شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المسحر والسحور
وما كان لي أن أنهى حديثي عن شهر رمضان.. دون أن أشير إلى عادة قديمة لم يعد لها من أثر وهي (المسحر.. وطبلته) وأناشيده.. وحلقته.. وما كان أذكاه وأذْكرَهُ لأسماء سكان الدور رجالهم وأطفالهم كأنما هو يحفظهم عن ظهر قلب.. وهي ألوف مؤلفة فلا ينتهي الناس من سمراتهم ويؤوبون إلى منازلهم حتى يصحب معه فانوساً.. ويدور على مناطقه المختصة به ويبدأ بقول "ابرك الليالي والأيام علي سيدي فلان.." ويسمى الأكبر فالأكبر حتى الوليد في مهده ولا تسل يا صاحبي عن الطفل الغرير والفتى الصغير وهما يسمعان اسمهما يترددان على شفة هذا (المطبل الكبير) فإنه يوقظ من نومه إن لم يتيقظ من نفسه ليستمتع بهذه المكرمة الخالدة وإنه أصبح أو أمسى ممن تسير بذكره الركبان ويعرفه لذلك الأخوان والجيران.
ولا أنكر إنني كنت أشعر بفرح عظيم عند سماعي لاسمي يدوي به الزقاق.. وتتجاوب به الآفاق وتلك خصلة أو نعمة من نعم الغرارة والطفولة.. يحرم منها العقلاء.
ومما يروى من طرائف المسحرين - والشيء بالشيء يذكر أن أحدهم - كما رواه لي بعض المتقدمين توجه إلى (اسلامبول) في العصر العثماني وأسعفه الحظ فظفر بصلة شريفة بالسلطان العثماني، وكان المسحر هذا من أهل الطائف.. وكانت فرصته هذه قلما يسمح بها الزمان لمثله. فطلب إليه السلطان أن يتمنى فتمنى، وبالعظمة ما تمنى، تمنى أن يمنحه (فرماناً). أو مرسوماً بحصر (التسحير) فيه وفي أنساله جيلاً بعد جيل وطبقة بعد طبقة في بلده حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فكان له ما أراد، غير أنه مات وقطع نسله واضمحلت هذه العادة وكان يطمع أن تدوم، وسبحان من لا يزول، ولو أنه تمنى خيراً منها وضمها إليه معجلة لكانت أجدى من هذه الأمنية الضائعة وللناس فيما يعشقون مذاهب.
وقد كانت حصيلة المسحر في العيد بما يجعل لهذا المسحر مندوحة أو عذراً في أمنيته أو تمنيه فقد كان يحمل معه كل ليلة (وسق بعير) من الحبوب. وكانت النقود التي تمنح له مما تنفطر به الجنوب والجيوب.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :428  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 830 من 1070
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج