شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الأستاذ عبد الله بلخير:
- والله لا أظن أن في الوقت كما يرى الجميع بالإِجماع ما يوجب أن نضيف على ما ذكر شيئاً، إنما ما تفضل به الأستاذ فراج هو واقع صريح فيما يسمى بالغزو الفكري أو الاجتياح الفكري، والأستاذ عزيز قد أقر بأن هناك غزواً مسلحاً.. الغزو المسلح في العادة كما يعرفه الجميع يبدأ بالتمهيد له بالغزو الفكري، ونحن منذ زمن بعيد ونحن نعاني من الغزو الفكري، فالحرب العظمى الأولى التي دخلناها بغير عدل وبغير هوية بناءً على وعود كاذبة ضحكوا بها علينا إنما جاءت بعد أن غزونا فكرياً وقالوا لنا يجب علينا أن نتحرر من العثمانيين. وفي تلك الأيام لم نعلم أننا إذا تحررنا من العثمانيين سنقع في قبضة الإِسرائيليين، ولا أظن أن أحداً يقول إن هذه النهاية هي نهاية سعيدة. وفي حكاية من الذاكرة عن طارق بك الأفريقي. رئيس أركان حرب الجيش السعودي وقد سبق لي أن كتبت عنه كلمة، وهو رجل من نيجيريا متخرج من المعاهد الألمانية أو التركية، قال له أحد الأشخاص أثناء الحرب العالمية الثانية: نحن في هذه الحرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل. فضحك طارق الأفريقي وقال: يا سيدي أتعرفون لماذا لا ناقة لكم في هذه الحرب ولا جمل؟ قالوا: لا قال: لأنكم أنتم الجمل وأنتم الناقة، فأنتم الذين تقاسمتكم القوة الغربية في نهاية الحرب العظمى الأولى في معاهدة سايكس بيكو.
- إن الغزو الفكري قديم ومتأصل ووسائله كثيرة، فمحطة الشرق الأوسط مثلاً التي ظلت عندنا أربعين سنة في الشرق الأوسط. في يافا أولاً وبعد ذلك في بيروت وبعد ذلك في الشرق الأدنى هي محطة غزو فكري تمهيدي. واللورد كرومر عندما أراد الإِنجليز أن يهاجموا السودان بعد الثورة أو أثناء الثورة المهدية جاء بوسائل الإِعلام كلها، وجاء بأفلاذ كبد العالم العربي في تلك الأيام، فقد جاء بالأستاذ نمر باشا صاحب المقتطف من بيروت إلى القاهرة، ونقل أسرة آل تقلا أصحاب جريدة الأهرام، وكذلك مكاريوس صاحب اللطائف المصورة. هذه الحملة جندت للقضاء على الثورة المهدية، وجاءوا بالأقلام وبالعلماء وبالكتاب أيضاً، ومن هنا سيطرت هذه القوة في مصر. ففي تلك الأيام لا يوجد في مصر جريدة ولا يوجد فيها مجلة، ولكن خلا الجو لمن جاء بهم اللورد كرومر وأنشأوا فيه ما يسمى بالنهضة أو بالصحافة المصرية الأولى: المقتطف والأهرام والمقطم. إذن الغزو الذي جاء للسودان قد جاء لهذا الغزو الآن، الجامعات الموجودة في العالم العربي أيضاً ذات الرسالة التبشيرية هي غزو فكري، المجلات التي أشار إليها الأستاذ مليباري.. كمجلة شعر مثلاً في بيروت أنا أعرفها معرفة تامة وأعرف كُتَّابها وأعرف كيف يصرف عليها. هذه المجلة يتكلف العدد منها ثلاثين ليرة لبنانية مثلاً وتباع بليرتين، ولا يخفى على أحد أن المخابرات الأميركية هي التي تتولى الصرف عليها، فقصدي أن الغزو الفكري والاجتياح المسلح ما جاء إلا بعد الغزو الفكري.. غزونا في الحرب العظمى الأولى وحببوا إلينا أن نقوم وأن نثور، وأن نخرج العثمانيين، وأن نستقل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :569  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 102 من 187
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.