شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 5 ـ
مجدع: لقد تمت المصاهرة فيجب أن تقبل بالأمر الواقع فرعلة بنت مضاض بن عمرو هي ابنتك أيضاً - يا سميدع ما يسرها يسرك وما يسوءها يسوءك.
السميدع: أنا لست واجداً على رعلة. فرعلة يعلم الله هي بمنزلة ابنتي الشيماء ولكني واجد على مضاض الذي يحاول أن يستأثر وحده بزعامة البلد.
مجدع: حتى هذه يا سميدع أرى أنها لا تستوجب تآمرك على اغتيال ابن عمك مضاض. لقد جئتما من اليمن معاً واستوطنتما هذا البلد الطيب الذي تمك الذنوب. إنني أخشى عليك.
السميدع: تخشى علي ماذا يا مجدع؟
مجدع: أخشى عليك من رب هذا البيت الذي جعله مثابة للناس وأمناً فلا يسفك فيه دم ولا يظلم فيه أحد وأنت تريد أن تقترف إثماً ما بعده إثم.
السميدع: ولكني يا مجدع..
مجدع: ولكنك ماذا يا سميدع. أتريد ربّ هذا البيت أن يخرجنا من هذا البلد الذي تجبى إليه الثمرات من كل مكان وأن تبوء بقتلك ابن عمك كما باء ابن آدم حين قتل أخاه.
السميدع: ولكن مضاض بن عمرو مثل أخيك. أئن قتل مضاض رجلاً من قوم تبع أو من السبأيين ألا يثأر منك قوم تبع أو السبئيون..؟
السميدع: بلى يا مجدع بلى..
مجدع: ما دامت هذه الوشائج والصلات بينك وبين مضاض بهذا التلاحم وبهذه المتانة فلماذا هداك الله ينصرف تفكيرك إلى قطع هذه الوشائج وفصم ما الله قد وصله.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عمرة تقول):
عمرة: يا له من حج رائع توافد الناس وتقاطروا إليه من كل فج عميق.
شداخ: لقد رأينا في هذا الحج أناساً ووجوهاً ما كان يخطر لنا على بال أن نراهم وتعرفنا برجال ذوي رأي سديد وفكر حصيف واجتمعنا بالأذكياء والنبهاء والمغفلين والأغبياء.
عمرة: والأسود والأبيض يا شداخ كلهم سواسية لا فرق بين كبير وصغير وأمير وحقير وغني وفقير.
شداخ: لعلّ هذه يا عمرة من بعض الفوائد والمنافع التي تلمسناها ولا شك أن هناك منافع وفوائد نجهلها لا تعد ولا تحصى.
عمرة: وكان الحج فرصة لي يا شداخ رأيت فيها رعلة بعد أن تزوجت من إسماعيل..
شداخ: كيف وجدتها يا عمرة..؟
عمرة: لقد زادها التواضع جمالاً على جمالها فلا حديث للنساء اللواتي قابلتهن إلا رعلة وأخلاق رعلة وجمال رعلة..
شداخ: هنيئاً لإسماعيل بها وهنيئاً لها بإسماعيل.
عمرة: لقد شرف الله أباها وقومها بهذه المصاهرة فأصبح اسم مضاض على كل لسان يؤمن بالله وبنبيه إبراهيم.
شداخ: بل وعلى لسان غير المؤمنين يا عمرة. قولي يا عمرة..
عمرة: ماذا أقول..؟
شداخ: نسيت.. ذكريني..
عمرة: أذكرك بماذا. هل طلبت مني أن أذكرك بشيء..
شداخ: يا للمسنون.. يا للكهولة يا عمرة وآفاتها. وفي طليعتها النسيان.
عمرة: لعلّك تريد أن تسألني .. تسألني.. عن الشيماء ابنة السميدع.
شداخ: عمرك أطول من عمري. هذا الذي نسيته.
عمرة: لو كانت الشيماء حبيبة إلى قلبك ما نسيتها..
شداخ: مسكينة الشيماء. أي ذنب اقترفته ضدك أو ضدي..
عمرة: لا أذكر أنها أضرتني بشيء..
شداخ: ولا أنا يا عمرة. ذنب الشيماء أنها ابنة السميدع.
عمرة: الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون هكذا يقول المثل: (السميدع يفسق ويفجر ويسلب وينهب ويؤذي ويضر والشيماء).
شداخ: والشيماء تحصد مكرهة ما يزرعه والدها.
(أجراس الدواب ورغاء الإبل نسمع بعدها صوت خراش يقول):
خراش: أين الصور والمعالم التي وضعناها وتركناها هنا يا جذعان؟
جذعان: صحيح أين هي يا خراش..؟
خراش: درستها معاول المستوطنين وداستها أقدام النازحين. أذكر هنا وضعنا رجوماً وركائز فإذا نحن اليوم نرى بيوتاً من الطين وعرائش من أعواد الأشجار.
جذعان: وسيد يعشر من دخل مكة من أعلاها وآخر يعشر من دخلها من أسفلها. لقد قسمت مكة بين جرهم وقطورا.
خراش: وهذه الميادين المتناثرة هنا وهناك ولا سيما في أسفل مكة ألا نستطيع المراح بها والبناء عليها..
جذعان: هذه الميادين خصصت لسباق الخيل. لقد علمت أن إسماعيل بن النبي إبراهيم مولع بركوب الجواد والرمي بالقوس والنشاب.
خراش: ما أجملها هواية يا جذعان..
جذعان: لقد برع فيها إسماعيل وعمل على نشرها بين سكان مكة أنظر إلى الجياد هنا وهناك - ما أنضر مظهرها وأجمل ملبسها.
خراش: وربما مغبرها يا جذعان. يلوح لي أن قوم قطورا يعتنقون بالخيل أكثر من أهل أعالي مكة.
جذعان: وقد سمي المكان الذي يستوطنه قوم (قطورا) أجياداً لكثرة الجياد به..
خراش: إن الجياد ستكون سلاح المستقبل يا جذعان وعدته. أما الجمال.
جذعان: أما الجمال يا خراش فستظل سيدة هذه الصحراء بلا منازع88
خراش: لقد شغلنا ما تنعم به مكة من عمران وازدهار عن التفكير في أنفسنا فقافلتنا تحفل - بالعطور والحرير والتوابل فليعشرها سيد أعلى مكة ولنمرح في حماه يوماً أو يومين ثم نواصل سفرنا ببضاعتنا إلى الشام.
جذعان: حسناً ما رأيت يا خراش. هلمّ بنا إلى سيد أعلى مكة مضاض بن عمرو نعشر ما نبيعه منها لأهل مكة.
خراش: أما السكنى بمكة فقد حرمنا منها بعد أن قصرنا في الاحتفاظ بما وضعنا عليه المعالم يا ليتنا أنشأنا في حينه بعض العرائش وأجرناها حين غادرنا مكة كنا أبقينا على ما أخذنا ولكن لات ساعة مندم.
مجعد: ميدان أجياد يغص بالناس الذين حضروا لمشاهدة سباق الخيل. لقد أحسنت يا سميدع بإقامة هذا الاحتفال؟
السميدع: اتخذت مولد أول ولد إسماعيل من رعلة مناسبة لهذا الاحتفال.
مجدع: إنها ضربة معلم يا سميدع لقد ألقمت أفواهاً كثيرة بالحصى.
السميدع: ماذا تعني يا مجدع..؟
مجدع: كانت هناك أفواه تلوك حادث الجفوة بينك وبين مضاض بن عمرو فتسلقك وتسلقه بألسنة حداد وتصطاد في الماء العكر فتنثر شائعات وأقاويل ما أنزل الله بها من سلطان.
السميدع: ألهذا الحد سطت ألسنة الناس وأفواههم على..
مجدع: أجل يا سميدع أجل ولكنك قطعتها بمهرجان الفروسية الذي تقيمه اليوم احتفاء بأول مولود لإسماعيل.
السميدع: لعلي أرضيتك بهذا الاحتفال يا مجدع..؟
مجدع: ومن أنا يا سميدع حتى ترجو رضاه. إن أنا إلا واحد من الألوف الذين أشعت في قلوبهم ووجوههم بسمات الرضا والبشر فحمدوا رب هذا البيت على زوال غمة الجفوة التي بينك وبين مضاض وانفضاضها أأقول إلى الأبد يا سميدع.
السميدع: بل إلى حين..
مجدع: ليتك أغمدت خنجرك هذا بصدري قبل أن أسمع منك هذا الجواب.
السميدع: (ضاحكاً) لقد نلت حظوة عند إسماعيل الذي سيشترك بنفسه في هذا السباق بالقوس والنشاب والرمح والسنان وكسبت في نفس الوقت سمعة مدوية لدى جماهير مكة..
مجدع: ولكن ما فعلته يا سميدع سحابة صيف عما قليل تقشع..
السميدع: إنني أبدد هذه السحابة بيدي عندما استكمل استعداداتي للضربة القاضية.
مجدع: وتقولها أمامي ولا تخشى مني أن أذيع ذلك بين الناس..
السميدع: إنك موضع ثقتي وسري وأعلم أن لك وازعاً من نفسك يجنبك إفشاء ما أؤتمنت عليه من أسرار..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عمرة تقول):
عمرة: الاستعدادات التي تقوم بها قطورا وعلى رأسها السميدع تدل على أن مهرجان الفروسية سيكون باهراً ورائعاً يا شداخ..
شداخ: كيف لا يستعد له السميدع وقومه وهو على شرف أول مولود لإسماعيل الذي سيشرفه بنفسه وسيقود المتسابقين في حلبة السباق.
