شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
العمامة و(كشف شبهات)
ولم ينته الحوار حول "العمامة" فقد ظهر كاتب آخر يدعى: "المهدي" وهو اسم مستعار أيضاً تناول القضية من منظور ديني حيث وجه انتقاده إلى "الفلاحي" لاعتماده في أدلته على أحاديث ضعيفة استدل بها عند حديثه عن العمامة.
وكان "للغربال" تعقيب على ما كتبه "المهدي" نشر في العدد 403 تاريخ 1/5/1351هـ جريدة (أم القرى) جاء على النحو التالي:
(اطلعت على مقال الفاضل ( م. ح. الفلاحي) الذي صور العمامة بأجمل صورة داعياً فيها إلى إحياء سنتها، ثم كتب (المجهر) يرد عليه، فرد عليه (الغربال) بما لا يخفى على القراء، لم يستلفت نظري إلا رد بتوقيع "المهدي" للكاتب الأول لدعوته إلى إحياء هذه السنة بدلاً من تلطف يليق بمن كان ذا نية سليمة ودعوة إلى الله خالصة، فبدلاً من كل ذلك قال له: (يا ليته ترك الأمر لأهله)، ولا نعلم من هم أهله. أهم أمثال حضرته الذي برهن بمقاله هذا على عدم إطلاعه على شيء في علم أصول الحديث رغم ما يهمس به مقاله في أذن القراء بأنه ذو اطلاع واسع فهو يذكر أسماء كثيرة من الفقهاء والمحدثين والمؤلفات. ثم يقول بعد ذلك: (فيا ليت كل واحد منهم وقف عند حده، ولم ينازع الأمر أهله، ولم يخض بما لا علم له به) يحمل المهدي حملة شعواء على الكاتب الأول بحجة أنه ذكر أحاديث ضعيفة قائلاً أنها لا تحل روايتها إلا للرد عليها وأساس هذه الحملة وأمثالها الجهل بما أجمع عليه علماء الأمة من أن الأحاديث الضعيفة يحتج بها في فضائل الأعمال، فعذر الكاتب الأول إلى القراء الكرام، أن المهدي لا يدري أيضاً بأن الأحاديث الضعيفة إذا انضم بعضها إلى بعض ترتقي إلى مرتبة الحسن، فحينئذ تذكر للاحتجاج بها لا للرد عليها، وقد ذكرها ابن حجر وهو الشهير بعلمه وفضله، الفائق في تحقيقه وفهمه، في مقام الاحتجاج بها حيث قال: (وتسن العمامة لقصد التجمل والصلاة للأحاديث الكثيرة فيها مع اشتداد ضعف كثير منها تساهل كما هو عادة ابن الجوزي هنا يعني في التضعيف والحاكم في الصحيح، ألا ترى الحديث: اعتموا تزدادوا حلماً، حيث حكم ابن الجوزي بوضعه والحاكم بصحته) اهـ. بلفظه من تحفة المحتاج بشرح المنهاج، وورد كثير من هذا، كما صرح به في المواهب الدينية حيث قال: (فهذه كما ترى أحاديث في فضل التعمم ولا يضر ضعف أكثرها وإن اشتد في بعضها لأن بعضها يجبر بعضاً ويشده كما هي القاعدة عند المحدثين أن كثرة الطرق تجبر الحديث ويعتبر بهذا أصلاً معتبراً. أهـ). هذا أيضاً في بعض شروح الشمائل.
إذن الأحاديث التي أوردها الكاتب الأول حسنة لغيرها بل متواترة تواتراً معنوياً كما إذا تواترت الأخبار بأن حاتماً كريماً، فهذه وإن ضعف أسانيدها فقد قوي بعضها بعضاً فحديث اعتموا.. إلخ. هو أحد الحديثين اللذين ذكرهما الكاتب الأول والثاني من هذا القبيل إذ أنه لم يذكره للاستدلال به على أفضليتها فقط ليس إلا، ودليل ذلك شرحه لصدر الحديث لأن فيه الشاهد، وتركه للعجز، فتخلص لدينا أنه على أفضلية العمامة استند بهذا الحديث لمعضداته الكثيرة جداً لا على كبرها وكثرة كوراتها، ولا أعلم لماذا الحماس من حضرة الأديب المهدي، الذي لا محل له من الإعراب، ولماذا هذا الازدراء المعيب الذي لا يتفق مع أدب المناظرة).
هذا التعقيب من الغربال على مقالة "المهدي" حول ضعف الأحاديث التي استند إليها "الفلاحي" يكشف جانباً من الثقافة الدينية في شخصية "الغربال" ورغم الصعوبة التي قد يجدها الباحث في الكشف عن درجات الأحاديث ليعرف الصحيح منها، والحسن والضعيف، فإن "الغربال" دعم موقف (الفلاحي) حين بين الكيفية التي يتم فيها "الجبر" و "التعضيد" ليصبح الحديث مسنداً ودليلاً؛ خاصة عند الاحتجاج به في فضائل الأعمال.
ومن هذا يتبين لنا أيضاً أن قوة الرد أو التعقيب على موضوع (ما) يتطلب من الكاتب الإلمام بثقافات متعددة يستمد منها أدلته وبراهينه لإحداث قناعة وافية لدى المتلقي. وفي اعتقادي أن الغربال نجح في هذا الجانب.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :440  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 71 من 111
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج