الغيث أنت؛ وفي (ربيعك) نمرح |
وبك (الحجاز) مناهل و (الأبطح)؟! |
ولو استطاع الشعب نحوكَ مرتقى |
لمشت به (الآفاقُ) وهو مجنحُ؟! |
ظمآن يشكو الوجدَ من فرط النوى |
وتكاد عنه لك (المعالم) تُفصحُ؟! |
كالعام يوم لا تراك عُيُونهُ |
وكأنّما هو في الهواجر يرزحُ |
تسطو به الأشواق غير مخيرٌ |
ويلوذ بالصبر الذي هو أنجح |
متلهفاً متنصفاً؛ وبوده |
لو أنه عنكَ المدى لا يبرحُ |
حمَّلته الحب العميق أمانة |
تتزلزل الدنيا ولا يتزحزحُ |
الشيب والشبان فيك جوانحٌ |
لك بالبصائر والنواضر تطمحُ |
والليل فيك مع النهار ولاؤهم |
مستوثق وثناؤهم متفتح!! |
وكأنهم رغم الصياصي دونهم |
أمْسَوْا حيالك في (الرياض) وأصبحوا |
لا تحجب الأبصار عنكَ شوامخٌ |
عرضت، ولا البيداء إذ هي صحصح؟! |
أبداً تحل بكل قلب خافق |
وهواك بل وهداك فيه مصحح |
تالله لو نطق (الجماد) تحية |
لافتر يشكر ما منحت وتمنح؟! |
(بطحاء مكة) و (المحصب من منى) |
و (حراءُ) و (الحرم) الذي بك يصدحُ |
لكأنَّما هي حين تسبق طيرَها |
شَغََفاً بحبك تستهلّ وتسبح؟! |
تلقاك باسمة الثغور كأنها |
من جانبيك مواكبٌ تترَنَّحُ؟! |
لسنا نبثك ما نُكِنّ تجملاَ |
بل أنت بالخير المضاعف تنضح |
ما إن رآى الراؤون مثلك (عاهلاً) |
يخشى الإله ولا نصيحاً ينصحُ |
وطأت أعراف الخطوب بحكمة |
هيهات منها (الزند) إذ هو يقدح |
وسبرت أغوار الحياة وكنهها |
والبأس يأزم والنوائب تكلحُ |
ولممت شعثاً، وافترعت أمانيا |
ونزعت غلا؛ كالزواحف ينقح |
وأقمت دين اللَّه في الزمن الذي |
فيه (الهداية) بالضلالة تكبح |
وصدعت (بالعلم) الجهالة بعدما |
غنى الحديد، وأذعن المتبجح |
وبنيت من أنقاض (يعرب) أمة |
كادت بها الأهواء قبلك تضرح |
وبلغت بالتوفيق ما لهجت به |
في الخافقين، صحائف تُتَصفحُ |
اللَّه أكبرُ كل شأنك مشرق |
ما قد مضى منه وما هو يلمحُ؟! |
(حربان) بالطغيان شب أوارُها |
وبها اكتوى (المفتون) والمتطوحُ)؟!! |
و (حماك) أبعد ما يكون عن اللَّظى |
باللَّه، ثم بما تسوسُ وتكدحُ؟!! |
والآن تضطرب العوالمُ خيفة |
وتكاد باللهب الشواظ تُوشحُ؟!! |
والناس بين تحزُّب، وترقب |
وكأنهم (كرةٌ) تمور وتسبح |
ولأنت باسم اللَّه أصوب من رأى |
رأياً، وأقوم في السبيل وأصرحُ |
وفد (الملوك) إليك، والتمسوا السنا |
من (أصغريك) وأكبروك وأمرحُوا |
ودعوك للجليَّ، فلم تنِ قائماً |
بالذود تدرعُ اليقين وتنفحُ |
نظروا (ببرديك) الحجي متمثلاً |
شخصاً، ووجهُك بالبشاشة يطفحُ |
ثقة بأن اللَّه ناصرُ دينه |
وبأن من هو (ظالمٌ) لا يفلحُ |
وبأن وعد اللَّه فيه منجزٌ |
مهما استراب، وكيفما هو يجمحُ |
وأشد ما نخشاه من أعدائنا |
هو في الضلوع مطنبٌ متشبحُ |
إعراضنا عما يفيدُ، ولغونا |
فيما يضر، (وداؤنا) المتقرح |
ولو استقمنا لا حتكمنا في الورى |
طراً؛ وكان النصرُ ما نستفتحُ |
ما كان أمسي، وما يكون فإنه |
قدرٌ، وأمر اللَّه فيه موضح |
لا يسبق الحدث القضاء وإنما |
يمضي القضاء بما يشاء ويسنح |
والشعب حولك لا يريم مكانه |
وبما استضاء به (الأوائل) يصلحُ |
يرضاك في أعناقه ودمائه |
ولما استخرت من المواقف يجنحُ |
فإذا رميت به الوغى لم يلتمس |
ريثاً ولا هو عن لوائك يبرحُ |
فاستلهم الرحمن فيه فإنه |
شاكي السلاح وحيثُ تومي يربح |
واطلع على (أم القرى) متهللاً |
فشعابها بك في الهدى تستصبحُ |
واهنأ بمقدمك الذي هو نعمةٌ |
وبه (المشاعر) و (المنابر) تفرحُ |