شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الطباعة في الحجاز وعناية حكومة جلالة الملك المعظم بها
يظن كثير من الناس أن فن الطباعة لا أثر له في هذه البلاد، بينما هو فن قامت على أكتافه حركة الثقافة والنشر إلى أقصى حد، وكان له فضـل كبير في إنماء هذه الحركة العلمية وازدهارها، وفيما يلي ننشر المقال التالي وهو يبين بجلاء الخطوات الواسعة لفن الطباعة في هذه البلاد.
لم يعرف الحجاز فن الطباعة إلا في عام 1300هـ، إذ فيه استحضرت الحكومة التركية مكنة بدال صغيرة، ثم في عام 1302هـ استحضرت مكنة متوسطة من النوع المعروف في المطابع بالفرنساوي مقاس 82 في 57 سنتم، وبعدها بعدة سنوات استحضرت مكنة حجرية مقاس 50 في 70 وقد أطلق عليها المطبعة الأميرية، وفي عام 1327هـ أسس المرحوم ماجد الكردي أول مطبعة في مكة وقد زودها بأدوات كثيرة وأنفق عليها أموالاً باهظة سعياً وراء تحسين هذا الفن وانتشاره، وفي العام نفسه تأسست في جدة مطبعتان أهليتان إحداهما مطبعة الإصلاح والأخرى مطبعة شمس الحقيقة، وقد كان لكل منهما شركة تجارية تتولى أعمالها، وفي عام 1328هـ تأسست في المدينة مطبعة أهلية صغيرة، وفي عام 1335هـ أسس فخري باشا في المدينة مطبعة حكومية صغيرة.
وقد كانت عموم هذه المطابع تسير على الطرق العتيقة في الطباعة وشعبها، وبالرغم من ذلك فقد أدت خدمات وطنية حسنة بالنسبة للوسائل الاقتصادية والحياة الثقافية والملابسات السياسية التي كانت تكتنف هذا الوطن.
وقد ضعفت أحوال المطابع الأهلية في زمن الحكومة الهاشمية ضعفاً كبيراً بسبب المقاومة الشديدة التي كان يتبعها الملك حسين في عدم انتشار وسائل الثقافة والتعليم، فقل بعضها، وبقي البعض الآخر يسير من ضعف إلى ضعف.
أما المطبعة الأميرية فقد كانت تؤدي أعمالها الحكومية في زمن الحكومة الهاشمية بآلاتها وأدواتها التركية، وبالرغم من المدة الكبيرة التي قضتها مستولية على الحياة فإنها لم تستحضر لها جديداً إلا الوسائل الاستهلاكية اللازمة للمطبوعات الحكومية كالورق والحبر والحروف أحياناً.
وبعد أن استتب الأمر لحكومة جلالة الملك أطلقت على المطبعة الأميرية (مطبعة أم القرى) وأعطت فن الطباعة عنايتها، فاستحضرت وزارة المالية في عام 1345هـ مصباح طبارة من سوريا وعقدت معه اتفاقاً على تعليم بعض الحجازيين فني الحفر وعمل الطوابع، وفي عام 1346هـ أسس معالي وزير المالية قسماً خاصاً لهذا الفن، فكان أول قسم أنشأ لهذا الفن في الحجاز وكانت هذه الخطوة أكبر دليل على رغبة معاليه في العناية بهذا الفن وتحسينه.
ومن هذا التاريخ بدأ التفكير الحكومي يتجه نحو ترقية هذا الفن وتحسينه وانتشاره، ففي عام 1347هـ استحضرت حكومة جلالة الملك مهندساً وعمالاً فنيين في صف الحروف وزودتهم بالأدوات اللازمة لهذا القسم. وأوكلت إليهم تعليم قسم من أبناء البلاد فقاموا بمهمتهم خير قيام، ومن هذا العام تغيرت الطرق القديمة لصف الحروف بالطرق الحديثة ولم تقتصر جهود الحكومة على تحسين هذا الفن وترقيته في مطبعتها الرسمية بل شجعت على تعميمه في عموم المطابع الأهلية فخصصت وزارة المالية مبلغاً من المال يصرف إعانة لكل من يريد تعلم هذا الفن بمطبعة أم القرى، فكانت هذه الخطوة خطوة موفقة لتعميم هذا الفن وترقيته، من هذا التاريخ بدأ التجديد يسير في مطبعة أم القرى سيراً حسناً، وقد كان عام 1354هـ بحق عام انقلاب هام في تحسين وسائل الطباعة وترقيتها، إذ تم فيه استحضار عدة مكنات طباعة من الطراز الحديث وبمقاسات مختلفة واستبدلت إدارة المكائن بالماتور بدلاً من اليد، وفي عام 1356هـ أنشأت مطبعة أم القرى بتعضيد معالي وزير المالية وتشجيعه قسماً خاصاً للتجليد واستحضرت له أدوات حديثة كاملة، وأنشأت له بناية خاصة في أعلا مطبعة أم القرى.
وفي عام 1357هـ أرسلت حكومة جلالة الملك بعثة إلى الجارة الشقيقة مصر مؤلفة من سبعة أشخاص للتخصص في فن الطباعة وشعبه، وقد التحقت هذه البعثة بالمطبعة الأميرية بالقاهرة فتخصص السيد محمود أحمد حافظ في فن التجليد والطوي، والسيد محمد خيرو في فن الحروف وتوضيب الفرم، وعبد الرحيم مُلاَه في طبع الملون البارز، والسيد محمود رواس في المكنيك، والسيد سعد الدين أسعد في سبك الحروف، والسيد حسن خشيفاتي ومحمد حامد عوض في الطبع على المكائن باختلاف أنواعها.
هذا قسم من العناية الحكومية عن فن الطباعة بالمطابع الحكومية، أما عنايتها وتشجيعها للمطابع الأهلية فعظيم جداً أذكر منه ما يحضرني الآن. في عام 1347هـ سمحت الحكومة بإنشاء شعبة في مكة للمطبعة السلفية، وأعفت عموم أدواتها وآلاتها ومكائنها من الرسوم الجمركية كما أعفتها من التأمين المالي الذي يقضي به القانون تشجيعاً لهذا الفن وترقية له.
وفي 27/6/1351هـ وافقت الحكومة على قرار مجلس الشورى رقم 662 تاريخ 13/11/1350هـ بإعفاء ورق الطباعة العائد للكتب الدينية من الرسوم الجمركية وقد كان لمعالي وزير المالية في هذا موقف مشرف.
وفي عام 1355 أسس السيد عثمان حافظ مطبعة طيبة في المدينة المنورة فأعفتها حكومة جلالة الملك من الرسوم الجمركية وتفضل معالي وزير المالية فأصدر أمره بنقلها على السيارات من ينبع على حسابه الخاص كما أعفتها وزارة المالية من التأمين المالي الذي يقضي به القانون.
في عام 1355هـ استحضرت الشركة العربية للطبع والنشر عدة مكائن مع أدواتها وآلاتها فشجعتها الحكومة وأعفتها من الرسوم الجمركية والتأمين المالي.
هذا قليل من كثير من جهود الحكومة لتحسين الطباعة في هذا الوطن وترقيته، وإذا أضفنا إلى هذا المشاريع الجديدة التي يفكر حضرة صاحب المعالي وزير المالية (1) الجليلة في إنجازها عام 1358هـ منها وهي إرسال بعثة للتخصص في فن الحفر وعمل الأكليشيهات بعموم أنواعه وشعبه وإنشاء بناية عظيمة لمطبعة أم القرى واستبدال إدارة المكنات من الماتور إلى الكهرباء واستحضار مكائن وأدوات كثيرة لترقية الطباعة والتفنن في أساليب تحسينها وفرض حماية جمركية على المطبوعات الأجنبية سعياً وراء تحسين حالة الطباعة في الحجاز ندرك مبلغ جهود معاليه في تحسين هذا الفن وترقيته والسير به إلى الهدف الأسمى، نجح الله الأعمال الحسنة.
مكة: أبو عبد المقصود
جريدة (صوت الحجاز)
5 ذي الحجة 1357هـ
25 يناير 1939م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :669  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 70 من 122
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.