شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بحث في المسائل الحاروية (1) (4)
الحدود وتأثيراتها في الحارة:
لا تزال الحدود في نظر الدول حجر عثرة في طريق السلم ولا يزال أمرها من الأسباب الأساسية الوحيدة للمنازعات التي لا تنتهي في كثير من الأحيان إلا بعد أن يحكم فيها السيف والمدفع، والمطامع الاستعمارية، وحب التوسع يتخذ له من منازعات الحدود طريقاً، ولنا في التاريخ عدة شواهد، فكما أن للحدود في نظر الدول هذا تأثيرها، وتلك منزلتها فهي كذلك في نظر الرجل الحاروي، والفارق بين الاثنين - الدول، والرجل الحاروي - هو أن الدول تعتمد في أكثر الأحيان على المفاهمات السياسية علَّها تتوصل بذلك إلى حل مرضٍ بغض النظر عن الصيغات السياسية التي تصاغ بها تلك المفاهمات - أما الرجل الحاروي فالحل عنده ضرب العصي في الحال.
وتحديد الحدود في الحارات أمر قضت به أوضاع البلاد الإدارية فيه وقد قسمت البلدة الواحدة إلى أقسام متعددة وأوكلت كل قسم منها إلى شخص معين (كان يطلق عليه في الأزمنة السابقة شيخ الحارة وفي عام 1346هـ أطلق عليه عمدة الحارة ولا يزال ذلك حتى اليوم).
وبطبيعة الحال كان كل قسم من تلك الأقسام معروفة حدوده، وذلك الشخص مسؤولاً عما يقع فيه من حوادث.
تخطيط الحدود والتاريخ الحجازي:
قلنا سابقاً أن مدوني التاريخ الحجازي أهملوا المسائل الحاروية، إهمالاً ضاع عليه بسببه كثير من الحوادث التي نعتقد أنها لو دونت لاستطعنا أن نعرف بها كثيراً عن حالة الحجاز الاجتماعية، وكما أنهم أهملوا ذلك فإنهم أهملوا تخطيط مدن الحجاز وحدود محلاته، وما جاء في كتاب: صفة جزيرة العرب، ومعجم البلدان، ومعجم ما استعجم وغيره فجميعه لا يشفي الغليل، لأن أكثر الأماكن التي حوتها تلك الكتب القديمة الموثوق بصحة روايتها أصبحت اليوم غير معروفة إلا القليل منها بسبب ما طرأ عليها من التبديل والتغيير من جهة واندثار بعضها من جهة ثانية، والتقلبات السياسية التي طرأت على البلاد الحجازية من جهة ثالثة، والأزرقي عفا الله عنه هو الوحيد الذي خطط لنا مكة، فقد ذكر لنا شعابها وجبالها، ورباعها وأسواقها وأكثر أماكنها، وقد قسم لنا مكة في كتابه أخبار مكة إلى قسمين: قسم أسماه المعلاة () (2) ويبدأ من شعب بني دب (3) إلى الصفا بما في ذلك السويقة (4) وجبل قعيقعان (5) والقسم الثاني أسماه مسفلة (6) ويبدأ من الصفا وينتهي عند بركة ماجن (7) بما في ذلك الشبيكة وبئر طوى (8) ولكن ذلك التخطيط أصبح عديم الفائدة وسنعالج أسباب ذلك في بحث خاص إن شاء الله.
وقد روى لي ثقة فاضل بأن للمرحوم الشيخ أمين بيت المال كتاباً في تخطيط مكة كما أني قرأت في ترجمة الشيخ أحمد الحضراوي في كتاب "تحفة الأحباب في بيان اتصال الأنساب مع ذيله المسمى موائد الفضل والكرم الجامعة لبيوت أهل الحرم". لمؤلفه الشيخ عبد الستار الكتبي أن له (أي للحضراوي) كتاباً اسمه الخطط المكية ولكن لم يسعفني الحظ فأطلع عليهما ولم أجد من يذكر لي خبرهما، وأرجو من كل مطلع وصل إلى علمه شيء عن خبرهما أن يرشدني إلى ذلك أما بقية المدن الحجازية فلم أعثر لأحد ما عن تأليف مخصوص في تخطيطها ولعلَّ غيري اتصل بعلمه شيء فيدلنا عليه ونكون له من الشاكرين.
الحدود الحاروية الحاضرة:
الحدود المتعارف عليها اليوم يرجع تاريخها إلى القرن الثاني عشر وبعضها إلى القرن الثالث عشر وكثيراً ما كانت تحصل منازعات بسببها فكان يحل أمرها على يد أمير مكة بمحضر يكتب فيه ذلك، ولكن تلك المحاضر اندثرت ولم يبق لها خبر، والموجود اليوم فيه ما يقال.
نزاع الشبيكة والمسفلة:
نزاع الشبيكة والمسفلة على السوق الصغير المتنازع عليه اليوم قديم. ويرجع إلى القرن الثالث عشر، وقد وصل الأمر بهما إلى أن عقدت عدة اجتماعات على يد أشراف مكة وكبرائها وهنا يجب أن أقف بالقلم كأنما في قلبي كل ما لدي من معلومات ما تحصلت عليه من روايات وما وجدته من مدونات ما دام أمر النزاع الحالي لم ينته بعد ولم يبت فيه وموعدنا بذكر ذلك مفصلاً عندما ينتهي الأمر وما ذلك ببعيد.
مكة المكرمة (متألم)
جريدة صوت الحجاز
15 جمادى الأولى 1353هـ
5 سبتمبر سنة 1933م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :802  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 41 من 122
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج