مُورقاً
كأنك لم تجذع لابن طريف
وكقوله:
ما كنت أدري قبل حطك في الثرى
أن الكواكب في التراب تمور
ما كنت آمل قبل نعشك أن أرى
رضوى على أيدي الرجال يسير
وهناك محسنات لفظية ومعنوية كثيرة في كتب الشعر والأدب نكتفي بذكر ما أوردناه في هذه العجالة المختصرة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1468  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 70 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.