شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
العمامة
مقال أديبنا م.ح الفلاحي (الذي يعترض عليه أديبنا المجهر) يدعونا فيه إلى لبس العمامة لأنها وردت في السنة من جهة، ولأنها عادة العرب من جهة ثانية، وهذا شيء لا يحتاج إلى جدال، ولا إلى مكابرة، ونفس أخينا المجهر يقر بذلك في كون لبس العمامة من السنة، ثم يرجع فيقول: إن المسألة مباحة وذوقية، وما دامت كذلك فالأولى أن نفكر في توحيد الزي، وبالأخص لبس الرأس فيكون مناسباً لمناخنا وبيئتنا ووطننا ومالية وسطنا، وجميلاً جداً، نحن مسلمون وعرب قبل كل شيء. وأديبنا المجهر مسلم بأن لبس العمامة من السنة فهذه الجهة قد اتفقنا عليها فلا حاجة لبحثها بقي أن ننظر إلى لبس العمامة من جهة عادة العرب، نحن مجبورون على اتبع عادة العرب في زيهم حفاظاً على كياننا العربي أن يدخل إليه ما يخل به فيندثر، وعادة العرب فيما يلبس على الرأس هي: "العمامة" وهم يفتخرون بها وقد ورد ذكرها في أشعارهم بكثرة، قال شملة بن أخضر الضبي:
إذا لبسوا عمائهم طووها
على كرم وإن سفـروا أنـاروا
وقال الكناني:
تنخَّبتها للنسـل وهـي غريبـة
فجاءت به كالبدر خرقاً معممـاً
وأشعار العرب ملأى بذكر العمائم والافتخار بها، كما أن للعرب في لبسها أشكال مختلفة، وما دام العرب الذين هم آباؤنا ونحن أبنائهم وننسب إليهم، ونفخـر بـهم وبعاداتـهم فيما يلبس علـى الرأس (العمامة) فلماذا نترك عادة آبائنا وأجدادنا ونذهب نفتش على زي لنا خلاف الزي العربي لننفق عليه من جديد ونجعله زياً لنا، لسنا في حاجة إلى ذلك ونحن أغنياء بزينا العربي عن اختراع زي جديد لنا لا يعلم إلا الله ما يجري علينا من تقاليد ومصائب، ثم إن حاجتنا إلى المحافظة على شعارنا العربي أكثر وأعظم من غيره، أما كون الإمام الشيخ محمد عبده، قال:
ولكن دينـا قد أردت صلاحـه
أحاذر أن تقضي عليـه العمائـم
فقوله هذا لا يدل على أن لبس العمائم يقضي على الدين، بل يدل على أن الأشخاص الذين يفسدون في زمنه من المتعممين هم الذين يخشى منهم أن يقضوا على الدين بخرافاتهم وبدعهم وضلالهم. أما العمامة المسكينة فما ذنبها؟ ثم لو كان سر التقدم برفض العمامة لما كان الشيخ محمد عبده نفسه يلبسها، ولوجدناه أول من رمى بها وصرح بعدم صلاحها، كما أن محافظته على العمائم لم يكن لكون التقدم معقوداً بناصيتها لا، أبداً بل لكون لبس العمامة أو غيرها من عادات العرب الذين ينتسب إليهم، والذي هو منهم، لذلك كان رحمه الله شديد المحافظة عليها حتى في أسفاره إلى البلاد الأوربية.
ونحن بدلاً من أن نكره العمامة، نكره الأشخاص الذين يفسدون باسم العمامة وغيرها إذا تحققنا فسادهم وتأكدناه، وهو الذي يقصده الشيخ محمد عبده. ثم لنفرض الآن أننا تركنا لبس العمامة واخترنا إحرام الرقبة أو غيره فماذا تكون النتيجة؟ هل ذلك يغير من أخلاقنا؟ ليس الموضوع يا عزيزي المجهر العمامة ولبسها، وإنما الموضوع إصلاح نفوسنا وتهذيب أخلاقنا والسعي فيما يفيدنا، وما العمامة وغيرها مما يوضع على الرأس إلا خرق لا تضر ولا تنفع ولا تقدم ولا تؤخر.
ونحن إذا تمسكنا بالعمامة فإن ذلك أفضل من أن نتركها، وإنها تاج العرب، ومن تراث الأجداد فيجب أن نجلها ونعظمها ونحافظ عليها ما دمنا ندعي العربية.
ثم أسألك يا عزيزي المجهر أن تخبرنا عن إحرام الرقبة الذي أحله بعضنا محل العمامة والذي أصبح علامة فارقة بين النشء الجديد "أو الشبيبة" وبين الرجعيين والشيوخ، من أين جئنا به وأية أمة قلدناها فيه؟ ما هو الداعي لوجوده وانتشاره بيننا، ليس لديك جواب إلا أن نقول أن كره الشبيبة في العمامة ولبسها، والنظر إليها بأنها هي كل التأخر حبب إلينا إحرام الرقبة ليكون علامة فارقة بين …).
تعقيب "الغربال" على اعتراض "المجهر" حول لبس العمامة جاء في صور إيضاحية. ومن خلال مناقشة هادئة تمكن الغربال من سرد الأدلة والوقائع التي تثبت أن العمامة زي عربي متوارث، ومن عادات العرب لبس العمائم والاعتزاز بها. وأن لا علاقة بالتقدم والتأخر في اللبس. ثم حاول في ختام المقال أن يشير إلى عادة دخيلة طرأت لاستبدال العمامة بزي جديد هو: (إحرام الرقبة) ولاحظ إقبال الشبيبة عليها بحيث أصبحت علامة للتفريق بين الشباب والشيوخ، فنبه إلى ذلك.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :597  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 70 من 111
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.