شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
زيارة إلى زغرب
وإذا عدنا للأطفال وعاداتهم وتربيتهم والعناية بهم، فسأنحدر حالاً من مكاني الذي أتحدث عنه في القطب الشمالي بمدينة "هلسنكي" إلى مدينة "زغرب" الواقعة في شمال يوغسلافيا قريبة من الحدود النمساوية، فقد زرتها قبل ذلك في عام 1967م وأقمت بها أسبوعين اجتمعت فيها بالأقلية الإسلامية الموجودة بها، ورأيت المسجد الذي أنشأه المسلمون فيها قبل الحكم الشيوعي، والذي حوّل بعد ذلك إلى متحف، ذي ثلاث مآذن وله حديث آخر عندما نصل إلى يوغوسلافيا.
ولكن الذي أشير إليه أنه في الليلة الأخيرة من مقامي في "زغرب" تجمّع حولي في الفندق عدد من طلاب جامعاتها من سورية والأردن، كنت قد عرفتهم وتعرّفت عليهم وحفوا بي كلما وجدوا إلى ذلك سبيلاً وأنا في مدينتهم.
وسهرنا في تلك الليلة "ليلة الوداع" في جوّ أخوي مرح عابق بروائح الشباب والأخوّة، وكنت قد أخبرتهم بأنني سأغادر غداً "زغرب" في أحد القطارات التي تغادرها في الصباح الباكر، وأقبل بعضنا على بعض بالتوديع، عندما قال لي أحدهم، وطبعاً كنت متعباً وأريد الصعود إلى غرفتي للنوم باكراً وكان الوقت نحو منتصف الليل تقريباً، عندما قال لي أحدهم واسمه السيد "محمد هوماس" طالب في جامعة "سراجيفو": والله لقد تذكرت الآن موضوعاً أرجو منك رجاء حاراً ألاّ تخيب أملي في قيامك به، قبل أن تنام.
قلت له وقال له من حولي: وما هذا؟! قال: زيارة السيد "محرم أفندي". فقلت له: يا رجل الناس نائمون الآن وقد انتهت أيام الزيارة، فلماذا لم تخبرني بذلك أمس أو اليوم، فقال: نسيت ذلك ولكن هذا الصديق اليوغسلافي إذا علم أننا لم نأته بك لزيارته في بيته وأنك كنت في "زغرب" فلن يقبل لي عذراً، فأرجو أن تجبر بخاطره ونذهب الآن ولو لمدة وجيزة.
وقال من حولنا: والله إن هذا الرجل يستحق الزيارة فهو فاتح بيته لجميع الطلاب من العرب، يكرمهم ويضيفهم وتخدمهم زوجته كخدمة كل أمّ من أمّهاتنا في بيوتنا.
وخرجت مع الطالب الذي اقترح عليّ الزيارة وعلى زوجتي وابنتي "بلقيس" التي كانت معنا في زيارة يوغسلافيا واليونان وغيرهما.
ووصلنا إلى الدور الرابع من عمارة تقع على ميدان سكة حديد "زغرب"، وضغط أخونا جرساً، وبقينا دقيقة أو دقيقتين حتى رأينا أن النور قد أضيء، وكنت حرجاً من أن هذه الزيارة في مثل هذا الوقت غير مناسبة، غير أن الباب قد فتح حالاً وأطلّت علينا سيدة في نحو الستين من عمرها، كانت قد ذهبت إلى غرفة نومها عندما ضغط الجرس، وتحسّبت أن هناك ضيوفاً لتأخذ المنديل وتغطّي به شعر رأسها، ورحبت بمن دلّنا على بيتها وهو صديقهم، وقالت له باللغة اليوغسلافية التي يتقنها من الجامعة أن تفضلوا، ودخلنا نحن الأربعة، فرحبت بنا إلى قاعة الجلوس مستغربة الزيارة المتأخّرة، ومستفسرة بملامح وجهها من صاحبنا الطالب عمّن يكون هؤلاء الضيوف الذين أتى بهم، فما لبث أن قال لها وكان مرحاً باسم الوجه: تخيّلي من هؤلاء الذين يزورونك في منتصف الليل؟ وكان قد سألها عن زوجها فقالت له: سيجيء الآن فهو يسهر في بيت مجاور.
قالت له: لا أعلم! فقال لها: خمّني! فقالت وهي مبتسمة في حياء ووقار نحو زوجتي وابنتي: لعلهم من "البوسنة" أو "الهرسك" وهما إقليمان في يوغسلافيا الجنوبية مشهوران بسكّانها المسلمين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :531  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 158 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج