شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 44 ـ
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى صاخبة يسمع بعدها صوت ثيودوس ضابط السجن يقول بصوت أجش):
ثيودوس: أما زال هؤلاء المساجين العرب على عنادهم وإصرارهم بعدم إعلامنا عن بقية رفاقهم المتآمرين على سلامة الإمبراطورية..
الثاني: لا يا ثيودوس.. ما رأيت أشد صلابة وعناداً من هؤلاء القوم..
ثيودوس: سننتزع منهم الاعتراف بالسياط.. بالكي بالنار.. هيا أخرجوهم وأجلدوهم ولا تأخذكم بهم أي رحمة..
الثاني: علمت أن الحاكم الغساني يثبت لدي القائد جورجيوس من أجل إطلاق سراحهم..
ثيودوس: الحاكم الغساني أليس عربياً؟
الثاني: بلى يا ثيودوس.. بلى..
ثيودوس: إذن فهو جاسوس وعين لجيش نبي المسلمين المزعوم.. كل هؤلاء العرب عيون وجواسيس للمسلمين علينا نحن الروم..
الثاني: صدقت يا ثيودوس بالرغم من أنهم لم يدخلوا في دين نبي المسلمين..
ثيودوس: إن لدى هؤلاء العرب مبدأ هو..
الثاني: هو ماذا؟ هو ماذا؟
ثيودوس: هو.. انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً.. إن العربي يعتبر نفسه أخاً للعربي حيثما كان..
الثاني: إذن فلن يخرج أحد من هؤلاء العرب من تحت السياط وكي النار إلا إلى القبر.. أيها الجنود.. أخرجوا السجناء.. وباشروا في تعذيبهم كما أمرتكم وأنزعوا أي رحمة أو شفقة عليهم في قلوبكم..
(نسمع أصوات جلد السياط والتعذيب وصراخ السجناء من شدة التعذيب وصوت منهم يقول):
صوت: اقتلونا يا متوحشين.. يا قساة يا ظالمين.. لن نعترف.. لن نعترف..
(نسمع جلد السياط اشتدادها واشتداد الصراخ والبكاء.. وصوت الضابط الثاني يقول):
الثاني: أوسعوهم ضرباً وجلداً وحرقاً.. إنهم يستحقون الصلب والشنق.. إنهم خونه.. جواسيس.. أعداء للإمبراطورية..
صوت: سيأتي اليوم الذي ننتقم فيه منكم أيها القساة المتوحشون..
الثاني: أشبعوا هذا الكلب القذر ضرباً وحرقاً.. اقتلوه.. إن لم يسكت..
(نسمع جلد السياط.. والصراخ والبكاء.. والآهات والأنات وصوت ثيودوس يقول):
ثيودوس: أزعجني صوت هؤلاء العرب.. خذوهم من هنا إلى السجن.. وأمنعوا عنهم الأكل والشرب حتى يموتوا جوعاً وظمأ فنستريح منهم..
الثاني: أمرك يا ثيودوس.. أمرك.. هيا أيها الجنود.. هيا خذوهم إلى السجن..
(نسمع جلدهم بالسياط تختلط بالأنين والصراخ نسمع بعدها صوت عمار بن ياسر يقول):
عمار: يا لقلب رسول الله الشفيق الرحيم يا حذيفة.. كنت أخشى على أبي خيثمة من غضبه فإذا به حين يعرف بأمره يدعو بالخير..
حذيفة: وعمير بن وهب دعا له بالخير وأكرمه وأحسن لقاءه..
عمار: إنها أخلاق النبوة يا حذيفة..
حذيفة: أتنبئني بها يا عمار وقد بلوتها في مواقف كثيرة..
عمار: وإنك لعلى خلق عظيم.. صدق الله العظيم..
حذيفة: صدق الله العظيم..
عمار: يا أبا سالم.. إني أرى بعض الحركات المريبة بين صفوفنا..
حذيفة: لا شك عندي أنها من المنافقين أصحاب عبد الله بن أبي بن سلول فقد رافق قسم منهم حملتنا وقعد الباقون مع زعيمهم ابن أُبي..
عمار: ولكن مجيئهم معنا ألا يبعث على الشك يا حذيفة..
حذيفة: كل الشك يا عمار.. إنهم قوم لا يؤمن شرهم..
عمار: وخاصة بعد الاجتماع الذي عقدوه بدار سويلم اليهودي قبل خروج حملتنا هذه من المدينة..
حذيفة: بلى يا عمار بلى لقد أرسلك رسول الله صلَّى الله عليه وسلم لتسألهم عن أسباب اجتماعهم فأجابوك إنهم كانوا يخوضون ويلعبون..
عمار: أجل يا أبا سالم أجل ولكني أوجست خيفة منهم وأرى أن اجتماعهم كان لتدبير مؤامرة ضد النبي صلَّى الله عليه وسلم..
حذيفة: إن الله سبحانه وتعالى مانح نبيه مما يأتمرون به.. على كل حال فلنتناوب أنت وأنا والرقابة وحراسة رسول الله صلَّى الله عليه وسلم..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى خفيفة نسمع بعدها صوت نسرين تقول):
نسرين: وغنيت لجورجيوس حتى طرب وأسقيته حتى ثمل وفقد شعوره قياده بيدي ووضعت له المخدرات في شراب الرمان الذي يحب فشرب وخدر فدعوت سرحان..
الحارث: هل كان معك سرحان يا نسرين..
نسرين: نعم يا حارث أنتظم في خدمة جورجيوس وأصبح من خدمه المقربين..
الحارث: ولكننا لم نحسب حساب سرحان حين وضعنا الخطة يا صمصام..
صمصام: إن نسرين غيّرت وعدلت في الخطة حين تدارسناها ورأت أن تستغل سرحان إذا اتفق أن حضر مع جورجيوس الذي ربما يتركه عند أهله ويأتي وحده..
الحارث: إذن كان من حسن الحظ وجوده يا نسرين..
نسرين: وأي حظ يا حارث.. لقد كان يدي اليمنى في كل ما فعلت وكان حظاً أكبر أن كلوديوس استدعي لمهمة عاجلة في حمص..
الحارث: وبعد يا نسرين.. وبعد..
نسرين: عندما أصبح جورجيوس تحت سلطاني دعوت سرحاناً ليجيئني بقرطاس ودواة وجعلت جورجيوس يكتب إلى ضابط سجن بصري بإطلاق سراح السجناء في الحال فكتب ووقع ودفع إلى ما وقع ثم مال ونام..
الحارث: هائلة.. هائلة يا نسرين.. وبعد..
نسرين: وكان سرحان قد وضع مخدراً في شراب الخدم الآخرين فغرقوا في سبات عميق ثم جاءني وأخذ الكتاب وأسرع إلى ضابط السجن وأرتقبت عودة سرحان على أحر من الجمر..
الحارث: إنه أحر من الجمر الغضا..
نسرين: وعاد إلى سرحان ليخبرني أن السجناء خرجوا من السجن في الوقت الذي صحا فيه جورجيوس من نومه وكانت نظراته إليّ مخيفة حتى كان كل شيء في جسدي يرتجف.. ثم هجم علي فصرخت..
صمصام: يا لهول الموقف يا نسرين وبعد..
نسرين: وإذ بسرحان يعاجل جورجيوس بطعنة سقط مغشياً عليه.. ثم أفاق في الوقت الذي أحاول فيه الهرب مع سرحان فتطلع فرأى الخنجر في يد سرحان وهو يغط في دمه فقال؟..
الحارث: قال ماذا؟..
نسرين: قال: حتى أنت يا سرحان معهم عليّ فأجابه سرحان: إنني عربي قبل كل شيء وعربي بعد كل شيء..
الحارث: لا فض فوه.. لا فض فوه..
نسرين: وعندما تهيأنا للخروج كان جورجيوس يجود بأنفاسه فقال له سرحان: لقد أخذنا بثأر فارعة أن العربي لا ينسى ثأره فهز رأسه جورجيوس ثم غفا إلى الأبد..
الحارث: بورك فيك.. بورك فيك.. لقد ثأرت لفارعة وكان الأولى بي أنا أن أثأر لها ولكنك دائماً سباقة إلى كل مكرمة..
نسرين: لا شكر على واجب يا حارث..
الحارث: والسجناء الطلقاء.. هل وفى الأمير الغساني بوعده لنا يا صمصام..
صمصام: بلى يا حارث.. لقد أخذت السجناء فور تسريحهم إلى المكان الذي اتفقنا عليه حيث أرسل الأمير من نقلهم إلى مكان أمين في البلقاء..
الحارث: بورك في هذا الأمير النبيل..
صمصام: إنه مسلم يا حارث..
الحارث: كيف عرفت هذا يا صمصام؟..
صمصام: لقد رأيته في أحد الأيام وهو يصلي كما يصلي المسلمون.. فابتعدت بحيث لا أشعره بأني عرفت بأمره..
نسرين: بالأخلاق المسلمين الكريمة.. إن الطلقاء لا شك سيدخلون في دين الإسلام وسيكونون النواة الأولى للإسلام في هذه البلاد..
الحارث: ونحن يا قوم ماذا ترون أن نفعل؟..
صمصام: إذا تحرك محمد صوب الشام رافقناه وكنا عيونه وخدامه..
الحارث: وإذا عاد إلى المدينة؟..
صمصام: الرأي لنسرين.. أليس كذلك يا حارث..
الحارث: بلى.. يا صمصام بلى..
نسرين: إنني معكما.. حيثما تكونان فقد ربط القدر مصيري بكما وما أحلاه من مصير..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عمار بن ياسر يقول):
عمار: طالت غيبة رسول الله صلَّى الله عليه وسلم في غزوته يا حذيفة..
حذيفة: عشرون يوماً ليست كثيرة يا عمار فالمسافة بعيدة ومضنية بين المدينة وتبوك وكانت الرحلة في جو خانق من الحرارة الشديدة..
عمار: بلى يا حذيفة بلى.. وقد تعرضنا أكثر من مرة للهلاك من العطش ولكن المعجزات التي أظهرها الله تعالى على يدي نبيه أنجتنا من الهلاك المحتم..
حذيفة: فإذا استطال مقام النبي صلَّى الله عليه وسلم فما هو إلا لكي يعطي لأصحابه أكبر قسط من الراحة بعد العناء الطويل.. ثم..
عمار: ثم ماذا يا حذيفة؟..
حذيفة: ثم ليسبر غور أعدائه إن كان لهم عزم مبيت على الإغارة على حدودنا الشمالية..
عمار: الأخبار أن الروم حشدوا قوة كبيرة لهم لمواجهتنا ولكن لا توجد أية بوادر تدل على أنهم ينوون الهجوم علينا..
حذيفة: الحرب خدعة يا عمار.. وما أدراك أن السكون الذي يخيم على معسكرات الروم هو مقدمة لهجوم كاسح شامل..
عمار: لا يستبعد ذلك من قوم تمرسوا فنون الحرب والقتال..
حذيفة: ولذلك فمكوث النبي صلَّى الله عليه وسلم هذه المدة بتبوك وبعث سراياه إلى دولة الجندل وأيلة والجرباء إنما هو جمع معلومات أدق عن الروم وإظهار لقوة المسلمين وإرهاب لأعدائهم..
عمار: كلام سليم يا حذيفة ولكن..
حذيفة: ولكن ماذا؟
عمار: أترى رسول الله يعود إلى المدينة أم يهاجم الروم في عقر دارهم..
حذيفة: لقد استشار النبي صلَّى الله عليه وسلم أصحابه فقال له عمر بن الخطاب إن كنت أمرت بالسير فسر فقال له رسول الله بما معناه: لو أمرت بالسير لم أستشركم فيه..
عمار: وماذا قال بقية أصحاب الرسول صلّى الله عليه وسلم..
حذيفة: قالوا: يا رسول الله إن الروم جمعوا جموعاً كثيرة بالشام وليس بها أحد من أهل الإسلام وقد دنونا منهم فأفزعهم دنوك فلو رجعنا هذه السنة حتى ترى ويحدث الله بعد ذلك أمراً..
عمار: وماذا أجابهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلم..
حذيفة: سكت بانتظار الوحي من لدن عزيز حكيم..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الحارث يقول):
الحارث: ما هي آخر الأخبار عن جيش المسلمين يا صمصام؟..
صمصام: الأخبار تتواتر عن أن نبي المسلمين كان ينوي الزحف إلى الشام لولا أن نزل عليه الوحي من ربه بالعدول فعدل..
نسرين: ما العمل إذن؟..
الحارث: ونبقى هنا حتى تتهيأ ظروف أكثر لعودتنا إلى الشام أو تجيء حملة من المسلمين لتغزو الشام..
صمصام: ولكنه انتظار قد يطول يا حارث ولا نعدهم من يدل الروم على مكاننا فيقبضوا علينا.. ويا ليتهم يقتلوننا حالاً لهان الأمر ولكنهم سيتفنون في تعذيبنا..
الحارث: صدقت يا صمصام.. لم لا نذهب إلى حيث يقيم أخواننا عند الأمير الغساني بالبلقاء..
صمصام: ولكنها إقامة أشبه بسجن محترم لا تعذيب فيه إلا تعذيب الملل والسأم..
الحارث: ولكن نسرين لم تقل لنا رأيها بعد؟..
نسرين: والله ما أدري ماذا اقول.. غير أني من رأى صمصام في كل ما قال..
الحارث: ولكننا نريد رأيك أنت؟..
نسرين: تريدان رأيي..
صمصام: أجل يا نسرين..
نسرين: وتعدانني بالموافقة عليه..
صمصام: أما أنا فموافق عليه سلفاً..
نسرين: وأما أنت يا حارث؟..
حارث: أما أنا فلا أخرج على الاجماع..
نسرين: نذهب إلى.. محمد.. وندخل في دين محمد..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :919  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 44 من 58
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.