شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 46 ـ
نسرين: إذن فلنسر على بركة الله والله معنا..
(تصدح للموسيقى القافلة ويسير الركب في طريقه إلى المدينة نسمع بعد ذلك صوت كلوديوس يقول):
كلوديوس: هل عثرت على شيء يا ماركوس؟
ماركوس: لا يا كلوديوس.. لقد هاجمنا الوكر الذي كانوا يختبئون فيه فلم نعثر لهم على أثر..
كلوديوس: أما علمتم أين ساروا.. هل عادوا إلى الشام أو اتخذوا طريقهم إلى منزل نبي المسلمين محمد..
ماركوس: أقوال من قبضنا عليهم وانتزعنا منهم بشتى أنواع التعذيب الاعتراف يقولون إنهم شاهدوهم يعودون إلى الشام..
كلوديوس: إني أشك في أقوالهم فهم لا ريب يريدون أن يضللوا التحقيق حتى ينجّوا أصحابهم من تعقبنا لهم..
ماركوس: لا يستبعد ذلك يا كلوديوس.. فقد انتزعت سياطنا جلودهم ولم نستطع انتزاع الحقيقة من أفواههم..
كلوديوس: أرى أن هؤلاء الفارين يمموا شطر مدينة محمد بعد أن تأكدوا أن عودتهم للشام محفوفة بالمخاطر وأنهم قولاً واحداً سيقعون في أيدينا..
ماركوس: أليس فرارهم انتصاراً لنا يا كلوديوس..
كلوديوس: بلى يا ماركوس بلى ولكن محمد المسلمين كسب أنصاراً جدداً سيكونون عيونه التي سيبصر بها إذا ما حاول غزو الشام ثانية..
ماركوس: والآن ما العمل يا كلوديوس..
كلوديوس: أرى أن نعود أدراجنا إلى الشام بهذا الفشل المريع..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى يعقبها صمت تقطعه أصوات التهليل والتكبير نسمع بعدها صوت عمار بن يا سر يقول):
عمار: لا أدري يا حذيفة لم اختار رسول الله صلَّى الله عليه وسلم صعود العقبة وحده وأمر الجيش بأن يسير في طريق الوادي السهل..
حذيفة: لا بد وأن هناك سراً وراء هذا الاختيار يا عمار..
عمار: هذا ما أعتقده فغزوتنا هذه حفلت بالمعجزات والغيبيات ما لم تحفل به أية غزوة قبلها..
حذيفة: على كل حال يجب أن نكون جد حريصين على سلامة النبي صلَّى الله عليه وسلم فقد رأيت عدداً من المنافقين معنا في هذه الغزوة.
عمار: صدقت يا أخي صدقت.. وإنهم ما جاؤوا إلا وهم يبيتون غدراً ودساً ونكراً..
حذيفة: دعنا نتناوب الإمساك بخطام ناقة الرسول..
عمار: حسناً يا أخي كما أن الذي لا يمسك بالخطام منا يجب أن يمشي وراء الناقة مباشرة بحيث لا يسمح لأحد مهما يكن بأن يحتل مكانه..
حذيفة: يا ليتنا نستطيع المشي عن اليمين أو الشمال كما عهدنا بهما إلى عباد بن بشر وبلال بن رباح..
عمار: يا ليت.. يا ليت.. ولكن على الجانبين مهاوي سحيقة أن تطرف أحدنا وزلقت به قدمه أو تعثر هوى إلى هذا الوادي السحيق..
حذيفة: عسى أن تمر هذه الليلة بسلام يا عمار فإن سوادها القاتم تنقبض له النفوس..
عمار: إننا في أخريات الشهر وما أشد سواد لياليه وما أحلكها.. فلنسر وعلى الله فليتوكل المتوكلون..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت جروان يقول):
جروان: ها نحن نصل إلى الموقع الذي ستتسلل منه إلى أرض النبي محمد صلَّى الله عليه وسلم..
الجميع: صلَّى الله عليه وسلم..
جروان: خذوا حذركم سأكون في الطليعة وخلفي الحارث ووراءه نسرين ومن بعدها صمصام..
نسرين: ترتيب حسن.. هيا بنا..
جروان: سيروا بحذر وتجنبوا السير على الحصى والحجارة فقد يتدحرج أحدها فيسبب لنا كارثة..
حارث: ستكون حذرين بقدر المستطاع.. انتبه لنسرين يا صمصام فإنها لم تتعود المشي على الحصى والحجارة والرمال والصخور..
نسرين: في سبيل الله أستسهل الصعاب..
الحارث: بورك فيك.. بورك فيك..
جروان: أكتموا أنفاسكم وأهجعوا حيث أنتم فإني أرى أحد الحراس يجوب المنطقة..
صمصام: لعلّه من العرب الغساسنة يا جروان..
جروان: سنرى.. سنرى.. كونوا على استعداد لأية مفاجأة..
(موسيقى تختلط بوقع أقدام الحارس ثم يغني بشعر حسان بن ثابت):
الحارس:
لله در عصابة نادمتهم
يوماً بجلق في الزمان الأول
يسقون من ورد البريص عليهم
بردى يصفق بالرحيق السلسل
نسرين: إنه عربي ورب الكعبة.. وهذا شعر حسان بن ثابت.. لقد كنت أغني هذه القصيدة على مسارح جلق.. سامحك الله أيها الحارس فقد أثرت شجوني وذكرتني بالذي مضى..
صمصام: ما مضى مضى وانطوى وقد فتحت صفحة جديدة من حياتك ناصعة بيضاء فلا تلوثها بهذه الذكريات..
نسرين: أجل يا صمصام لقد بدأت بإسلامي صفحة جديدة أرجو أن يثبتني الله على إيماني حتى أحافظ على بقائها بيضاء من غير سوء حتى الممات..
جروان: إن هذا الحارس ابن عمي الذي حدثتكم عنه ما أحسن هذا الاتفاق.. ساقترب منه وأكلمه لكي ينجز وعده..
الحارث: سر على بركة الله..
صمصام: الحمد لله الذي قيض لنا هذا الحارس العربي إذ لو كان رومياً لأنتظرنا حتى يأتي بدله وقد يطول انتظارنا..
نسرين: وقد يأتي رومي غيره..
الحارث: وقد تأتي دورية رومية لم نحسب حسابها من قبل..
صمصام: صه يا حارث.. إن جروان يعود..
جروان: هيا فالطريق ممهدة أمامنا وسيقوم ابن عمي بحراستنا حتى نجتاز منطقة الخطر..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة تختلط بضجيج وهرج ومرج وأصوات تعلو وتنخفض نسمع بعدها صوت حذيفة يقول):
حذيفة: يا ويحهم لا أدري من أين أتوا لقد غشوا ناقة رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فنفرت حتى سقط بعض متاعه..
عمار: ما أسرعهم يا حذيفة كنت آخذاً بزمام ناقة رسول الله فلم أشعر إلا وهي تنفر ورسول الله يضرب بمحجن في يده وجوه رواحل من زاحموه..
حذيفة: وقد أمرني بردهم فهاجمتهم فهربوا فتبعتهم ولكن الوادي غيبهم فعدت إلى مكاني عند رسول الله صلَّى الله عليه وسلم..
عمار: ألم تعرف أحداً منهم يا حذيفة؟..
حذيفة: كانوا ملثمين يا عمار فلم استطع تبين وجوههم وهذا ما قلته لرسول الله حين سألني..
عمار: ألم تصب أحداً منهم؟
حذيفة: لا يا عمار.. ليتك مكاني فإنك ماهر في مطاردة الرجال..
عمار: خشيت أن يكون للمزاحمين كمين أمامي فبقيت ممسكاً بزمام ناقة الرسول بشمالي وسيفي مصلت بيميني..
حذيفة: ويحهم قاتلهم الله كانوا يريدون مزاحمة رسول الله صلَّى الله عليه وسلم برواحلهم حتى يطرحوه من ظهر ناقته إلى بطن الوادي..
عمار: إنها مؤامرة مدبرة لاغتيال النبي صلَّى الله عليه وسلم..
حذيفة: لا شك أن الله سبحانه وتعالى أطلع نبيه على مكرهم فأحس بهم وضرب وجوه رواحلهم..
عمار: ولقد سمعت صلَّى الله عليه وسلم يصرخ فيهم إليكم إليكم يا أعداء الله فإذا بهم يولون الأدبار مسرعين إلى بطن الوادي..
حذيفة: لقد تجلى سر سلوك رسول الله صلَّى الله عليه وسلم للعقبة حين حدث أسيد بن حضير عن هؤلاء المنافقين الذي أرادوا قتله فقال له أسيد..
عمار: ماذا قال له؟..
حذيفة: يا رسول الله قد نزل الناس واجتمعوا فمر كل بطن أن يقتل الرجل الذي همّ بهذا وإن أحببت فبين أسماءهم والذي بعثك بالحق لا أبرح حتى آتيك برؤوسهم فقال له رسول الله:
عمار: ماذا قال له؟
حذيفة: إني أكره أن يقول الناس أن محمداً قاتل يقول حتى إذا أظهره الله بهم أقبل عليهم يقتلهم.. فقال له أسيد)..
عمار: ماذا قال يا حذيفة؟..
حذيفة: يا رسول الله هؤلاء ليسوا بأصحاب..
عمار: وماذا قال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلم؟..
حذيفة: أليسوا يظهرون الشهادة؟..
عمار: ولكني علمت أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم جمع هؤلاء الذين حاولوا اغتياله وأخبرهم بما قالوه وما أجمعوا عليه فحلفوا بالله ما قالوا ولا أرادوا..
صوت صادر من مكان بعيد: بسم الله الرحمن الرحيم يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ صدق الله العظيم (سورة التوبة: 74).
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت جروان يقول):
جروان: لقد نجونا من القوم الظالمين.. الحمد لله..
الجميع: الحمد لله.. الحمد لله..
نسرين: الآن تنسمنا عبير الحرية وفاحت علينا نفحات العطر النبوي تنشره نسائم طيبة فتستروح به صدور المسلمين وقلوبهم..
الحارث: يا إلهي متى يأتي اليوم الذي يفيض فيه هذا العطر النبوي فيملأ اريجه جوانب بلادي وأرجاءها..
صمصام: إن هذا اليوم يا حارث آت بإذن الله عما قريب..
جروان: إن سياسة الجور والظلم والاستبداد التي ينتهجها القيصر وزبانيته في بلاد الشام وظلال الفسق والفجور والإلحاد التي يحاولون مد رواقها في تلك البلاد لا شك ستعجل في مصير حكم القياصرة بها..
نسرين: ما كان الظلم في يوم من الأيام إلا نذيراً بسوء المصير.. والروم ظلموا فبشرهم بسوء المنقلب والله لا يهدي القوم الظالمين..
الحارث: كلما أبصرتك يا نسرين ازداد إيماني ويقيني بالدين الإسلامي..
صمصام: لماذا يا حارث؟..
الحارث: من كان يصدق أن تلك المرأة التي ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب وعاشت في قصور جلق وجنانها تلبس أفخر الثياب وتنام على فراش من الديباج والحرير..
نسرين: هون من إطرائك لي يا حارث.. إياك أن تثير غروري فقد وأدته حين أسلمت لرب العالمين..
الحارث: أقول من كان يصدق أن نسرين سيدة الأناقة في جلق تلبس هذه الملابس الخشنة وتلتحف بشملة بالية ووسادة من الرمل.. تعيش راضية بهذه الحال وتنام قريرة العينين والبال..
نسرين: لقد أخذت من دنياي النصيب الأوفى وأريد بعد أن أنعم الله علي بالإسلام أن أتزود بزاد التقوى والإيمان عسى أن يكرمني ربي بنصيب أوفى يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى يعقبها صمت رهيب تقطع سكونه أصوات التهليل والتكبير نسمع بعدها صوت حذيفة يقول):
حذيفة: ها نحن نصل ولله الحمد إلى المدينة سالمين غانمين..
عمار: لقد سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول حين أشرفنا على المدينة. هذه طابة وهذا أُحد جبل يحبنا ونحبه..
حذيفة: وهاهم الناس يخرجون للقاء رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ومعهم النساء والصبيان..
عمار: استمع يا حذيفة إلى المخدرات وقد صعدن على الأسطحه وهن يقلن..
أصوات:
طلع البدر علينا
من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا
ما دعا اللَّه داع
أيها المبعوث فينا
جئت بالأمر المطاع
 
طباعة

تعليق

 القراءات :657  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 46 من 58
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.