شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 37 ـ
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مزيني يقول):
مزيني: سيدي القائد!
إيليوس: ماذا وراءك يا مزيني؟..
مزيني: طلع الفجر وتوقف هجوم العصابات الحميرية. فماذا يأمر سيدي القائد؟..
إيليوس: يجب أن نغادر هذا المكان ويكفينا ما مُنِينَا به من خسائر في الرجال والعتاد..
مزيني: هل نسير في الطريق الذي أشار به دليلنا اليهودي دانيال أو نسلك طريق آخر يعرفه سيدي القائد؟
إيليوس: دليلنا هو قائدنا فلنسر في الطريق الذي يشير به ما دمنا واثقين منه..
مزيني: ما رأى سيدي القائد لو استشرنا أبا داس وسيلاوس في الأمر..
إيليوس: رأي سديد.. ادعهما إليّ حالاً..
مزيني: ها هما قادمان سيدي القائد..
إيليوس: فليدخلا حالاً..
(دخول أبي داس وسيلاوس بعدها صوت أبي داس يقول):
أبو داس: طاب صباحك سيدي القائد..
إيليوس: وصباحك يا أبا داس..
سيلاوس: أرجو أن لا يكون هجوم العصابات الحميرية قد سبب إزعاجاً لسيدي القائد.
إيليوس: لا شك ولكن مزيني قد قام بالعبء خير قيام وأنتما أراكما منهوكين يظهر أنكما لم تناما أبداً..
أبو داس: لقد كنا نقاتل مع جيشكم المظفر..
إيليوس: بورك فيكما.. بورك فيكما..
أبو داس: لقد كانت مقاومة جيشكم الباسل رائعة جداً حتى أفسدت على المهاجمين خطتهم ومنعتهم من تحقيق أهدافهم..
سيلاوس: لقد أدار مزيني المعركة بنفسه وكان موفقاً كل التوفيق وهذا شيء لا يستغرب على مواهب قائد فذ مثل مزيني..
إيليوس: يسعدني أن أسمع هذا الثناء وإنني معكما أيضاً في تقديري لمواهب مزيني..
مزيني: إن كنت قد وفقت فما ذلك إلا بفضل إرشادات وتوجيهات سيدي القائد..
إيليوس: لقد رأيت قبل أن اصدر أمري إلى مزيني بمغادرة هذا المكان إلى (مارياما) أن آخذ رأيكما في أي الطريق نسلك..
أبو داس: أرى والرأي الأول لسيدي القائد أن نسلك طريق المزارع فإنها طريق مأهول بالسكان عامر بالضياع والقرى..
إيليوس: إذن أصدر الأوامر بالزحف على (مارياما) عن طريق المزارع..
(قعقعة السلاح وصليل السيوف وصهيل الخيل ووقع أقدامها نسمع بعدها صوت (ملك سبأ وذو ريدان) يقول):
الملك: تقترب الحملة الرومانية من منطقة (مارياما)..
اليشرح: والعصابات الحميرية ألم تفعل شيئاً..
الملك: يظهر أنها لم تتوفق في إعادة تقدم القوات الرومانية..
اليشرح: هذا شيء غريب.. يجب محاسبة قائد هذه العصابات..
الملك: إنه القائد همام وهو من القواد الذين يعتمد عليهم..
اليشرح: لعلّ الحملة الرومانية كانت تهجع بالليل في أماكن حصينة تدرأ عنها هجمات العصابات الحميرية أو على الأقل تحد من خطورتها..
الملك: ربما يكون هذا هو السبب فالحملة الرومانية تستعين بدليل يهودي اسمه دانيال يعرف مداخل الطريق إلى (مارياما) ومخارجها..
اليشرح: يجب اغتيال هذا الدليل اليهودي بأي ثمن كما يجب أن نتخلص من اليهود الموجودين في (مارياما) قبل دخول القوات الرومانية إليها..
الملك: لقد هرب اليهود الموجودون في (مارياما) إلى داخل مملكتنا بمجرد سماعهم بالزحف الروماني..
اليشرح: إذن علينا أن نعتمد على العصابات الحميرية في إعاقة الزحف الروماني مهما كانت التضحيات ومهما تعرضنا فيها إلى خسائر.. فأعاقت تقدم الزحف الروماني يعطينا الفرصة لاستكمال استعداداتنا..
الملك: لا يمكنني إعطاءكم بياناً بالخطة التي يسير عليها القائد (ريدان) لأنه كثيراً ما يغير خططه وفقاً لمتطلبات المعركة..
اليشرح: إذا سلكت الحملة الرومانية طريق المزارع فمن الصعب إيقاف تقدمها لسهولة الطريق وعدم وجود أماكن تستطيع العصابات الحميرية مهاجمة الحملة الرومانية..
الملك: المفروض أن اليهودي دانيال سيدل الحملة على طريق المزارع..
اليشرح: حبذا لو تقوم العصابات الحميرية باحتلال المركز الذي أقامه الرومان لمرضاهم في منتصف الطريق بين مارياما ونجرانا..
الملك: ولكن المرضى من سيعتني بهم..
اليشرح: الأطباء الرومان الذين يعالجونهم حالياً..
الملك: ولكن ذلك يكلفنا عبئاً قد لا نقدر عليه ثم إنك كنت قبل هنيهة تطلب عدم تعقب الحملة الرومانية في حال ارتدادها من (مارياما) لذلك فإننا نخشى من العدوى على جنودنا..
اليشرح: صدقت أيها المليك صدقت.. كنت أريد عمل أي شيء لإعاقة تقدم القوات الرومانية..
الملك: الذي أراه أن همام قائد العصابات الحميرية سيلاحق الحملة الرومانية وسوف لا يترك لها أية فرصة للراحة في الليل..
اليشرح: عسى أنه يهتدي إلى هذا الرأي..
الملك: لا شك عندي أنه سيعمل بهذا الرأي. وأن هذه الملاحقة والمطاردة سوف تؤثر على معنويات جنود الرومان وستجعلهم في حالة فزع مستمر. إنها حرب أعصاب وما أفظع حرب الأعصاب..
(قعقعة السلاح وصليل السيوف وهمسات المشائين نسمع بعدها صوت القائد همام يقول):
همام: لقد سلك عدوكم طريق المزارع محاولاً تفويت فرصة مهاجمتكم له..
أصوات: ما أري يا همام..؟
همام: أرى أن نلاحق الحملة ونتعقبها فلا نترك لها سبيلاً للراحة مع دفن آبار المياه ووضع الصخور والجنادل في طريق الحملة..
أصوات: رأي سديد.. رأي سديد..
همام: وكنت حسبت حساب تفويت الفرصة فأرسلت قسماً من إخوانكم لتدمير الآبار ووضع الحجارة والصخور في الممرات الضيقة وإتلاف المزارع التي قد يستفيد منها أعداؤكم..
أصوات: بورك فيك أيها القائد همام.. بورك فيك..
همام: والآن علينا أن نسير بسرعة لمطاردة الحملة الرومانية ومنعها من إرسال المرضى إلى المعسكر الذي وضعوه في منتصف الطريق بين (نجرانا) و (مارياما) وبذلك نزيد في انتشار المرض بين جنود الرومان من جهة وتخلق لهم صعوبات جديدة لم يكونوا ليحسبوا حسابها..
أصوات: هيا بنا أيها القائد.. هيا بنا..
(قعقعة سلاحهم ووقع حوافز دوابهم وهمهماتهم وزمزماتهم نسمع بعدها صوت أبي داس يقول):
أبو داس: الحملة الرومانية تسير بسرعة مذهلة ولا شيء يعيق تقدمها يا سيلاوس..
سيلاوس: من يدري فنحن لا ما زلنا في بداية الطريق ولا بد أن القيادة الحميرية قد أعدت للحملة الرومانية ما يعيق تقدمها..
أبو داس: ولكن لا يوجد في الطريق موانع جبلية قد تستغلها القيادة الحميرية لمهاجمة الحملة الرومانية..
سيلاوس: في الطريق طرق ضيقة ومسالك وعرة يمكن للعصابات الحميرية أن تهدد الحملة الرومانية منها أو تعيق تقدمها وسيرها..
أبو داس: إذا لم يفتك المرض بأفراد الجيش الروماني فلا أعتقد أن القيادة الحميرية تستطيع إيقاف تقدمها.
سيلاوس: أراك اليوم يائساً يا أبا داس وعهدي بك لا يعرف اليأس إلى قلبك سبيلاً..
أبو داس: لا.. لست يائساً ولكني حانق لأن العصابات الحميرية لم تتمكن من إيقاف الزحف الروماني وتركته يسير بهذه السرعة الفائقة..
سيلاوس: أتعرف كم كانت خسائر الجيش الروماني البارحة؟
أبو داس: لا.. ولكني أعتقد أنها جسيمة..
سيلاوس: لقد بلغت أكثر من مائة جندي ما عدى الخسائر في الميرة والعتاد..
أبو داس: ما علمت بهذه الخسائر إلا الآن..
سيلاوس: ولذلك أسرع (إيليوس) في مغادرة هذا المكان خشية أن يهاجم في المساء مرة ثانية وتكون الخسارة أعظم..
أبو داس: والدليل اليهودي دانيال ألا يمكن عمل شيء من أجل التخلص منه يا سيلاوس..
سيلاوس: إن هذا اليهودي القذر شديد الاحتراس.. إنه موجود دائماً مع (مزيني) أو (إيليوس) لا يفارقهما لقد ربط مصيره بهما..
أبو داس: يا له من يهودي شيطان لعين.. لقد عرف كيف يحافظ على حياته..
سيلاوس: صه يا أبا داس فمزيني قادم إلينا وهو يزهو كالطاووس..
أبو داس: من حقه أن يزهو ويتبختر وقد أصبحت أبواب مدينة (مارياما) مفتوحة أمامه..
سيلاوس: هذه حقيقة يجب أن نعترف بها حتى الآن.. ولكنها قد تتغير..
أبو داس: إذا حدثت المعجزات وهل نحن في عصر المعجزات..
(وصول موكب مزيني الذي نسمعه يقول):
مزيني: طاب يومكم..
أبو داس: طاب يومك أيها القائد..
مزيني: كيف ترى طريقنا يا سيلاوس؟
سيلاوس: هيّن ليّن ولا أرى هنالك ما يمنع قوات الجيش الروماني المظفر من احتلال (مارياما)..
مزيني: إذا سارت الأمور بهذا الشكل فسنحتل (مارياما) بأسرع مما قدرنا لاحتلالها..
أبو داس: هل تتوقعون مقاومة حميرية على هذا الطريق أيها القائد؟..
مزيني: لقد عودنا العرب على المفاجآت ولا يستبعد أن نواجه مقاومة من القوات الحميرية..
سيلاوس: ولكن مسيرة جيشكم هذا اليوم أحسن مسيرة رأيتها..
مزيني: لا تتعجل حسن الظن يا سيلاوس.. انظر.. إني أرى قائد قوات الطليعة يسرع نحونا..
أبو داس: لعلّه يأتينا بأخبار سارة..
مزيني: سارة أو غير سارة من يدري؟
سيلاوس: الجواب عند قائد قوات الطليعة..
(ركض فرس قائد الطليعة الذي نراه يدخل ثم يسر إلى (مزيني) بشيء يقول على أثره):
مزيني: أما قلت لك يا سيلاوس بأن لا تتعجل حسن الظن.. فقد أخبرني قائد الطليعة أن قوات المقاومة العربية دمرت الآبار وأحرقت المزارع ووضعت الجنادل والصخور في الممرات الضيقة..
أبو داس: ستزيلها قوات الطرق بسرعة..
مزيني: هل تمكنها قوات المقاومة العربية من ذلك..
سيلاوس: لا أظن أن قوات المقاومة العربية تستطيع أن تثبت أمام قواتكم العتيدة.
مزيني: سنرى يا سيلاوس.. سنرى..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت شمس تقول):
شمس: ألا أخبار جديدة عن الحملة الرومانية يا مزاحم..؟
مزاحم: بلى يا أختاه بلى..
شمس: ما هي يا أخي؟
مزاحم: تقول الأخبار إن القوات الرومانية بدأت زحفها صوب (مارياما)..
شمس: يا لها من أخبار مزعجة.. مزعجة جداً..
مزاحم: وإن الحميريين لا ينوون الدفاع عن (مارياما)..
شمس: كيف.. أيتركون مدينة كهذه تقع لقمة سائغة في أيدي الرومان..
مزاحم: لقد حشد الحميريون قوات كبيرة على المرتفعات المؤدية إلى عاصمتهم.
شمس: أليست هنالك عصابات جهزت لتعيق تقدم القوات الرومانية؟..
مزاحم: لا شك يا شمس ولكنها ليست من القوة بحيث تصد الزحف الروماني..
شمس: المهم أن يشعر الرومان بمقاومة مهما تكن ضآلتها..
مزاحم: أخشى أن يقوم الرومان بحركة تضليل بارعة..
شمس: ما هي مثلاً يا مزاحم؟..
مزاحم: كأن يعدلون فجأة عن احتلال (مارياما) ويسرعون صوب العاصمة الحميرية..
شمس: ألا ترى معي أن القيادة الحميرية لا بد أنها حسبت لمثل ذلك..
مزاحم: قد يكون وقد لا يكون..
شمس: ولكن الذي أعرفه وأسمعه من أبي وزوجي أن (مارياما) هي مفتاح الطريق إلى العاصمة الحميرية..
مزاحم: كفة الرومان أراها ترجح منذ احتلالهم لمدينة (نجرانا) ولا أدري هل يستطيع الحميريون تغيير مجرى الحوادث..
(أصوات مدوية وصرخات مرعبة نسمع بعدها صوت (إيليوس) يقول):
إيليوس: مزيني! مزيني!
مزيني: سيدي القائد..
إيليوس: أبدأت العصابات العربية تهاجم في وضح النهار..؟
مزيني: لا.. سيدي القائد..
إيليوس: إذن ما هذا الذي أسمع..
مزيني: إنها كتائب صغيرة من الجيش الحميري تهاجمنا محاولة إعادة تقدمنا صوب (مارياما).
إيليوس: عجيب أمر القيادة الحميرية..
مزيني: إن هذه الهجمات على شكل موجات صغيرة تهدف إلى إضعاف قوة الصمود لدى قواتنا وكسر معنوياتها وإدخال الرعب في صفوفها.. هذا من جهة..
إيليوس: ومن جهة أخرى ماذا يا مزيني..
مزيني: إيقاف سيرنا وحبسنا في هذه المنطقة الصعبة حتى يحين المساء لتهاجمنا العصابات العرببة..
إيليوس: تخطيط بارع تقوم به القوات الحميرية.. يجب مقاومته بتخطيط أبرع..
مزيني: من سيدي القائد نطلب التوجيه والإرشاد..
إيليوس: يجب الخروج من هذه المنطقة قبل حلول الظلام مهما كلف الثمن..
مزيني: أمرك سيدي القائد.. ولكن..
إيليوس: ولكن ماذا؟..
مزيني: ولكن هجمات الكتائب الحميرية المتكررة أنهكت قوى جيشنا بالإضافة إلى الحالة الجديدة التي تجابهنا اليوم.
إيليوس: ما هي يا مزيني.. ما هي..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :586  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 37 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.