قالت له: إنني أريد أن أفتخر بهم أمام زميلاتي في العمل، وبأنهم قد جاؤوا إلينا من بلاد العرب والإسلام، فعرض الرجل علينا الدعوة وتقبّلناها بسرور عميق، وأخبرها بذلك فأخبرته بالموعد الملائم الذي كنّا فيه على أبواب البنك، وكانت تستقبلنا على بابه ومعها سيّدة فنلندية أكبر منها من كبار موظفات البنك، مشت مع زوجتي ونحن حولهما نطوف على المكاتب ونتفقّدها، وكنت في تلك الجولة ألاحظ أن بنت الأستاذ الإمام كانت في غمرة من البهجة والسرور أمام من نمرّ أمامهم من الموظفات وتكون هي والسيدة الكبيرة الدليلين لنا، رأيتها معتزّة فرحة كأنما لسان حالها يقول: إن هؤلاء من أهلنا البعيدين في مكّة المكرّمة.
ولم يكن في البنك غيرها فتاة مسلمة، ولكنهم كانوا على منتهى الرقّة واللطف والاستقبال، وهذه الصفات من أبرز صفات الشعب الفنلندي المتسامح الطيّب الذي لا يعرف الحقد، ولا العنصرية، ولا التعصّب.
وشربنا الشاي في البنك بألوان بسيطة جداً من الحلوى، لا كتلك الحلويات الكثيرة التي كانت تغمرنا بها السيدة ريحانة في بيتها؛ إذ شتّان بين شاي وحلويات بسيطة تقدم في بنك تجاري مالي أنشئ للتوفير والاقتصاد، وبين شاي مدجّج بصحون الحلويات المختلفة تقدم من بيت إمام مسجد مضياف كريم لضيوفه من مّكة المكرمة، وهي عادة القوم كما قلنا، ثم غادرنا عائدين إلى بيت الشيخ الإمام.