عمرة: ونحن النساء ألا نحضر هذا السباق..
شداخ: لم لا يا عمرة وقد خصص مكان لكن..
عمرة: ما أشد سروري بحضور هذا السباق..
شداخ: وأنا والله مثلك يا عمرة أتوق إلى مشاهدة الخيل وعلى ظهورها فرسانها.
عمرة: لقد أحسن السميدع صنعاً بما فعل إذ قضى بذلك على لغط الناس ولغوهم وتدخلهم فيما لا يعنيهم من أمور..
شداخ: السميدع هو الذي فتح هذا الباب فجاءه الجواب من أفواه ما صدقت أن يفتح مثل هذا الباب..
عمرة: ولكن هنالك أناساً أغلقوا أفواهم وحاولوا جهدهم سد هذا الباب بيد أن عناد السميدع أحبط مساعيهم الخيرة..
شداخ: ولذلك ترينني أشك في أن هذا الاحتفال الذي يقيمه السميدع اليوم هو اختتام لعهد من البغضاء والشحناء وابتداء لعهد من الوئام والصفاء.
عمرة: وأنا مثلك يا شداخ غير مرتاحة لمظاهر هذا الاحتفال بالرغم من فرط شوقي لحضوره.
شداخ: إن السميدع جبل على الشر وخلق من طين. سقى بالخبث والمكر والغدر فإذا رأيت - السميدع يا عمرة يفعل الخير فثقي إنه يبيت خلفه شراً مستطيراً.
عمرة: ومضاض بن عمرو الجرهمي ألا يعرف نوايا ابن عمه هذه؟
شداخ: كيف لا يعرفها وقد بلاها في عدة مناسبات. ولذلك فهو شديد الاحتراس من السميدع..
عمرة: يا إلهي أفي هذا البلد الذي اختصه الله برحمته فجعله مهوى للأفئدة وأطعم أهله من جوع وآمنهم من خوف يعيش رجل شرير كالسميدع يعكر صفو الحياة فيه ويشيع الخوف بين ساكنيه.
شداخ: لا تخافي يا عمرة لا تخافي فكل من يتجبر ويطغى في هذا البلد الطيب ويبغى بأهله السوء سيذيقه رب هذا البيت العذاب الأليم..
(سياق الخيل وأصوات النظارة والمتفرجين وقعقعة السيوف والرماح نسمع بعدها صوت خراش يقول):
خراش: ما أروع ما أرى يا جذعان. خيل وفرسان وسيوف وقسي ورماح وهذا الحشد الضخم من الناس. إنني لا أصدق ما أرى..
جذعان: إنها دعوة النبي إبراهيم استجابها رب العالمين فعمرت هذه البلاد بهذه السرعة المذهلة يا خراش..
(نسمع أصوات المتفرجين وهتافاتهم الحماسية):
خراش: انظر يا جذعان. ما أجمل إسماعيل على ظهر جواده الأسحم. لقد صال وجال ولعب بالسيف والرمح وتفنن في القوس والنشاب فسحر العقول والألباب ببراعته الفائقة ومقدرته الرائعة..
جذعان: يقولون إن إسماعيل أول من روّض الخيل وركبها وكانت وحوشاً قبل ذلك ويقولون إنه مولع بالصيد والقنص والفروسية والرمي بالقوس والنشاب.
خراش: وعلى هذا الأساس يكون حقاً ما ذكرته عن ميادين الفروسية المنتشرة في أرجاء مكة..
(نسمع بعدها صوت جذعان يقول):
جذعان: انتهى السباق يا خراش. انظر إلى هنالك..
خراش: انظر ماذا يا جذعان..؟
جذعان: انظر إلى هذا الفتى الجرهمي يمتطي صهوة جواده وقد فاز على جميع المتسابقين ما أجمله من فتى. وما أجمل الفرس الذي يمتطيها..
خراش: أتعرف من هو..؟
جذعان: لا شك أنهم نادوا باسمه ولكننا لم نسمعه في زحمة الحاضرين.
خراش: سل جارك يا جذعان فلعلّه سمع.
جذعان: إنه يقول إنه عمرو بن مضاض سيد أعالي مكة. انظر هاهو يدنو من إسماعيل ليتسلم الجائزة الأولى للسباق.
خراش: إني أرى أيضاً جوائز أخرى يا جذعان..
جذعان: إنها لبقية المتسابقين..
خراش: إن الجماهير تهتف بحرارة لعمرو بن مضاض الجرهمي.
جذعان: انظر إلى الفائز الثاني إنه ابن السميدع سيد أسفل مكة والداعي إلى هذا الاحتفال..
خراش: لقد كان الصراع بينهما شديداً في حلبة السباق..
جذعان: ولكن شتان بين المتسابقين الاثنين ما أجمل الأول وأقبح الثاني..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :917  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 5 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج