حَمِدنا السُّرى عُقبى امتشاقِ البواترِ |
وكِدنا العِدى بالصُّلحِ رَغمَ العَواثرِ |
وأصبحَ ما بين (العُروبةِ) مسفراً |
من الحبَّ والقُربى ونورُ البصائرِ |
تماسكَ منها كلُّ جزءٍ بأصلِهِ |
فأعظِمْ بها مَرهوبةً في المَغافِرِ |
وأحرَ بيومٍ تمَّ فيهِ ائتلافُها |
ثناءُ الليالي والعُصورِ الغوابرِ |
فما الحربُ إذ ذاقتْ مرارةَ كأسِها |
بأشفى غليلاً من سَلام مُؤازرِ |
فكم دهمتَها بالخطوبِ حوادثٌ |
توالتْ وولَّتْ بالعديدِ المُكاثِرِ |
وكم من فتكاتٍ من كِلاها تمكَّنتْ |
بأيدي بنيها في نُيوبِ الكواسِرِ |
وكم نَزَعاتِ بَدَّدَتْ شملَ بأسِها |
وقد كان طوداً فوقَ هامِ القياصر |
فكم دهمتها بالخطوبِ حوادثٌ |
توالتْ وولَّتْ بالعديدِ المُكاثرِ |
وكم فتكاتٍ من كِلاها تمكَّنتْ |
بأيدي بنيها في نُيوبِ الكواسِرِ |
وكم نَزَعَاتٍ بَدَّدَتْ شمل بأسِها |
وقد كان طوداً فوق هامِ القياصرِ |
وكم غَمراتٍ روَّعتْ من هدوئِهَا |
فكان بها استصحابُها في المَصائِرِ |
فما كظمتْ من غيظِهَا أو تجاوزتْ |
عن الجهلِ إلا رغبةً في التناصُرِ |
ولا ارتضمت أحشاؤها من تَعَتُّبٍ |
لمحضِ الهوى أو هيِّناتِ البوادرِ |
ولا اغتمدتْ أسيافَها خَشيةَ الوَغى |
فقد عُرِفَت أيَّامُها في المَجازِر |
* * * |
ولكنَّها قد آثرتْ فضلَ (وحدةٍ) |
تُظلَّلُها في قُوَّةٍ وتَوافُرِ |
* * * |
فما البحرُ إذ تطغى به الرِّيحُ هَائجاً |
بأهولَ منها في اقتحامِ المَخاطرِ |
ولا الناسُ يومَ الحشرِ عَدّاً ورهبةً |
بأهيبَ منها في القَنا المُتشاجِرِ |
ترامتْ إلى الحربِ الضِّروسِ كأنَّها |
شآبيبُ نارٍ من لَظًى مُتناثرِ |
وحنَّتْ إلى يومٍ كفى اللهُ شَرَّهُ |
هو الفَصلُ في عُرفِ القُوى المُتواترِ |
فلم يزجرِ الأحلامَ طولَ أَناتِها |
ولا الجَّامِحاتِ العَزمِ عُقبى التَّناخُرِ |
ولَمْ تَملكِ البِيدُ المَوامي سِِباعُها |
عديدَ الحَصى من نخوةٍ وتآمرِ |
فراحوا يُلبون الصريخَ كأنَّهُم |
(مناطيدُ) جوَّ أو صدورُ (بواخِرِ) |
تَنادَوْا إليها في الحَديدِ وأطلقُوا |
عِتاق المذاكي في حِرار الهواجرِ |
فلما أظل الشرُّ والتاثت الحجى |
وحاكتْ نسيجَ البُغض أيدي الغوادرِ |
وأطبقتِ الآفاقُ وارتوتِ الظبا |
وصاح نذيرُ الويلِ فوقَ المنابِرِ |
أفأنا إلى صُلحٍ تمهد بعدمَا |
أفاءَ بنو أعمامَنا للأواصِرِ |
وتلك المُنى لولا المنايا تقدمتْ |
فأنعمْ بهمْ من كُلِّ بادٍ وحَاضرِ |
هُمُ الجيرةُ الأدنون واللحمةُ التي |
لها الحَسَبُ الوضَّاحُ عُرفُ الأزاهرِ |
وهم دَمُنا الغالي وأعصابُ مجدِنا |
وأعضادُنا في كُلِّ ماضٍ وحاضِرِ |
وهمْ ما يَودُ البِرُّ بين بني أبٍ |
كما نحن فيهم قُرَّةٌ للنّواظِرِ |
* * * |
فقل لذوي الأحقادِ هذا نتاجُكُمْ |
فهل كان إلا غُصةً في الحناجِرِ |
* * * |
سعيتُمْ فأخفقتمْ وبُؤتمْ بإِثمِكُمْ |
وبؤنا بحِلفٍ كامتزاجِ العَناصِرِ |
أهنيك يا (صقْرَ) الجزيرةِ موجِزاً |
بتوفيقِ من أولاكَ حُسنَ المصادِرِ |
أهنيك بالسلمِ الذي أنت شِدتَهُ |
على أُسسِ التقوى وطُهرِ السَرائرِ |
أهنيك لا أني أُفيكَ وإنّما |
أُمحِّضُكَ الإِخلاصَ من قلبِ شاكِرِ |
فأنت بحولِ اللهُ أحييتَ أُمّةً |
تقنصَهَا الأعداءُ من كُلِّ ماكرِ |
وأنت الذي أعلى بك اللهُ صَرَحَهَا |
وأرشدَها للعُرف بعدَ التَّناكُرِ |
فأما بنوكَ الصِيدُ فالدهرُ شاهدي |
لديك بما قد خَلَّدوا من مَفَاخِرِ |
أصابَ (وليُّ العهدِ) أبعدَ غايةٍ |
تسامْ فأعيتْ بالثنا كُلَّ شاعِرِ |
(وفيصلُ) لن ألفي البيانَ مُساعدي |
على نَعتِهِ قد جَازَ مجرى الخَواطِرِ |
وهل كان إلا ما رَجونا (محمدٌ)
(2)
|
(وخالدُ)
(3)
والأبطالُ أُسدُ المَغاورِ |
* * * |
ولستُ مطيعُك في القوافي عواطفي |
إذن لأصمَّ الأرضَ صوتُ مَشاعري |
ولكنني والجوُّ أصبحَ صَافياً |
أكُفُّ وأستكفي إلى خيرِ عَاذِرِ |
وأسالُ من أضفى علينا نَعيمَهُ |
(بتاجِك) أن تحيا عَظيمَ المآثرِ |
ويحيا (وليُّ العهدِ) والنائبُ
(4)
الذي |
تملَّك منَّا كُلَّ قلبٍ ونَاظِرٍ |
ولولا ائتماري في الشمالِ لصُغْتُها |
لآلىءَ تَزري بالنُّجومِ الزواهرِ |
وحسبي ما أبدَاه قومي فإنًّهُ |
هو السرُّ والنجوى وما في الضَّمائِرِ |