شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
صدر في الصحافة وإذاعات العالم
ولقد ضللتنا الصحافة والإذاعات العالمية في أوروبا بما كانت تذيع وتنشر وتصوّر عن قوّة الإمبراطور هيلاسلاسي وبأس قبائله وضراوة محاربيه. وأنهم سيفتكون بالجيش الإيطالي الغازي، وينتصرون عليه كما انتصر أسلافهم على أسلافه في الحرب الإيطالية الحبشية في القرن الماضي، وتضخّم وسائل الإعلام الإنجليزية والفرنسية ومن تابعها هذا الموضوع، يرهبون به إيطاليا لا حبًّا في إمبراطور الحبشة وشعبه وأمّته، ولكن حقداً دفيناً منهم على الزعيم الفاشستي موسوليني، ولطالما أكبروا من قدر زعماء وقادة ورؤساء قبائل الحبشة، ويقود كل واحدة منها من كان يلقب (بالرأس) مثل الرأس (كاسا) وغيره، وينشرون صورهم برماحهم وجماجم رؤوسهم الوافرة الشعر، فيفرح السذج من مبغضي إيطاليا في العالم، ويعتبرون الإطراء هذا من وسائل الدعاية تلك شهادة على إيمانها بما تقول، وما هو إلاّ الخديعة والمكر والشغب من بريطانيا وفرنسا يفتنون به شعوب العالم الثالث والعرب منهم، وإلاّ فإنهما تعلمان علم اليقين بأن العلم الحديث في الحرب لن تغلبه القبلية ولا البدائية ولا الجهل ولا الفوضى. وهكذا كنّا ندور في أعاصير من ذلك الصخب والغشّ والخداع حتى تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وتلاشت خرافة (الرؤوس) وعبقرية حفيد (يهوذا) هيلاسلاسي، فلاذ بالفرار من بلاده، وتشتّت شمل جيشه، وتخطّت فلوله حدود الحبشة فارّين بأرواحهم لاجئين إلى البلدان المجاورة لبلادهم كالسودان وجيبوتي الفرنسية والصومال البريطاني والإيطالي ودول أواسط أفريقيا. وصحا العرب من أمانيهم وآمالهم وسذاجتهم على أهازيج النصر في روما وفي أديس أبابا وأسمره، فوجموا وخمدت حماستهم وتبخّرت عواطفهم التي كانت تتأجّج بلا عقل ولا منطق، كدأبهم فيما يحبون وفيما يكرهون في عهود انحطاطهم الأخيرة، وتباعدهم عن الواقعية والحقائق، وتعاميهم عن الأسباب والمسبّبات في حماس الأمة العربية الإسلامية للحبشة ولإمبراطورها يومئذ، نسينا كلّنا تحت عاطفة عرفاننا لجميل تلك البلاد وضيافتها للمسلمين في غرة ظهور الإسلام بمكة، يوم أمرهم النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يعبروا البحر الأحمر إليها حتى يظهر الله الإسلام في مكّة نفسها وفي المدينة بعد ذلك ثم في جوانب جزيرة العرب كلّها، كنّا خلال القرون الأربعة الماضية ولا نزال تحت تأثير ذلك الشعور بالمحبة للحبشة، وهي بلا شك تستحق منّا ذلك، غير أننا كنّا ناسين المجازر الدامية التي تسلسل سفّاحوها من حكامها في تاريخ البلاد وهم يقومون بإفناء المسلمين فيها، وفي ما كان ملحقاً بها أو تابعاً لها، ممّن جاورها من أصقاع ذلك القرن الإفريقي المنبسط على تلك الرقعة الشاسعة والمترامية الأطراف من أفريقيا الشرقية عبر تلك القرون الأربعة، فمحوا الإمارات والسلطنات والولايات والمقاطعات الإسلامية في كل مكان منها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :505  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 74 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج