شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
اجتماع لتنشيط جهود بناء المسجد
وتكفّل بإبلاغ الإخوان المشار إليهم بدعوتي لهم لتناول العشاء يوم غد، واجتمعنا لذلك في ركن من أركان قاعة الاستقبال في فندقي المذكور الذي أنزل فيه، ولقد رأيت في الأخوين المصري واللبناني فور اجتماعنا بهما مثالاً عالياً للنشاط الصادق في القيام بمثل هذه الأعمال الخيرية، وقضينا نحو أربع ساعات يتخلّلها تناول الطعام، ونحن نبدي ونعيد في معالجة ما قد يكون البداية لهذا المشروع.
كان السيد المصري شاباً ذكياً، يبدو عليه الصلاح والإخلاص والحماس الهادئ والمتّزن، وكان يبدو على السيد الزين الحماس "اللبناني" الملتهب في اندفاع وتجاوب يملأ جوانحه إشعاعاً وحركة.
بدأ الأستاذ الزين يقصّ علينا قصصاً لطيفة من المستحسن أن أذكر بعضها، قال لي: أقمت في هذه البلاد الدانمركية بضعة عشر عاماً قدمت إليها من لبنان أبحث عن عمل، فاشتغلت بأنواع مختلفة من الأعمال التجارية البسيطة، وصادفتني مشكلات لا أوّل لها ولا آخر، فتزوّجت فتاة من هذه البلاد أستعين بها على مصاعب الحياة، وأستقرّ معها في حياة زوجية مرضية، فتضاعف نشاطي بعد استقراري وحماسي لخدمة إخواني المسلمين، وسواهم ألوف من العمّال الفقراء يملؤون جوانب من المصانع والمعامل والمطاعم ومرافق الحياة الشعبية الأخرى، تجمّعوا من بلدان متباعدة مختلفة الألسن والعادات لا يجمعهم غير كلمة التوحيد واعتزازهم وتمسّكهم بالانتماء إلى الإسلام، وافتخارهم بأنهم مسلمون. ولقد رأيت ما يعانون في هذه البلاد مما يعاني أمثالهم في غيرها من البلاد الأوروبية كلّها، من شتات وضياع واضطهاد وفقر وعوز وغربة مخيفة، لا يجدون متنفّساً لهم يستطيعون أن يتنفّسوا به كرب الحياة التي تحفّ بهم في مقامهم وفي البعد عن ديارهم وأهليهم وزوجاتهم وأمهاتهم.
فرأيت أن أقوم بواجبي بقدر ما أستطيع في خدمتهم والتفرّغ في بعض الأوقات للقيام بالأعمال الاضطرارية التي تخدمهم، كمجابهة مشاكل الموتى منهم، والقيام بدفنهم بعد غسلهم، والصلاة عليهم، ومحاولة إيجاد مقابر إسلامية أو أطراف من مقابر أخرى يكون فيها تجمّع موتى المسلمين، وجاءتنا مشاكل أخرى من الصائعين والمنحرفين والضائعين من هؤلاء العمّال والشباب، لا يجدونه مرشداً ولا هادياً ولا مواسياً لهم في هذه البلاد الإباحية، التي تعين أنظمتها وقوانينها في كثير من نواحي الحياة على الضياع والضلال والفسق والفجور العلنيّين اللذين يسمح بهما قانونياً، وقد تعطّلت فيها الكنائس وفرغت، وتجنّبها الناس، وأصبحت خاوية على عروشها، ولم يعد من المستنكر ما كان مستنكراً في العصر الماضي والقريب المنصرم، فضاع المسلمون من عمّالنا في هذه البلاد كما ضاع أهلوها وواجهتهم مشاكل لم يجدوا لها حلاًّ، كانوا يتعطّشون إلى وجود مسجد أو نادٍ يجمعهم ويطفؤون فيه لهب الحنين إلى بلادهم، وكانت أعياد الفطر والأضحى تجيء عليهم وهم لا يعلمون أوقاتها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :462  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 172 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج