شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المياه بمكة في أدوارها التاريخية (7)
1- بركة السلم:
يشاهد الذاهب إلى منى عن يمينه بركة مهدمة تعرف ببركة (السلم) ولا تزال العامة تسميها لهذا الاسم حتى اليوم.
وهذه البركة قديمة جداً ولا يعرف بالتأكيد معمرها، ولا تاريخ عمارتها، وكل ما نستطيع أن نقوله عنها: أنها عمرت في القرن السابع أو قبله، إذ ذكر غير واحد من مؤرخي مكة أن نائب السلطنة بمصر جدد عمارتها سنة 745هـ وأجرى لها عيناً من منى.
يقول السنجاري: "وفي سنة 754هـ جدد نائب السلطنة بمصر بركة السلم وأجرى العين التي داخلها من طريق منى (1) ". أهـ. ويقول الفاسي: "أجرى نائب السلطنة بمصر عيناً من منى إلى بركة السلم سنة 745هـ". أهـ.
فقول السنجاري جدد نائب السلطنة بمصر بركة السلم أيد لنا أن بركة السلم كانت موجودة قبل سنة 745هـ، وأن نائب السلطنة بمصر جددها، وبالطبع لا يكون التجديد إلا بعد التخريب، والخراب لا يكون إلا بعد الإنشاء، وأمثال هذه الأشياء لا يعقل أن تخرب قبل مرور مئة عام على أقل تقدير، وعلى هذا القياس فلا يستبعد أن تكون بركة السلم من مؤسسات القرن السابع الهجري أو قبله.
كما أن السنجاري أكد لنا أن إجراء العين إليها من منى شيء مستحدث أحدثه نائب السلطنة بمصر سنة 745هـ، ونائب السلطنة هذا الذي يقصده السنجاري هو الملك الصالح إسماعيل بن الملك الناصر محمد بن قلاوون، و هذا القول جعلنا أمام أمر غامض وهو معرفة مورد الماء إلى بركة السلم قبل دخول عين منى إليها، إذ لا يعقل أنها كانت تملأ من ماء عين حنين لكونها بعيدة عنها وأرض بركة السلم مرتفعة عن مجمع مياهها، كما أنه لا يوجد أي أثر قديم يدل على ذلك، ثم لا يعقل أيضاً أنها كانت تملأ من ماء عين زبيدة، إذ ماء عين زبيدة كان حده النهائي في ذلك الحين بئر زبيدة أو بئر الجن، ونفس العقبات التي كانت قائمة في طريق وصول ذلك الماء إلى مكة هي نفس العقبات التي تحول دون وصول الماء إلى بركة السلم (وضحناها (2) في العدد 519 - 521) أضف إلى ذلك أن الجهة التي تقع فيها بركة السلم مرتفعة عن الجهة التي تقع فيها مجاري عين زبيدة، وهذا الارتفاع هو الذي حال دون دخول مجاري عين زبيدة بمنى، ولو لم تستعن عليها جمعية وحدانه بمكنة الضغط الموجودة اليوم في ريع المفجر لما تمكن من إدخال الماء إلى منى بمواسير حديدية. زد على ذلك أنه لم تكن هناك عيون قريبة من بركة السلم نستطيع أن نقول بأنها كانت تملأ منها بركة السلم، كذلك لم يحدثنا التاريخ بوجود عيون في تلك المنطقة فلذلك لم يبق أمامنا إلا أمر واحد وهو أنها كانت تملأ من ماء المطر، ونستدل على ذلك بوجود شحاحيذ تتصل بفوهة واسعة في الجانب الغربي من البركة، أذكر أني رأيتها قبل عشر سنوات تقريباً، وقد وقفت عليها قبل بضعة أيام فوجدتها مدفونة، إلا أن آثارها ظاهرة، وأني أجزم بأن تلك الشحاحيذ التي رأيتها من قديم ليست قديمة بل هي إما أن تكون مستحدثة، وإما أن تكون مجددة، وأظنه الثاني.
"للبحث صلة"
(ابن عبد المقصود)
جريدة (أم القرى):
العدد: 527 - 20 شوال سنة 1353هـ
الموافق 18 يناير 1935م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :642  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 16 من 122
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.