شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
على هامش الغربال
حول "المناقشة الهادئة"
قرأت في "أم القرى" الغراء رسالة إليَّ تحت عنوان "مناقشة هادئة" بتوقيع الأديب أحمد سباعي تتضمن "أني تكلمت عن الواجب على الأستاذ، وأغفلت ما له من واجبات، وما يجب أن يقدم له من مساعدة، ثم طلب منِّي أن أتكلم عن ذلك".
الأديب محق في طلبه متى ما وجدنا الأستاذ الحقيقي، ثم لتقر عينه، وليطيب قلبه، وليثق هو وكل أحد أني سآتي (إن شاء الله) على الصغيرة والكبيرة، وسأقول الحقيقة، وإن كانت مرة. والآن، ليسمح لي حضرة الأديب أن أناقشه في بعض أقواله التي منها: (لماذا كان الأستاذ كسقط المتاع عند الناس؟ ولماذا كانت أهميته في نظر العالم لا تزيد إلا بقليل عن أبسط موظف؟).
أنا لا أوافقك يا أخي على هذا الرأي، ولا أقرك عليه لأن الأستاذ لم يكن كما ذكرت، ولأن الحقيقة غير ذلك، إذا تكلمت أنا عن الأستاذ فلا أريد إلا من يستحق هذه اللفظة العالية المقدسة، أقول العالية المقدسة لأنها كذلك، ومن يستحق تلك اللفظة فهو أجل وأعظم من أن يتنازل إلى ما ذكرت.
الأستاذ يا أخي في نظر العالم وحكومات العالم مقدس معظم، تقوم الأمة وتجلس إذا ما خدش. وإني لا أريد أن أذهب بك إلى إنجلترا ولا إلى فرنسا، ولا إلى اليابان، لا بل أحيلك إلى الضجة القائمة في مصر من أجل (الأستاذ). طه حسين ونقله من الجامعة المصرية، وهو كما تعلم (أستاذ)، أحيلك إلى تلك الضجة التي أنتجت من الاستقالات، ومن الإضراب، ومن الاحتجاجات، ومن تحبير المقالات الطوال في الجرائد المصرية، والسورية، والانجليزية، والإفرنسية، ومن اهتمام الحكومات ما هو معلوم ولا يحتاج إلى شرح.
فهل تريد بينة أعظم من هذه المحسوسة الملموسة الواقعة، أفليس (طه حسين) أستاذاً، فلو لم يكن الأستاذ ذا أهمية لما حصل ما حصل. أرجوك أيها الأديب أن لا نقيس أساتذة العالم على جميع أساتذتنا، ونحن كما تعلم لا أساتذة فينا حقيقيين إلا القليل.
أليس هذه حقيقة؟
تقول يا حضرة الأديب: "الأستاذ مهضوم الحقوق في العالم، ووظيفة أستاذ لا أقل منها حيثية في الحياة اليوم، ولا أقل اعتباراً من شخصيته، ولا أقل شأناً من مركزه" لم يهضم العالم في عصر من العصور حقوق الأساتذة مربيي الأرواح، والتاريخ والحقائق التي نراها بأعيننا أكبر شاهد يا حضرة الأديب، ولو قلت إن بعض الأساتذة الحقيقيين الموجودين في بلادنا مهضومو الحقوق لسلمت لك بذلك، أما في العالم فكلا، ثم كلا. هذا الحق.
إن وظيفة الأستاذ عظيمة جداً –لأني أعني الأستاذ الحقيقي– وكم أتمنى أن أكون أستاذاً، ولكن أستاذاً حقيقياً غير مزيف، أما من المزيفين فلا أريد، ومتى صرت أستاذاً حقيقياً عند ذاك أعرف كيف أعمل، وكيف أكتسب معاشي، وأنعم في بحبوحته.
وأخيراً وأولاً، أنا لا أريد أن أضغط عليك في رأيك، فأنت حر إن شئت تسلم بنظريتي، (بعد أن أقمت الدليل) وإن شئت تبقى مصراً على نظريتك الأولى فلك رأيك. وإنما رحم الله القائل: "الحق أحق أن يتبع". والله الموفق إلى طريق الرشاد.
مكة المكرمة: (الغربال)
أم القرى العدد 381 بتاريخ
في يوم الجمعة 24 ذو القعدة 1350هـ
الموافق 1 إبريل 1932م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :486  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 96 من 122
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.