حدّثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي قال: حدثنا سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج عن محمد ابن إسحاق قال: كان من حديث الفيل فيما ذكر بعض أهل (1) مكة عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس وعن من لقي من علماء أهل اليمن وكان جل الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن ملكاً من ملوك حمير يقال له: زرعة ذو نواس (2) وكان قد تهود واستجمعت معه حمير على ذلك إلا ما كان من أهل نجران وهم من أشلاء (3) سباً فإنهم كانوا على دين (4) النصرانية على أصل حكم الإنجيل وبقايا من دين الحواريين ولهم رأس يقال له: عبد الله بن ثامر، فدعاهم ذو نواس (5) إلى اليهودية فأبوا فخيرهم فاختاروا القتل فخد لهم أخدوداً وصنف لهم القتل فمنهم من قتل صبراً، ومنهم من أوقد له النار في الأخدود فألقاه في النار إلا رجلاً من سبأ يقال له: دوس بن ذي ثعلبان فذهب على فرس له يركض حتى أعجزهم في الرمل فأتى قيصر فذكر له ما بلغ منهم واستنصره فقال له: بعدت بلادك عنا (6) ولكن سأكتب لك إلى ملك الحبشة فإنه على ديننا فينصرك فكتب له إلى النجاشي يأمره بنصره، فلما قدم على النجاشي بعث معه رجلاً من الحبشة يقال له: أرياط وقال: إن دخلت اليمن فاقتل ثلث رجالها، وأخرب ثلث بلادها، فلما دخلوا أرض اليمن تناوشوا شيئاً من قتال ثم ظهر عليهم أرياط (7) وخرج زرعة ذو نواس على فرسه فاستعرض به البحر حتى لجج به فماتا في البحر وكان آخر العهد به فدخلها أرياط فعمل ما أمره (8) به النجاشي فقال قائل من أهل اليمن في ذلك مثلاً يضربه، لا كدوس ولا كإغلاق (9) رحله وقال ذو جدن فيما أصاب أهل اليمن وما نزل بهم: