شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وعزَّ على أنفِ العواذلِ حاضرُ (1)
شفى القلبَ "عيدٌ" بالمسرَّاتِ باهرُ
"ونصرٌ مَكينٌ" للمليكِ مؤازرُ
وأنباءُ صدقٍ مُترعاتٌ كؤوسُها
"وآياتُ حمدٍ" رَتَّلْتها البشائرُ
فقد طوتَ الأيامُ (شعبانَ) باسماً
طروبـاً بما لاقى الغُواة الغَوادرُ
تشتتَ شملُ البغي وارتدَّ ناكِصاً
على عَقِبيهِ واجتوتْهُ المَقابرُ
على إِثر تحشيدِ اللُّيوثِ وزأرِها
ومن قبلِ أن تدنو الكُماةُ القساورُ
وفرتْ جُموعُ الناكثينَ فأصبحوا
وليس لهم مما قَضى اللهُ جائِرُ
وَحَقَّتْ عليهم نِقمةُ اللهِ فاستوى
لدى البأسِ رعديدُ الوغى والغشامرُ
وثابتْ مطيرُ بعدَ أن مَسَّها البِلى
كما انشقَّتِ العَجمانُ عمن تطايروا
ولمْ تَسَعِ الأرضُ البراحُ برحبِها
رؤوسَ الأفاعي والمنايا شواغِرُ
وأحدقتِ الأبطالُ من كُلِّ جانبٍ
وضاقتْ بأنفاسِ الجُناةِ الحَناجِرُ
فولوا على الأدبارِ يبغونَ ملجأً
وقد كان ما راموا وظن المُحاذرُ
فشُقَّتْ بها أجوازُها وشَقَوا بها
شقيقةُ نسرِ الجوِّ والسيدُ خادرُ
وألقتْ بهم في جانبِ البحرِ خَشيةً
من البطشِ واسترقى المُجيرُ المجاورُ
وهيهاتِ والآسادُ مشرِعةَ القَنا
ودون انتجاءِ المُجرمينَ مَناذِرُ
فما هي إلا ليلةٌ وصباحُها
فسيقَ بها الدويشُ وارتاعَ ناكرُ
وما ساغَ طعمَ النومِ حتى تَصفَّدَتْ
يداهُ على رغمِ العِدا وهو صَاغِرُ
* * *
عليك ابنَ لامى وابنَ حثلينَ قد جنَتْ
مَواردُ سُوءٍ ليس فيها مَصادِرُ
أعدتم على قصرٍ وما انفسحتْ بكم
حِبالُ الأماني والجدودُ العوائرُ
ولبى نداءَ العزمِ من صُمَّ سمعُهْ
إِذا الصوتُ أعلنه الظُبا والخَناجِرُ
وجيء بكم والجيشُ في مُستقرِّهِ
وذلك ما لم تحتسِبْه الدوائرُ
بنفسي وأهلي الرافعونَ لواءَهُمْ
ولو زخرتْ يومَ الحتوفِ المجازرُ
وللهِ ما لقيتَ يا خيرَ من سَميتْ
به همةٌ هانتْ عليها المَخاطرُ
وللهِ رهطٌ من ذؤابةِ مِقرنٍ
أضاءتْ بهم أحسابُهم والمَحابرُ
ومن أين لي نعت الذينَ بحدِّهِم
غدتْ تُضربُ الأمثالُ فهي سَوائرُ
وحسبي إذا ما حانتِ اليومَ فرصةٌ
أداءَ الذي أَسطِيعُ والعذرُ سافِرُ
* * *
ألا صَغُرَتْ "أمُّ الدُّويشِ" وطابَها
لذي السبلةِ الجَهماء والموتُ فاغرُ
عفى عنه من لو شاءَ لاستأثرتْ به
سيوفُ الردى والجُرحُ بالدمِ نافرُ
فما راقَه ذاك التطولُ وارتمى
على مَضضِ والقلبُ بالحِقدِ زافرُ
وما زالَ يَستغوي الضَّفادِعَ ضِلةً
ويستهدفُ الآمالَ وهي دوابرُ
فما كان إلاَّ ثكلهُ بعزيزِهِ (2)
وقد نكبتْه بالرَّزايا المقادِرُ
فويلٌ لمن لم يَرتضِ العِزَّ مَوطِناً
ويا هولَ ما جرَّتْ عليه المغامرُ
وبينَا احتسينا من كؤوسِ حديثِهِ
وبِتنا نَشاوى واستشاطَ المُكابرُ
بدا الصَّومُ وضَاحَ الجبينِ كأنما
تمثَّلَ بالحُسنى وطابَ التزاورُ
فمن باقياتٍ صالحاتٍ تقدمتْ
ومن بركاتٍ سَابِغاتٍ تَناثَرُ
ومن طاعةٍ تُدني إلى اللهِ أو يدٍ
تُمدُ سخاءً والكريمُ يؤاثرُ
وم قائمٍ يتلو الكتابَ وساجدٍ
يخِرُّ ويَرجو يومَ تُبلى السَّرائرُ
تَطَوَّعَ فيه المؤمنونَ وأخبتوا
وكلٌّ على ما وفَّقَ اللهُ شَاكِرُ
* * *
ولما انقضى باليُمنِ واستقبلَ الورى
(هلالُ التهاني) واجتلتْهُ النَّواظرُ
ترقرقَ ماءُ البِشرِ في وجنةِ الضُّحى
وسالتْ بأفواجِ الرجالِ المَعابِرُ
ولاحَ لنا عيدٌ زَهى بِسِماتِهِ
كما افترَّ ثغرُ الغِيدِ أو رقَّ هاجرُ
كأنَّ المغاني إِذ تأرَّجَ نشرُها
غوانٍ تفيضُ المِسكَ والجوُّ عاطرُ
كأن الأماني في المَطارفِ فُصِّلتْ
على الشعبِ فازدانتْ بِهنَّ المَظاهرُ
ألا ليتَ من أضحى بنجدٍ مِقيلُه
رأى كيف ماستْ بالأميرِ المَشاعِرُ
أجلْ قد شهِدنَا فيصلاً في جَلالِهِ
كما انحسرتْ دونَ الشُّموسِ السَّتائرُ
ومن حولِهِ الأمجادُ من آلِ يَعْرُبٍ
نجومٌ أحاطتْ بالمُنير زَواهرُ
تهلَّلَ كالغيثِ الهَتونِ وأشرقتْ
أَسِرَّتهُ واستعذبتْه الضَّمائرُ
كأني به مَروانَ في دِستِ مُلكِهِ
إِذ الجيشُ غازٍ والحياةُ مَآثرُ
كأني به هارونَ في ظِلِّ سِدةٍ
تدانتْ إِليها بالخُضوعِ القَياصِرُ
كأن أخا الأشبالِ نفسي فداؤه
مليكَ الحِجى (عبدَ العزيزِ) المُقاهرُ
فهل رأتِ الأبصارُ مثلَ وقَارِهِ
حكيماً أُنيرت في صِباهُ البصائرُ
عَزوفاً أنوفاً نائفاً متعطفاً
طريفاً للمُقارفِ غافرُ
تدرَّع سِربالاً من الحَزمِ ضَافِياً
وفاضَ كما تَهمي المُزونُ البَواكرُ
ووطَّدَ أركانَ الأمانِ بسيفِهِ
فلا خوفَ إلاَّ ما جَنتْهُ الجَرائرُ
فللهِ عينا من رآه بمجلسٍ
أنيقٍ قد انثالتْ عليه الجَماهِرُ
وكلُّ امرئ قد أبطنَ الحُبَّ قلبُه
وفي وجهِهِ ومضٌ من الودِّ ظَاهِرُ
* * *
كأني وحولي من سلائلِ وائلٍ
عصائبُ تبني ما سَفتْهُ الأعاصِرُ
تبوأتَ ما بين السَّماكينَ منزلاً
ولِمْ لا؟ وشعبي حالفتْهُ المَفاخِر
* * *
أولئك أقوامي الذينَ توسَّدوا
على هامةِ الجوزاءِ يومَ تَضافروا
لهم غابرٌ لم يُبلِهِ الدهرُ ساحرٌ
وعزٌ على أنفِ العَواذِلِ حَاضِرُ
فمرحى (لأبناءِ الجزيرة) نهضةً
قد ارتفعتْ منها الصُّوى والمآثرُ
وحي هَلا بالبعثِ من بعدِ رَقدةٍ
ويا نِعمَ ما أوحتْ إِلينا الفَواقِرُ
ويا حَبَّذا التوحيدُ في كُلِّ حُلةٍ
وما المجدُ إلاَّ ما حَمتْهُ البَواتِرُ
وقد صُفَّتِ الأجنادُ في كُلِّ بلدةٍ
وغَصَّتْ بآسادِ الكِفاحِ المَغاورُ
فهيا إلى التَّعليمِ نَحسو شَرَابَه
لنروي نفوساً أصدَّأتها الهَواجِرُ
ففي كُلِّ رَبعٍ للعلومِ مَعاهدٌ
وفي كُلِّ جَمعٍ للرَّشادِ مَنابِرُ
وفي كُلّ نبعٍ (للبذورِ) مغارِسٌ
وفي كُلِّ فَرعٍ ( للثمارِ) مهاصِرُ
فلا عُذرَ للوانينَ إلاَّ تكاسلٌ
ولا لومَ "للفانينَ" إلاّ تَهاترُ
ولستُ وإِن طالَ الزمانُ بقانطٍ
فلي أملٌ في يَقْظةِ القومِ نَاضِرُ
وللشعبِ في (فَخرِ العُروبةِ) (فيصلٍ)
وفي (صاحب التاجينِ) ذُخرٌ ونَاصِرُ
فلا زِلتُما للعيدِ عيداً للورى
(سعوداً) ونظمي فيكُمَا عامرُ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :624  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 9 من 1070
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.