شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 19 ـ
مزنة: وقفنا بالأمس عند الخلاف على ملكية بئر زمزم واتفاق المتنازعين على الاحتكام إلى كاهنة بني سعد بالشام فماذا تم في ذلك يا أماه..
سلمى: وركب عبد المطلب ومعه نفر من بني أبيه وركب من كل قبيلة من قريش نفر - والأرض آنذاك بين الحجاز والشام جرداء وفي إحدى هذه المفاوز فني ماء عبد المطلب وأصحابه فظمئوا حتى أيقنوا بالهلكة فاستسقوا من معهم من قبائل قريش، فأبوا وقالوا: أنا بمفازة ونحن نخشى على أنفسنا مثل ما أصابكم فجمع عبد المطلب من معه وسألهم رأيهم فأشاروا بأن كل رجل يحفر حفرته وكلما مات رجل دفعه أصحابه إلى حفرته ولكن عبد المطلب لم يعجب بهذا الرأي فقال:
(موسيقى انتقالية)..
عبد المطلب: والله إن إلقاءنا بأيدينا هكذا للموت لا تضرب في الأرض لعجز فعسى الله أن يرزقنا ماء ببعض البلاد.. ارتحلوا يا قوم..
(يسمع رغاء الإبل وضجيج الرجال وصوت يقول عالياً)..
الصوت: عبد المطلب!.. عبد المطلب.. انظر ماذا تحت خفي راحتك..
عبد المطلب: بصوت قال: الله أكبر.. الله أكبر.. إنه الماء العذب يتفجر.. يا قومنا من قريش! هلموا إلى الماء فقد سقانا الله فاشربوا واستقوا معنا..
مزنة: ما أعظمك وأنبلك يا عبد المطلب.. وماذا بعد ذلك يا أماه..
سلمى: لقد شربت قريش معه واستقت.. ونهض عتبة يقول:
عتبة: والله قضى لك علينا يا عبد المطلب.. لن نخاصمك في زمزم أبداً. إن الذي أسقاك هنا الماء بهذه الفلاة لهو الذي سقاك زمزم فارجع إلى سقايتك راشداً..
سلمى: ورجع عبد المطلب ورجعت قريش معه ولم يصلوا إلى الكاهنة ومضت السنون والأيام وولد لعبد المطلب عشرة أولاد ذكور فتذكر النذر الذي عليه فجلس يفكر في ذلك ومعه خادمه ذؤيب.
(نقلة صوتية بدون موسيقى)..
ذؤيب يتوكأ على عصاه ويداه ترتجفان وعبد المطلب إلى جانبه..
عبد المطلب: ليس أسعد مني بعد أن ضمنت لي زمزم سقاية الحجيج ولكنني أشعر بالحزن على فقد الحارث فقد كان له النصيب الأوفر في حفر البئر..
ذؤيب: لقد عوضك الله عنه بعشرة من الذكور.. ولعلّك نسيت نذرك لله..
عبد المطلب: حقاً فقد بلغ عدد أولادي عشرة بمولد حمزة ولقد أقسمت على الوفاء بالنذر ولا بد من التضحية بأخذهم..
ذؤيب: أنت صهر لقبائل متعددة ولن ترضى إحداها بالتضحية منها فماذا تفعل؟..
عبد المطلب: سأعود إلى بني فأسألهم..
ذؤيب: ولم تنقطع قريش عن الحديث في هذا الأمر منذ أن أتاك حمزة مكملاً للعدد..
عبد المطلب: وما رأي قريش في اختيار التضحية؟..
ذؤيب: إنهم يكبرون الأمر وينكرونه وقليل منهم يقول على الوفاء بالنذر.
عبد المطلب: لا معدى عن القيام بالوفاء، وسأضرب بالقداح فمن تصبه القرعة من أولادي فهو التضحية..
ذؤيب: هذه عادة أخذ بها العرب عن غيرهم ولكني لا أحبذها..
عبد المطلب: لا مخرج لنا ألا بهذا الحل فأعوالي أولادي..
(يقوم ذؤيب متكأ على عصاه ويسير بتهمل)..
ذؤيب: لنفسه ((ما رأيت أكثر من هذا الرجل عناداً)) فقد أصر من قبل على احتفار البئر وها هي تسقي الحجيج منذ سنوات. واليوم يصمم على تنفيذ قسمه فلا حول ولا قوة إلا بالله..
((يعود ذؤيب ووراءه أولاد عبد المطلب))..
عبد المطلب: تعالوا يا أولادي فقد نذرت الله على أن أقدم له واحداً.. منكم حين يبلغ عددكم العشرة وها أنتم تكملون بحمزة ولا بد من الوفاء..
العباس: لقد تحدثنا بهذا الأمر من قبل وكل واحد منا يلح على أن يكون الضحية فخذ منا من شئت ولا تتردد..
عبد المطلب: لقد آثرت القداح فلا آخذ بعده..
العباس: هذا هو الصواب فأدر قداحك..
عبد المطلب: لقد جرت العادة أن يكون ذلك في جوار الكعبة ليشهد الناس على صحة القداح تعالوا إلى الكعبة في الصباح..
أبو طالب: لن يتخلف أحد منا..
عبد المطلب: لا تنسى أن تأتي بأخيك عبد الله..
ينصرف الجميع..
((عبد المطلب وأولاده العشرة ومعهم ذؤيب في جوار الكعبة والناس من حولهم))..
عبد المطلب: هات القداح يا عباس وليشهد الناس..
العباس: إليك بها..
((يضرب عبد المطلب القداح فتخرج القرعة على ولده عبد الله.. يأخذ عبد المطلب بيده عبد الله ويقوده إلى المذبح..
ذؤيب: وهو يرتجف.. إذا كانت شريعة قريش قد قست وجفت حتى جعلت للآباء على أبنائهم حق الحياة والموت فلا يجب أن نسلم بحياة الشباب..
شبية المخزومي: دعونا نحتكم إلى رب البيت..
عبد المطلب: لقد أصدر رب البيت حكمه يا شبية وأصاب القداح عبد الله فلا رجوع بعده.
عتبة: بل نجعل القداح بين الفتى وعشرة من الإبل.. أصوات.. هنا هو الصواب..
عبد المطلب: قبلت فهاتوا القداح ولتكن القرعة بين عبد الله والإبل فليس أحد أحفظ مني على ولدي..
(يأخذ العباس القداح ويضرب بها عبد الله والإبل فتصيب عبد الله)..
عبد المطلب: لا مانع من أمر الله.. فقد رضيت بولدي ضحية لمرضاته)..
شبية: أعيدوا القداح وزيدوا عدد الإبل إلى عشرين..
عبد المطلب: ليكون ما تريدون أضرب يا عباس..
(تتكرر العملية حتى يصل عدد الإبل إلى مئة فتصيب القداح الإبل)..
أصوات: الحمد لله.. الحمد لله..
عبد المطلب: سأنحر الإبل بين الصفا والمروة وأنها لحرام علي وعلى أهلي.. فهي للفقراء وللحيوان والطير..
عبد المطلب وأولاده في مجلس عائلي..
عبد المطلب: لقد أنقذ الله حياتك يا عبد الله وليس أسعد مني أن يكون الإبل فداء لك..
أبو طالب: أن القافلة تتهيأ للسفر ولنا تجار مع دمشق فلا بد من أن يرافق أحدنا القافلة فهل تأذن لي يا أبتاه..
عبد المطلب: أني لأختار عبد الله في هذه الرحلة ففيها رياضة وتسلية فهيأ نفسك يا عبد الله..
عبد الله: السمع والطاعة لك يا أبتاه..
عبد المطلب: لقد سافرنا قبلك إلى الشام حيناً وإلى اليمن والعراق والحبشة حيناً آخر. والأيام خليقة بأن تغريك بالأسفار البعيدة فقم يا بني واصلح من شأنك..
(يقوم عبد الله ويطوف حول الكعبة ثم يعود أدراجه إلى بيته)..
سلمى: وذهب عبد الله مع القافلة إلى الشام وكان ربح القافلة وفيراً في هذه الرحلة وتأهب الناس في مكة للقاء القافلة وأقاموا معالم الزينة.. وعبد المطلب أكثر الناس اهتماماً بالأمر وها هو يقول لابنه أبي طالب..
عبد المطلب: أسرع أبا طالب وأستقبل أخاك في ضاحية مكة..
أبو طالب: سأذهب مع العباس وحمزة فنستقبل أخانا..
عبد المطلب: عجلوا فقد يسبقكم القوم فلا يرى عبد الله من يستقبله من أهله..
(يذهب أولاد عبد المطلب إلى ضاحية مكة.. عبد المطلب يفكر وعلى وجهه إمارات (القلق)..
نبه: مهلاً عبد المطلب سيعود إليك عبد الله قرير العين وافر الثراء..
عبد المطلب: أخاف يا عتبه أن لا أدركه ففي جوفي نذير يقلقني منذ الأمس..
نبه: ما عهدناك إلا متطيراً وها هي القافلة لا تلبث أن تصل وتستقبل ولدك. انظر ها هم إخوته يتدافعون نحوه يصل أبو طالب والعباس وحمزه..
عبد المطلب: أين عبد الله.. أين عبد الله؟..
أبو طالب: أصابته حمى فتريث عند أخواله بني النجار في المدينة..
عبد المطلب: كان أجمل بكم أن لا تعودوا بدونه، أن قلبي يحدثني بكارثة..
لعباس: ما عليك يا أبتي لن يلبث أن يشفى ويعود إلينا..
عبد المطلب: هيهات أن أراه يا بني..
(تدمع عينا عبد المطلب ويتهيب أولاده حزنه فيتفرقوا)..
عبد المطلب: إلي يا أبا طالب.. أذهب إلى أخيك في يثرب فإن لم تجده حيًّا فزره في قبره وأقرأه مني التحية والسلام؟..
أبو طالب: السمع والطاعة وسأعود به إليك إن شاء الله..
سلمى: وحم القضاء ومات عبد الله قبل أن يراه والده ولما بلغته أخبار الوفاة أجهش بالبكاء وقال:
عبد المطلب: إن الله لم يقبل أن نصطنع الفداء وأن تكن الإبل بديلاً عن عبد الله، رحمك الله، رحمك الله يا ولدي..
(خبطة موسيقية قوية)..
مزنة: ومات والد الرسول العظيم محمد صلَّى الله عليه وسلم..
سلمى: نعم مات ونبينا صلوات الله عليه ما يزال في بطن أمه.. آمنة رضي الله عنها..
مزنة: رضي الله عنها.. وماذا تم بعد ذلك..
سلمى: ستعرفين ذلك غداً إن شاء الله..
مزنة: إن شاء الله تصبحين على خير يا أماه..
سلمى: تصبحين على خير يا بنيتي..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :677  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 19 من 69
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج